بعد الأزمة الأخيرة مع شركة سبوتيفاي ننفرد بحوار خاص مع الملحن مديح محسن حول حقوق الملكية الفكرية
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ليس حوارًا شخصيًا عن أزمة عابرة حدثت لأحد الملحنين مع منصة لعرض الموسيقى قررت انتهاك حقوق الملكية الفكرية له، ولكن حوار شامل عن أزمة صناعة الأغنية حاليًا والمشاكل الضخمة التي تقابل صناع الموسيقى في مصر أمام شركات إنتاج تبحث عن مصالحها الشخصية على حساب أي شخص ، مطربين نجوم يتعالوا على صناع الأغنية في مصر متناسين أنه لولا الشعراء والملحنين والموزعين ما نجحت لهم أغاني بالأساس.
في عز الأزمة التي تعيشها الأغنية المصرية على صعيد الإنتاج أو الجودة، حدثت مشكلة كان بطلها الملحن مديح محسن والشاعر حمادة السيد مع منصة سبوتيفاي لعرض الموسيقى والتي استخدمت أغنية “”عشأنجي” في إعلان ترويجي لها دون استئذان من صناعها، لذا قررنا أن نطل على تلك المشكلة التي قد تبدو بسيطة في حوار مع الملحن مديح محسن فتحنا فيه أبوابًا للحديث لم تفتح من قبل عن الأزمات والمشاكل التي تواجه صناع الموسيقى في مصر وصراعهم للحصول على حقوقهم المادية والأدبية مع شركات الإنتاج ومنصات عرض الموسيقى.
الجدير بالذكر أن مديح محسن ملحن مصري صدرت له العديد من الأغنيات أشهرها “اّه حبيبي” عمرو دياب ، “عشأنجي” تامر حسني، “متخفش من بكرة، عيشني أكتر” جنات، “أنا بابا” حميد الشاعري.
في البداية حدثنا عن أزمة أغنية عشأنجي؟
تفاجئت في أحد الأيام بتليفون من صديق يعمل في المصنفات الفنية يستفسر عن تصريح أغنية “عشأنجي” للمطرب تامر حسني وهل قمت بعمل التنازل المتعارف عليه من جمعية المؤلفين والملحنين أم التصريح الأخر الخاص بشركة روتانا.
حسنًا اشرح لنا ما هو تصريح روتانا وما هو الفارق بينه وبين التصريح المتعارف عليه؟
التصريح المتعارف عليه هي مجرد مستند بيمنح المطرب أو شركة الإنتاج الحق في تسجيل الأغنية في أي وقت دون اشتراط وجود الملحن أو الشاعر وتصريح بغنائها في الحفلات وبثها إذاعيًا أو تليفزيونيا أو على منصات التواصل الإجتماعي ومنصات تحميل المزيكا زي “سبوتيفاي – انغامي – ديزر – يوتيوب” بشرط أن تعود حقوق الأداء العلني لصناع الأغنية مع اشتراط وجود ورقة ترخيص العرض العام.
أما تصريح شركة روتانا فهو بيجردك من حقوق الأداء العلني اللي بتروح كلها لشركة روتانا وبتستخدم المصنف في أي مكان سواء “إعلان- فيلم – برنامج” دون الرجوع ليا في أي شئ، ويمكن ده كان عمل مشاكل في فترة بين بعض الشعراء والملحنين مع عمرو دياب وقت بسبب إصرار الشركة على أنك تتنازل عن كل حقوقك لصالحها.
هل تدفع روتانا مقابل هذا التصريح ترضية مالية فوق الأجر المادي المتعارف عليه للشاعر أو الملحن؟
لا تدفع الشركة أي مبالغ زيادة هي تدفع لك أجرك المعروف في السوق وبس، وده مش في صالح صناع الموسيقى .
ترخيص العرض العام؟
الترخيص ده بيتم عن طريق جمعية المؤلفين والملحنين سواء الجمعية الأم في فرنسا المعروفة باسم “ساسام” أو فرعها في مصر “ساسيرو” والجمعية هي اللي المسئولة عن تحصيل حقوق الصناع أعضاء الجمعية ما لم يتم التنازل بشكل رسمي لشركة الإنتاج أو للمطرب وساعتها الجمعية بتحصل الحقوق لصالحهم هما مش للصناع.
ماذا حدث مع منصة سبوتيفاي؟
التليفون اللي جالي من الرقابة على المصنفات الفنية كان استفسار عن أغنيتي “عشانجي” لان في شركة تواصلت مع المصنفات على أنها وسيط لمنصة “سبوتيفاي” في مصر ومحتاجة تصريح العرض العام لأغنيتي “عشأنجي” عشان إعلان مرئي على القنوات والسوشيال ميديا، وعليه الرقابة رفضت انها تديها أي تصريح لأن أنا والشاعر حمادة السيد بس اللي لينا الحق في إعطاء التصريح ده، ومن قام بالاتصال بي كان بيستفسر عشان يتأكد من نوع التنازل اللي عملناه لأن أحيانًا في صناع بتتنازل عن حقوقها لصالح الشركات زي ما قلت لك في تصريح روتانا.
أيه دخل شركة روتانا في الموضوع؟
روتانا هي الشركة الموزعة تجاريًا لألبوم تامر حسني الأخير اللي متسمي على أسم الأغنية محل الخلاف “عشأنجي” وبعد ما المصنفات رفضت أنها تدي سبوتيفاي تصريح العرض العام، تدخلت روتانا وقالت أنها تملك حقوق الأغنية كاملة وده مش صحيح لاني مديهم التصريح التقليدي فقط، حتي لما طلبوا مني بعد تنفيذ الأغنية أني اتنازل عن حقوقي كاملة طالبت بمقابل مادي يحفظ حقوقي لم يتم الرد علي وانتهى الأمر وحاليا أنا بحصل حقوقي كاملة من الجمعية عن الأغنية دي، وروتانا هي اللي رجعت للمصنفات عشان تاخد تصريح العرض العام الذي لا تملكه وتم رفض طلبها.
أول رد فعل منك تجاه الأمر؟
عملت منشور على صفحتي باني سوف أقوم بإجراءات قانونية في حالة استخدام منصة سبوتيفاي الأغنية داخل أي إعلان دون الرجوع ليا وللشاعر حمادة السيد.
وماهو رد فعل منصة سبوتيفاي؟
جاني اتصال من مدير المنصة في الشرق الأوسط طلب مني حذف المنشور وأن الشركة حريصة على حقوق الملكية الفكرية للصناع وتم التفاوض معي على مقابل يحفظ حقوقي المادية بعد أن يعود لفرع الشركة “سبوتيفاي” الأم.
بعدها جاني اتصال تاني وكان في البداية عايزين تصريح بالتنازل عن حقوقي كاملة مقابل مادي وانا رفضت الطلب ده وقلت له انا هديك تصريح العرض العام فقط مع الاحتفاظ بحقوقي وحقوق الشاعر كاملة وتم الاتفاق على إرسال مندوب لي لأخذ التصريح من الرقابة على المصنفات ويتم حل الأمر.
ماذا حدث بعد ذلك؟
أرسلت رسالة إلى مدير الشركة للتأكيد على المعاد ولم يتم الرد علي، ثم أرسلت رسالة أخرى أكدت فيها على حفظ حقوقي لعدم احترام الاتفاق ليرد على مدير الشرد بنفي أن منصة سبوتيفاي استخدمت الأعلان في أي مكان وأن شركة روتانا تعتبر شريك قانوني في الأمر وسوف يتم تعامل الأمر معها رغم علمه بأن روتانا لا تملك حق العرض العام ثم فوجئت بنزول الأغنية محل الخلاف داخل الإعلان على صفحات المطرب تامر حسني على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى صفحات منصة سبوتيفاي.
ما هي الإجراءات التي قمت بها لحفظ حقوقك؟
قمت بالتحدث إلى المحامي الخاص بي الذي تقدم بعدة بلاغ لحفظ حقوقي اختصمت فيها شركة سبوتيفاي والمطرب تامر حسني وتم إثبات جميع الأوراق والتصاريح والإعلانات التي لم تحذف ولازالت موجودة على كل المنصات دون تصريح كتابي مني بالعرض العام.
هل تم التواصل مع المطرب تامر حسني لحل الأزمة؟
أغلب المطربين لا يعنيهم حقوق الصناع في الغالب مادام هناك مصالح مشتركة مع منصات عرض الأغاني رغم علم تامر حسني بأن المنصة لا تملك حق العرض العام وكان يجب عليه التواصل مع الشركة لحفظ حقوق من عملوا معه.
ماتكملش من غير أغانيك يا تامورة😍💚 @tamerhosny https://t.co/ONNeYNKF7s
— Spotify العالم العربي (@SpotifyArabia) May 5, 2023
ورد فعل شركة روتانا؟
لم يتم التواصل مع روتانا التي تدخلت بدون صفة للحصول على تصريح العرض العام من المصنفات وتم رفض طلبها وبسبب هذا الرفض حدثت المكالمة الأولى معي من المصنفات.
هل أغلب الشركات تطلب التنازل عن الحقوق كاملة أم لا؟
للأسف في ظل أزمة الإنتاج الحالية التي تواجه الصناع، أغلب شركات الإنتاج تطلب تنازلات منهم على أن تكون هي المالكة الوحيدة للحقوق، وطبعا يضطر بعض الصناع لعمل التنازل ده تحت ضغط الاستمرار في التواجد داخل سوق الغناء وإلا لن يتم التعامل معهم مرة أخرى حتى لو كانوا موهوبين، وهي أكبر أزمة بنواجها حاليًا رغم أن الشركات تكيل بمكيالين لأنها لا تجرؤ تطلب الطلب ده من بعض الصناع المشهورين أو اللي أغانيهم ناجحة ومطلوبين بقوة في سوق الغناء،أما الأخرين يتم التعامل معهم بشكل فظ في مسألة التنازل عن الحقوق وده بيخلي بعضهم يعتزل الشغلانة اصلًا وده سبب من أسباب الأزمة الموجودة في سوق الغناء حاليًا.
إيه السر وراء طلب الشركات من الصناع التنازل عن حقوقهم؟
هديك مثال الشركات حاليا مثلا تطلب نسبة من حفلات المطربين وده مكنش بيحصل زمان لأن مبيعات الكاسيت كان تغطي مصاريف الإنتاج وتعمل هامش ربح معقول أنما حاليا بسبب القرصنة على الموسيقى بدأت الشركات تدور على مصادر دخل تانية ومن هنا بدأت المشاكل مع الصناع سواء شعراء أو ملحنين وحتى مطربين وفي مطرب شهير جدًا كان له أزمة شبيهة مع شركة إنتاج بسبب ده.
النقطة المهمة في الأزمة عشان مايبانشي أنه ابتزاز لمنصة سبوتيفاي أو أي منصة تانية، المسألة ببساطة هي الحفاظ على حقوق الأداء العلني لأن أي صانع “شاعر أو ملحن” كل ما يملكه من الشغلانة هو حقوق الأداء العلني اللي بيتم تحصيله بشكل دوري وده مصدر الدخل الوحيد ليهم في ظل ازمة الأنتاج الحالية وطبعا التنازل عنه ضرب من الجنون خصوصًا أن سوق الغناء محصور الشغل فيه بين أسماء معينة وبعضهم بيشتغل مش لاعتبارات فنية في المقام الأول ولكن لعلاقتهم الواسعة داخل الوسط أو مع المسئولين في الشركات الكبرى.
دور جمعية المؤلفين والملحنين في القصة؟
في البداية أوجه الشكر إلي جمعية المؤلفين والملحنين لأنها حريصة على حفظ حقوق أعضائها حيث قامت بمخاطبة الشركة الأم “الساسام” في فرنسا لحفظ حقوق الأداء العلني بسبب الإعلان، وعن دعمهم الكامل للأعضاء وسرعة حل مشاكلهم، و أوجه الشكر إلى الرقابة على المصنفات الفنية التي قامت باحترام القانون في حفظ الحقوق.
هل يمكن حل الأمر بشكل ودي؟
المسألة بسيطة جدًا كان يمكن حلها من أول مكالمة مع مدير شركة سبوتيفاي لكنهم خلفوا وعودهم معي ولم يتم التعامل معي بشكل جدي رغم أن نفس الشركة تتعامل بشكل اخر مع بعض الصناع لأنهم يملكوا ظهير أعلامي وجماهيري وممكن يعملوا حملة لمقاطعة المنصة، عشان كده أنا مستمر في مسألة التقاضي لتعاملهم باستخفاف في مسألة حقوق الصناع و اللي بتدمر صناعة الأغنية في مصر.
كلمة أخيرة ؟
الهدف الأساسي من ورا الأزمة دي ان كل صناع فن خصوصًا الأجيال الجديدة تعرف حقوقها كويس في ظل سوق غنا بيأكل الحقوق وانهم يقفوا ضد تسلط الشركات اللي لا تجرؤ تعمل ده مع بعض الصناع المشاهير لأن هناك منفعة متبادلة “هو بيعمل أغاني ناجحة والشركة بتكسب من وراه” والشركات بتدور على مصالحها حتى لو هتدوس على شاعر أو ملحن لأن التصاريح اللي بتطلبها الشركات فيها تنازل عن حق الصانع وحق عائلتهم المادي، وأغلب الفنانين معندهمش دخل ثابت يعيشوا منه وأنا شاهدت بعيني أزمة حصلت في جنازة أحد الشعراء اللي لما مات محدش اتكفل بجنازته، يبقي ليه التصاريح المجحفة وغير المنطقية دي اللي الشركات بتجبر الفنان عليها وده يمكن أحد أزمات الوسط الغنائي حاليًا.
اّبل تأمل لحل مشكلة الموسيقى الكلاسيكية بتطبيق جديد
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال