برامج مهارات البقاء على قيد الحياة.. من العراء إلى التعري!
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
متعة، إثارة، وواقعية؛ مؤهلات دفعت العديد من محبي الوثائقيات إلى متابعة برامج مهارات البقاء على قيد الحياة، وربما تفضيلها على غيرها. ولا نبالغ حين نقول أن جزء كبير من شباب جيل ما قبل السوشيال ميديا قضى سنوات مراهقته يتابع الأربعة مواسم من Man vs. Wild. لكن الآن الوضع تغير، وأصبحنا أمام نوعية من الوثائقيات المشوهة، لا ندري حقيقةً ما نوع الفائدة التي تعود على المشاهد منها.
كانت سلسلة Man vs. Wild لبير جريلز من أوائل البرامج المنتمية لتلك النوعية، إن لم تكن أولهم وأطولهم على الإطلاق؛ حيث استمرت لسبعة مواسم من 2006م حتى 2020م.السلسلة التي قدمها جندي القوات البريطانية الخاصة السابق، بير جريلز، لقناة “Discovery” حققت 1.2 مليار مشاهدة حول العالم، وترشحت لجائزة الإيمي.
باراك أوباما يشارك في برنامج مهارات البقاء
في الواقع بير جريلز أحد أكثر مقدمي تلك البرامج شهرة وتأثيرًا؛ نتيجة لسيناريو محتفظ دائمًا بالإثارة، والتنوع، وقدر من الواقعية. اصطحبنا خلال برامجه إلى رحلات جامحة في الطبيعة، ليخوض اختبار قاسي في مهارات البقاء على قيد الحياة وحيدًا في الأدغال، والصحارى، والجزر المنعزلة. حيث يحاول النجاة في تلك البيئات الصعبة بوسائل متطرفة، مثل تناول الحشرات والزواحف واستخراج المياه الصالحة للشرب من سيقان الأشجار.
بالطبع لا تكون السيناريوهات المعروضة واقعية 100%؛ يلتزم فريق العمل في برامج مهارات البقاء بأقصى درجات الحيطة والحذر أثناء التصوير. وفي الحقيقة لا يكون جريلز وأصدقائه عرضة للمخاطر التي نعيشها معهم عبر التلفاز، ما نشاهده هو نتيجة لعمل وثائقي سينمائي محترف.
خلال سلسلته “Running Wild” خرج جريلز مرة أخرى إلى مغامراته المثيرة؛ لكن تلك المرة بصحبة شخصيات شهيرة مثل جوليا روبرتس وكيت وينسلت، وبالطبع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. كما اصطحب رئيس الوزراء الهندي مودي وعدد من نجوم بوليوود خلال مغامراته المصورة؛ جعلت فيلمه Netflix India Ranveer Vs Wild ثاني أكثر الأفلام شهرة في الهند.
على الوتيرة نفسها تم إنتاج العديد من السلاسل المشابهة لما يقدمه بيل جريلز، مثل سلسلة “Primal survivor“ التي يقدمها هازين أوديل من إنتاج ناشيونال جيوجرافيك وديزني. إلا أن مقدم البرنامج يلجأ لطرق بدائية مستمدة من ثقافة قبائل السكان الأصليين في الأمازون، بدلًا من مهارات البقاء الأكثر الحداثة التي يعتمد عليها جريلز.
كل ما هو غريب يحقق مشاهدات.. حتى في الوثائقيات!
كان هذا العصر الذهبي لنوعية من الوثائقيات قضى معها جيل التسعينات مراهقته وشبابه على قنوات ناشيونال جيوجرافيك وديسكفري، قبل أن تتحول مهارات البقاء من النجاة في العراء إلى التعري. حيث ظهرت عدة برامج من إنتاج ديسكفري تقدم مهارات البقاء بطراز جديد، يفرض على مقدم البرنامج والمشاركين خوض التجربة عراة.
15 موسم من Naked and Afraid بنسخ مختلفة من البرنامج الذي يدور حول فكرة واحدة، الإلقاء بمجموعة من الأشخاص في بيئات برية بدون ملابس، فقط مع حقيبة صغيرة بها معدات بسيطة. الفكرة غريبة ولا يمكن تقبل كونها لبرنامج وثائقي، ناهيك عن كونه حقق نجاحًا استمر على مدى 15 موسم.
حكمة مفقودة من متابعة وثائقي كل ما يقدمه هو مجموعة من العراة يحاولون مجاراة الحالة والبرنامج، حتى أسهل مهارات البقاء على قيد الحياة لا يقدمها البرنامج. أنت فقط ترى المشاركين يحاولون اصطياد ثعابين وحشرات لتناولها، أو يصطحبوا الجمهور في رحلة لا فائدة منها مع حياتهم الشخصية.
تنتمي تلك الأنواع من البرامج الجديدة للفئة الترفيهية أكثر منها وثائقية، ولا يمكن إنكار رغبة شريحة من الجمهور في متابعتها للترفيه؛ لكنها تفتقد أقل قدر من المنطقية حتى في السيناريو. لا يوجد سبب وجيه لنزع المقدم والمشاركين ملابسهم بالكامل، كما لا يوجد مبرر لمساعدتهم بحقيبة معدات بسيطة لو كانت الفكرة قائمة على تقديم مغامرة يعتمد فيها الشخص على نفسه بالكامل.
رغم تغير الأذواق واتجاه الإنتاج نحو نوعية غريبة، تحتفظ تلك البرامج بجمهورها ومحبيها. حتى لو احتمال مواجهتك للطبيعة بمفردك في يوم من الأيام أقل من أن تأخذه بعين الاعتبار، ستجد نفسك منجذبًا لمشاهدة بيل جريلز ونصائحه حول اتقاء لسعات الجليد أو تمييز الثعابين السامة من العادية.
وإن لم تكن من جمهور البرامج الأجنبية، يقدم الرحالة المصري شاهين برنامج على اليوتيوب لا يقل روعة عن رحلات المغامرين على شاشة ديسكفري. حيث يقدم نفسه من خلال قناته كمدرب لمهارات البقاء، ومستكشف يطوف البيئات المتطرفة لتطبيق مهارات النجاة منذ 10 سنوات.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال