همتك نعدل الكفة
3٬895   مشاهدة  

باب الحديد.. من يستطيع عصيان أوامر الجمهور؟

باب الحديد.. من يستطيع عصيان أوامر الجمهور؟ ........................


يبدأ فيلم “باب الحديد” من اللحظة الأولى وكأنه يقدم حياة شخوص الأبطال من خلال حكاية تقع داخل محطة باب الحديد، فاللقطات الإفتتاحية للفيلم يظهر فيها الفنان حسن البارودي “بائع الجرائد بالمحطة” بنبرة ساخرة من الذين يهجرون بلادهم سفرًا إلى القاهرة حالمين بالسعادة.

أنتج الفيلم عام 1958 وهي الفترة التي لم يكن مقبولًا  فيها أن يكون “قناوي” بطلًا لفيلم سينمائي، بالإضافة إلى أن يظهر البطل المعتاد للجمهور الفنان فريد شوقي حمالًا في محطة للسكة الحديد يدافع عن حقوق الحمالين”الشيالين” بضرورة إنشاء نقابة تحافظ على حقوقهم وتحمي حياتهم.

عندما قدم السيناريست عبد الحي أديب الفيلم للمصنفات الفنية، كان باسم “القطيع” لكن أحد أعضاء الرقابة وهو شيخ أزهري معمم، اعترض على الاسم وطالب بتغييره بالإضافة لتعديلات إضافية أخرى، لكن “نعمان عاشور” نائب رئيس الرقابة وقتها، تحمس لسيناريو الفيلم ونصح “أديب” بتغير اسم الفيلم ليكون “باب الحديد”. حسبما قال عبد الحي أديب في حواره المنشور في كتاب” الرقابة.. مأزق التعبير بين الكاتب والمخرج” لأمل فؤاد.

باب الحديد

كواليس

يعرف المنتج السينمائي جبرائيل تلحمي تركيبة الأفلام السينمائية التي يقبلها الجمهور، فقد سبق له أن رفض بعض السيناريوهات التي كتبها نجيب محفوظ لأن الجمهور لن يقبل عليها، فقبل إنتاج فيلم “باب الحديد” في ظل الفنان فريد شوقي، والمخرج يوسف شاهين ، اللذين منحا له طمأنينة في مسألة النجاح الجماهيري للفيلم.

كان الفنان شكري سرحان ضمن الفنانين المرشحين لأداء شخصية “قناوي” لكن خلاف على مبلغ خمسين جنيهًا زيادة على أجرة أفسد الاتفاق، وكان الفنان محمود مرسي مرشحًا لشخصية  زعيم “الشيالين” لكنه اعتذر.

أما الفنان محمد توفيق الذي اقترب من تجسيد شخصية “قناوي” خاصة بعدما وقع على العقد وقبض مبلغ 20 جنيهًا كمقدم لقيمة العقد، يروي في حوار له مع الإعلامي مفيد فوزي، أنه بعدما قبض العربون، فوجىء بأنهم بدأو التصوير في أحداث الفيلم، دون أن يبلغه أحد أو يطلبه للتصوير، إلى أن انتهى التصوير من أحداث الفيلم كلية، وهو ما جعله يعاتب “شاهين” الذي خطف الدور _على حد قوله_ فقد التقيا في تونس، فما كان من “توفيق” إلا أن قال لـ”شاهين” : “تعالى يا حرامي الدور”، وتكرر الموقف نفسه في مقابلة جمعتهم بأحد الفنادق، وكرر “توفيق” نفس عتابه ” تعالى يا حرامي الدور”.

باب الحديد

السيناريست عبد الحي أديب أوضح في حوار صحفي بجريدة الحياة 1999، أن المنتج جبرائيل تلحمي وافق على ظهور يوسف شاهين في الفيلم ليجسد شخصية قناوي لأسباب تجارية بحته “أهو اسم نجم نبيع بيه الفيلم”.

جاء رد المخرج يوسف شاهين في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي مفيد فوزي على أنه كان الأجدر بتجيسد شخصية “قناوي”، لأنه يرى أن الممثل المصري لا يعطي للدور حقه من خلال المعايشة والتقمص، فقد كان “شاهين” يعيش بشخصية “قناوي” طوال فترة تصوير الفيلم، وهو ما أزعج زوجته.

الفنانة هند رستم التي شاركت في الفيلم بتجسيد شخصية “هنومة” بائعة زجاجات المياه الغازية، عبّرت في لقاءاتها عن صعوبة العمل مع المخرج يوسف شاهين في الفيلم، فقد كانوا يقطنون في أكشاك في محطة السكة الحديد فضلًا عن طيشه أو جنونه في تصوير المشاهد، فقد أصيبت في قدمها إثر وقوعها على قضبان القطار ومكثت في المستشفي لمدة ثلاثة أيام للعلاج.

باب الحديد

وصفت الفنانة هند رستم  في حواره نُشر في كتاب للصحفي أيمن الحكيم  “هند رستم.ذكرياتي” للكاتب الصحفي أيمن الحكيم، عن ظروف العمل في الفيلم، ووصفت “شاهين” بالمجنون، فكان يطلب منها أن تقف على سطح القطر وهو يجري، وتقفز من عربة لأخرى، فردت : ” يا يوسف إنت عيان ولا إيه؟ إنت فاكرني هنومة بجد؟ أنط إزاي والقطر بيجري؟” .

خيبة أمل

السيناريست عبد الحي أديب استنكر السقوط الرهيب الذي لاقاه الفيلم في البداية، قال في حوار صحفي، إن طاقم العمل كانوا في حالة انهيار عصبي، كيف يسقط الفيلم هذا السقوط الشنيع؟ فمن اليوم الأول للفيلم رفضه الجمهور، رغم قبوله من المثقفين.

وأرجع هذا السقوط إلى مواصفات البطل السينمائي السائدة وقتها، أواخر الخمسينات، كان لها شروط معينة، فكيف يظهر فريد شوقي ملك الترسو ووحش الشاشة، بما يخالف القاعدة، بعد أن كان يضرب الجميع في أفلامه، يظهر دون أن يضرب أحد، كما أنه جسد شخصية”شيَال” بمحطة السكة الحديد.

باب الحديد

فشل الفيلم جماهيريًا وتّر العلاقة بين السيناريست عبد الحي أديب  والمخرج يوسف شاهين، وفشلت بعض المشاريع السينمائية فيما بعد، فبعد فيلم “باب الحديد” كان بينهما مشروع فيلم “صراع الأبطال ” للمنتج عز الدين ذو الفقار، فرفض “شاهين” وأنسحب “أديب” وأسند الإخراج لتوفيق صالح، وأكمل السيناريو صبري عزت، وتكرر فشل التعاون بينهما في فيلم “نداء العشاق”  اختلفا أيضًا فاستعان “شاهين” بالسيناريست وجيه نجيب.

إقرأ أيضا
الكينج

كما  بدأ السيناريست عبد الحي أديب في تغير نهجه في الكتابة للسينما، فبعد أن كان يكتب كما يشاء ويهوى، يحكمه فكره،  دون الخضوع لقيود السوق والسينما التجارية، لم يعد حرًا خصوصًا بعد نجاح فيلمه “امرأة في الطريق” 1958 فطلب منه المنتجين هذه النوعية من الأفلام، كما قرر ألا يكتب إلا بعد الاتفاق مع المنتج والبطل على قصة الفيلم، يقول في حوار صحفي له :”السينما فن وصناعة وتجارة، ودي فلوس ناس، لازم ترجعلهم تاني بمكسب”.

باب الحديد

باب الحديد 2

في حوارها لجريدة الأهالي 1982، بعد اتخاذها لقرار اعتزال السينما، عُرض عليها العودة للمشاركة في فيلم “باب الحديد 2” ، لكنها انتظرت حتى ترى السيناريو الذي كان يعكف على كتابته محمد أبو سيف وسيشارك فيه يوسف شاهين وفريد شوقي، نفس أبطال الفيلم.

ما جعل “رستم” تفكر في العودة للتمثيل مرة أخرى، فكرة الفيلم الذكية، كما أنه امتداد لنفس قصة الفيلم الأولى، خاصة بعدما أصبح “باب الحديد” فيلمًا عالميًا، وعُرض في 26 دولة فضلًا عن تدريسه في معاهد فنية دولية.

لكنها رفضت المشاركة في الجزء الثاني من الفيلم، بعدما رفض بعض أبطال الفيلم الأول المشاركة.

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
1
أعجبني
5
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان