بسبب شُح الوقود في غزة.. الشلل يضرب “الأونروا”
مع تأزم الوضع في فلسطين وبالأخص في قطاع غزة تبعًا للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم 7 أكتوبر 2023 إلى الآن، ردًا على عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها قوات المقاومة الفلسطينية “حماس”، فإن كافة القطاعات والمؤسسات تدهورت وتأثرت بشكل كبير من بينها وكالة الأونروا، والمكلفة بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وتوفير كافة الخدمات الإيوائية والصحية والتعليمية لهم، فمن المؤسف أن الوكالة خرجت في بيان لها منذ أيام مُعلنة تضرر ما يقرب من 40 منشأة تابعة لها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
وهو ما يزيد من صعوبة الأوضاع، وإعاقة وكالة “الأونروا” عن مواصلة عملياتها الإنسانية في القطاع، فقد أشارت الوكالة في بيان لها سابقًا إلى أنه في ظل نقص الإمدادات فإن ملاجئها في غزة تعمل بأربعة أضعاف طاقتها الاستيعابية، وحذر المفوض العام للأونروا “فيليب لازاريني” بشدة من استمرار تضيق الخناق وإحكام الحصار على مليوني شخص يقطنون داخل قطاع غزة، ما قد يتسبب في توقف الاستجابة الإنسانية تبعًا للنقص الحاد في الوقود، والذي قد ينتج عنه بالتأكيد صعوبة وصول المساعدات إلى المدنيين الذين هم أمس الحاجة لها.
بعد المساعدات الشحيحة.. تحذيرات الأونروا من خطورة انتهاء الوقود وتوقف الاستجابة الإنسانية
من تحليل هذه التحذيرات فإنها إشارة إلى موت بالبطيء لأهل غزة، فلم يعد هناك وفرة في المواد الغذائية أو المستلزمات الطبية حتى أنهم اضطروا لتعويض نقص المياه بالشرب من مياه البحر المالحة والاستحمام بها، فإن نجى بعضهم من القصف الهمجي لقوات الاحتلال فإنهم قد يلفظون أنفاسهم من حدة نقص المتطلبات المعيشية الأساسية ليبقوا على قيد الحياة، ما يتطلب توفر الوقود لنقلها إليهم.
لذا زادت المطالبات من قبل المتحدثين باسم الوكالة كـ”تمارا الرفاعي” التي نادت في لقاء تلفزيوني لها قائلة: “ما نريده هو تدفق مستمر وآمن للمساعدات الإنسانية، وعلى رأسها الوقود.. نحن نطالب بدخول الوقود إلى غزة حتى نتمكن من تشغيل محطة تحلية المياه و تشغيل الآلات المنقذة للأرواح في المستشفيات، ونتمكن من استمرار حركة الشاحنات لتوزيع المساعدات”، ووصفت وصول بعض المساعدات إلى أراضي القطاع بأنه “انفراج نسبي أو بالأدق هي بمثابة قطرة”، حيث أن عدد الشاحنات التي تمكنت من الدخول قليلة جدًا في مقابل الحاجات الضخمة اليوم في غزة، فالمقدار الطبيعي لدخول المساعدات إلى القطاع قبل العدوان الإسرائيلي الأخير هو 500 شاحنة يوميًا، من ضمنها 45 شاحنة وقود فقط.
ازدياد عدد النازحين إلى الجنوب في ظل نقص الإمدادات والاستهداف الغاشم للمخيمات
وبالتزامن مع نقص كافة الإمدادات وإغلاق المخابز أبوابها وانقطاع الخدمات العامة من مياه وكهرباء، ازدادت أعداد النازحين من منازلهم في شمال قطاع غزة إلى الجنوب، فارين بأولادهم وعائلتهم من الغارات الجوية المكثفة على منازلهم، وقد بلغ عددهم أكثر من 613 ألف نازح وتم استيعابهم في 150 ملجأ تابع للأونروا، فإجماليًا أصبحت الوكالة تأوي أكثر من نصف مليون شخص من أصل حوالي مليون نازح في جميع أنحاء القطاع، منهم من أصبح مشردًا لا يجد مكان يأويه ويحتمي به هو وأسرته، فقد اكتظت أماكن الإيواء باللاجئين.
لكن رغم لجوء بعض المدنيين للوكالة واستجابتهم لدعوات الكيان الصهيوني بالنزوح إلى جنوب غزة وإدعاءه بأنها المنطقة الأكثر آمنًا، لم يسلموا من القصف فبالأمس تم استهداف مخيم النصيرات التابع لوكالة الأونروا بعدة قذائف، راح ضحيتها الكثير من الشهداء من بينهم أفراد من عائلة المراسل الصحفي “وائل الدحدوح”.
الكل معرض للاستهداف حتى الموظفين الدوليين
الوضع في غزة في غاية الخطورة، كل الأماكن باتت معرضة للاستهداف حتى المستشفيات والمدارس ومخيمات اللجوء التي تعد من الأماكن المحظور قصفها من منطلق الإنسانية وحماية المدنيين، فحتى بعد أن قامت وكالة الأمم المتحدة “الأونروا” بنقل مقر عملياتها المركزي وموظفيها الدوليين إلى جنوب غزة في 13 من أكتوبر بعد مناشدات الكيان الإسرائيلي بإخلاء شمال القطاع، تم استهداف عدد من الموظفين بالوكالة ما أسفر عن مقتل ما يقرب 38، من بينهم 3 لفظوا أنفاسهم الأخيرة أمس، وإصابة عدد منهم وفقًا لتصريحات “الأونروا”.
حصارٌ محكم، قصفٌ عشوائي، محو لعائلات بأكملها من السجل المدني حتى بلغ عدد الشهداء ما يقرب من 7000 بينهم أطفال ونساء، ونقص حاد في مستلزمات المعيشة من مواد غذائية وطبية، ولا زال المجتمع الدولي يشاهد الوضع ويلتزم الصمت، فإلى متى!