باحث بجامعة جورج واشنطن لـ “الميزان”: يمكن للمظاهرات الطلابية التأثير على سير الحرب في غزة
“إذا باركتم إسرائيل سيبارككم الرب”.. اشعلت تلك العبارة فتيل احتجاجات الجامعات الأمريكية على مدار الأسابيع الماضية والتي لم تخمد نيرانها حتى كتابة تلك السطور بعدما قامت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا بفصل عدد من الطلاب ووضعهم تحت المراقبة التأديبية وانتداب فريق للتحقيق معهم في انتهاك صارخ لحقوقهم الدستورية والقانونية بعد قيامهم باحتجاجات سليمة مؤيدة لفلسطين.
تصريحاتها التي أدلت بها رئيسة جامعة كولومبيا أثناء جلسة استجوابها أمام مجلس النواب الأمريكي لم تقف عند حدود الجامعة التي تديرها بل وصل صيتها إلى الكثير من الجامعات الأمريكية والتي من بينها جامعة ولاية أريزونا، كلية بارنارد، جامعة دنفر، جامعة إيموري، جامعة جورج واشنطن وغيرها من الجامعات والتي شهدت اعتقال نحو 2200 شخص حتى الآن من الطلاب والعاملين بالجامعات، بجانب عمليات مداهمة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ورغم لذلك لم تهدأ عمليات الاحتجاجات.
دور تاريخي
الدكتور عاطف عبد الجواد، باحث في العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن والمحلل السياسي والخبير بالشؤون الأمريكية، أكد أن الطلاب في الجامعات الأمريكية كان لهم دور تاريخي على الدوام في التأثير على الأحداث داخل الولايات المتحدة وخارجها أي في العالم، كدليل على ذلك مشاركة الطلاب في حركة الحقوق المدنية داخل الولايات المتحدة في 1968 ثم الاحتجاجات الطلابية على حرب فييتنام ثم على التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا 1985 ثم على غزو العراق.
وأضاف “عبد الجواد” لـ “الميزان” أن تلك الاحتجاجات جاءت بالتغيير المنشود مما يدلل على فعالية الدور الطلابي. مُشيرًا إلى أن هذا الدور يزداد أهمية هذا العام لأنه عام الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة والطلبة يشكلون نسبة عالية بين قاعدة الناخبين في الحزب الديموقراطي، أي أن مستقبل الرئيس بايدن رهينة في يد الطلاب.
وأشار إلى أنه رغم أن إدارة الجامعات نجحت جزئيًا في فض بعض المظاهرات داخل الحرم الجامعي عن طريق تفكيك مخيمات المتظاهرين والقبض على بعض المتظاهرين وفصل أو طرد البعض الآخر فإن الحركة الطلابية لتأييد الفلسطينيين والاحتجاجات ضد إسرائيل ما زالت مستمرة وتنتشر في أنحاء الجامعات الأمريكية.
وأوضح أن السبب وراء هذا الاستمرار هو المرونة التي تتسم بها الاحتجاجات فإدارة الجامعات تطلب من الشرطة تفكيك المخيمات لأنها تشمل تعديًا على الملكيات الخاصة، لكن المحتجين يجدون أماكن أخرى لا تخضع للملكية الخاصة، كما أن الجامعات تخضع حاليًا لضغوط كبيرة للتراجع عن قرارتها فصل أو طرد المحتجين حتى يتمكن الطلبة من استكمال تعليمهم.
انتقال الانتفاضة
ولفت إلى أن الجامعات تواجه معضلة فهي من ناحية يجب أن تسمح بالحق الدستوري بحرية التعبير عن الرأي ولكن من ناحية أخرى يجب أن تمنع التعدي على الملكيات الخاصة داخل أو حول الجامعات، تلك التظاهرات تعني أن الانتفاضة الفلسطينية انتقلت فيما يبدو من الضفة الغربية وغزة إلى كولومبيا وجامعات أمريكية أخرى، ولكن تلك الانتفاضة اليوم سوف تستمر لعوامل عديدة من بينها سمعة الجامعات كما أن تلك الاحتجاجات جزء من تحول واضح في توجهات المجتمع الأمريكي إزاء النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
أشار إلى أن أعداد القتلى والجرحى في حرب غزة لا يضاهيه ارتفاعًا إلا أصوات طلبة الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة من شرقها إلى جنوبها ومن شمالها إلى جنوبها.
أوضح أن القوات الأمريكية لا دخل لها في قمع المظاهرات، وإنما هو قرار تتخذه كل جامعة على حدة وتطلب فيه من الحرس الجامعي وشرطة الولاية التدخل لفض الاعتصام أو احتلال ملكيات خاصة داخل الحرم الجامعي، حتى قوات الشرطة ليست سلطة فيدرالية وإنما تخضع لقوانين الولاية أو المدينة، والقرار يأتيها في طلب من إدارة الجامعة.
وعن مدى تأثير تلك الاحتجاجات على الأحداث في غزة، لفت إلى أن احتجاجات الطلاب سيكون أثرها على سير الحرب أضعف ولكن التاريخ شاهد على فاعلية الطلاب كما شهدنا في أثرها على الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في الثمانينيات، و السبب في ذلك هو أن الطلبة يدعون الجامعات إلى وقف التعامل مع الشركات الأمريكية التي تستثمر في إسرائيل وهي كثيرة،ومن تلك الزاوية يمكن للطلبة التأثير في سير الحرب حتى خارج الولايات المتحدة.
إقرأ أيضًا.. هل اقتربت حرب غزة من النهاية؟