بدلة الرقص الشرقي .. كثير من التراث في زي واحد
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في كتابها “الإمبريالية والهِشك بشّك” أخبرتنا الباحثة شذى يحيى كيف أن الرقص الشرقي شكَّل منذ حملة نابليون وما تلا ذلك من الهوس والولع الذي أصاب الكُتاب والرحالة بالراقصات كإطارًا معرفيًا للتفاعل الثقافي بين الشرق والغرب على مستوى الأدب والفن التشكيلي والفوتوغرافيا وفنون الأداء ، ويرجع بعض باحثي الأنثروبولوجيا جذور هذا الفن لطقوس كانت تقام في معابد الإلهات الإناث ، على الأخص حتحور وعشتار إنانا ، وهذا الفن يعتمد على حركة الجذع والبطن واهتزاز الأرداف وهذا ما يميزه عن باقي أنواع الرقص ، ويكسبه سمعته وشهرته بالحسية والإغواء. أما عن التعريف الأشمل للرقص الشرقي فهو عبارة عن منظومة من الرقصات يعود منشأها في الأساس لشمال إفريقيا والشرق الأوسط ، ولها جذور في وسط آسيا، وتم تهجينها وتطويرها في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم، وأصبحت جزءً من الأداءات الراقصة العامة ، والخاصة في القرى.
رائد تصنيع بدلة الرقص
ذكرت الباحثة في أحد فصول الكتاب الذي يحمل اسم “قصة اختراع الزي الشرقي الراقصة والآرت نوفو” وفيه تفاصيل اختراع بدلة الرقص الشرقي وقد كان هذا على يد مصمم الآرت نوفو ورسام الرسوم التوضيحية الشهير ليون باكست، كان بكست يهوديًا من روسيا البيضاء تخرج من كلية الفنون الجميلة بسان بترسبورج وهاجر إلى فرنسا وحقق فيها شهرة في الرسم الصحافي كما عمل في تصميم أزياء فرقة البالية الروسية التي كان يملكها دياجليف وصمم لهم العديد من الأزياء المستوحاة من الشرق على الأخص لباليه شهرزاد سنة1910 م .. وكيلوباترا في العام نفسه مستوحيًا سحر الشرق الذي أولع به بعد زيارته لشمال إفريقيا وأيضًا بعد دراسته لفترة في مرسم رسام الإستشراق الأشهر جان ليون جيروم.
فكرة التصنيع
أقر المصمم باكست أن تصميماته لشهرزاد جاءت مستوحاة من عدة مصادر مثل موتيفات العالم العربي والقوقاز وتركيا ووسط آسيا إضافة لرسوم المنمنمات الفارسية ورسوم الأواني اليونانية وفنون بيزنطة ومصر القديمة وكل ما يمكن أن يخلق شكلًا غريبًا وغامضًا ومثيرًا على الجسد دون قيود معينة.. بينما أرجع مؤرخون آخرون فكرة بدلة الرقص للعصر الفرعوني حيث كانت السيدات ترقصن لإله الخصوبة بملابس مكشوفة ومزينة بالحلي والألوان ، تقديرًا لإله الخصوبة ومكانته .
التشكيل الأول للزي الرسمي
يعد أهم تصميمات بدلة الرقص الشرقي التي قام بها باكسيت هو كشفه تمامًا عن الجذع وتعرية وترك الجسد بلا دعامات سوى حمالة الصدر وحزام الأرداف أيضًا إستعماله للألوان الجريئة البراقة وإعتماده على التطريز وتطويره لتصميم البنطال المنتفخ وإعتماده على العمامات الملونة للرأس ولاريس والإكثار من الحلي والقصات فكانت جذوع ممثلات شهرزاد العارية بداية الثورة على عصر المشد الكورسية، وهي أيضًا التي حددت المميز الرئيسي لـ بدلة الرقص الشرقي وللراقصة الشرقية البطن والجذع العاري والسيقان المكشوفة تحت القماش الشفاف ، شكل المرأة اللعوب الفريد بكل رشاقتها وغوايتها وإغراءها ، الشكل الذي سمي فيما بعد “بدلة رقص الكبارية”
أول ظهور للبدلة
بعد وضع اللبنة الأولى في بناء بدلة الرقص الشرقي أعطى الزي قوة لحركة الجذع والساقين والزراعين خطوط الجسد عامة تم توضيح حركتها وتقوية آثرها بصريًا من خلال تأطيرها بالحلي والأقمشة الشفافة ، جماليات الحركة أيضًا تم إظهارها بالأوشحة السابحة في الفضاء حول الراقصة لتوحي أكثر بأجواء الحلم الخيالي والإيروتيكية إضافة لإبتكار حجاب الشيفون الذي يخفي وراءه وجه ورأس الراقصة لإعطاء نكهة شرقية أخاذة على العرض والتي بدأت مع رقصة الحجاب لكيلوباترا، هي نفس الأزياء التي تم استحياءها وتطويرها فيما بعد لأفلام سينمائية ذات مواضيع شرقية مثل الشيخ 1921 .. وفيلم لص بغداد 1924 ، وغيرها من الأفلام التي رسخت للشكل الحالي للراقصة الشرقية كخليط من الفن والجمال والغواية والشهوانية .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال