همتك نعدل الكفة
776   مشاهدة  

بعد حفل مروان بابلو الأخير.. هل بدأت كرة الثلج في التدحرج

حفل مروان بابلو
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عندما كتبت مقالا عن أغنية “البخت” مؤدي الراب “ويجز” لم اتطرق إلي العمل بشكل مستفيض قدر التطرق إلي أزمة جيل ويجز الذي لا يعرف الفارق بين النغمة المنضبطة والنغمة النشاز بل ويجاهر ويفخر بأنه يعشق هذا النشاز ويرى فيه لمحة تمرد على السائد والمألوف.

عن تراك ويجز الجديد “البخت” وأزمة جيل يعشق النشاز

بعد المقال تم اتهامي بأنني أنتمي إلى جيل متحجر وقف به الزمن ولازال اسيرًا للماضي يكره التطور مع اتهامات اخرى بالتعالي على ذوق الجمهور وممارسة سلطة أبوية ضد هذا الجيل الذي يبحث عن نفسه ووجوده، تلك الاتهامات لم ولن أقوم بالدفاع عنها لأني تحدثت من منطلق فني بحت وليس من منطلق ايديولوجي يهاجم الآخر ويطالب بإلغائه مع وضع المسألة برمتها أمام الجمهور الغاضب كي يعرف ويدرك الفارق بين الموهوب الحقيقي وبين من يدعي الموهبة أو حتى من يريد التعبير عن نفسه وعن جيله وأن هذا الجيل استغل أزمة أغنية البوب المصري جيدًا ونجح في جذب جمهورها الذي مل أغاني الحب والهجر والصد.

بمرور الأيام بدأت تتكشف الأمور قليلًا مثلًا عندما ظهر مروان موسى مع حميد الشاعري في حلقة “ريد بول مزيكا صالونات” ظهرت الهوة الفنية الواضحة بينهما، ووضح أن حميد رغم ابتعاده عن سوق الغناء المصري إلا أنه يمتلك مخزونًا فنيًا يستطيع الاستناد عليه في أي وقت، ورغم أن حميد نفسه كان يتهم حتى وقت قريب بأنه أحد أقطاب الفن الاستهلاكي الذي لا يعيش إلا أنه كان يمتلك منطقًا مقبولًا في رؤيته للأغنية و العمل الفني ككل، على العكس من مروان موسى الذي لا يملك أي مرجعية في صناعته للأغنية سوى الاستسهال ورص أي كلام على الإيقاع يغازل به الجمهور المتمرد الذي يرى في تفاعله مع مشهد الراب تميزًا عن المستمع التقليدي.

مع جلوس مصطفى كامل على مقعد النقيب بدأ حملة واسعة ضد مطربي الراب والمهرجانات واصدر عدة قرارت كنا  ضد بعضها بشكل صريح لكن أفضلها كان القرار بضم مطربي الراب والمهرجانات تحت مسمى شعبة “أداء صوتي” مع إجبارهم جميعًا على الغناء خلف فرقة موسيقية، هذا القرار ضرب به كامل عصفورين بحجر الأول أنه اعاد الكثير من العازفين إلي العمل مرة أخرى بعد انقطاع طويل بسبب ازمة فيروس كورونا واستغناء مطربي الراب والمهرجانات عن الظهور بفرقة موسيقية والغناء بفلاش ميموري أو بالبلاي باك، والثاني هو أنه فضح زيف وادعاء معظم مطربي ومؤدي الراب والمهرجانات؛ حيث ظهر الراب مروان بابلو منفعلًا على المسرح وهو يطيح بالميكرفون لعدم توافق اداء الفرقة مع ادائه لأنه لم يعتاد الغناء خلف فرقة موسيقية “رغم أنها شئ طبيعي وبديهي جدًا” لأي مطرب حتى لو كان مطرب راب و حتى لا يخرج علينا أحد ليقول أن الراب والموسيقى الاليكترونية لا تتطلب وجود فرقة يمكن العودة إلي حفلات اشهر مطربي الراب سنجد أنهم غنوا خلف فرق موسيقية وأن المشكلة الحقيقية تكمن في بابلو نفسه وليس في النقابة التي فرضت عليه الظهور مع عازفين، لم يقتصر الأمر على مشهد الراب فقط فظهر الصوت الحقيقي لمؤدي المهرجانات عنبة في احدى الحفلات الذي وضح انه لا يملك الحد الأدنى الذي يجعله يغني في حمام منزله.

هذا القرار بمثابة كرة الثلج التي ستبدأ في التدحرج حيث أوضح أننا أمام جيل يمسك بميكرفون ويدعي الموهبة، لا يعرف عن قواعد الغناء أو الموسيقى أي شئ، بل يتعامل بشكل غير احترافي على المسرح ويقذف بالميكروفون غاضبًا مستغفلًا جمهوره المتعصب الذي يتهم من يخالفه بالجمود والرجعية مع وجود شركات علاقات عامة تسوق لهم و تربح من ظهورهم المتكرر في الحفلات وفي الإعلانات، ويقف معهم بعض النقاد ليس دفاعًا عن حرية الفن ولكن كيد في سلطة الغناء الرسمي متمثلًا في النقابة ونفي شبهة التعالي عن ذوق الجمهور أو المتاجره بهم وقت اللزوم ولم يقف أحدهم في أي مرة ليتحدث بشكل فني عما يقدمه مطربي المهرجانات معتادي السطو على الألحان وصبها في قالب من الكلمات المسفة البذيئة، أو عن مشهد الراب المصري الذي ماهو إلا “كيتش” وإعادة إنتاج مشهد الراب الغربي بصورة رديئة جدًا.

مشهد بابلو الغاضب على المسرح كان ضربة قوية لمشهد الراب في مصر، وأكاد أجزم بأنه البداية الفعلية لسقوطه بعد أن اتضح أنه مبني على الادعاء والاستسهال والرخص والضعف في الموهبة هذا بفرض وجودها من الأساس،  هذا بالتزامن مع الخفوت الذي تشهده أغنية المهرجانات في الفترة الحالية والتي بدأ حجمها يتضائل في سوق الغناء ولم تعد تلك الفئة التي تعبر عن الطبقات الدنيا في المجتمع وهي الحجة التي ابطلوها بأيديهم بعد أن أصبحت حفلاتهم للصفوة فقط في الساحل الشرير أو في أفراح علية القوم في الفنادق السبع نجوم واستفزازهم لتلك الطبقة التي كانت تدافع عنهم بعض ظهورهم المتكرر في سيارات فارهة والمزايدة على تلك الطبقة بأنهم وصلوا إلى هذا النجاح بعد العمل والاجتهاد وكونوا ثروات طائلة رغم أن بعضهم لا يحمل أي شهادة جامعية أو متوسطة أو أميًا يجهل القراءة والكتابة.

إقرأ أيضا
سامح سعد

في النهاية لسنا سكينًا يمسك به طرفًا كي يهاجم به طرفًا أخر، ولا نهوى الصيد في الماء العكر، لكن هذا الجيل هو من وضع نفسه في مفترق طرق واختبار حقيقي لموهبته “أن كان يملكها من الأساس” جيل وصل إلي القمة بسرعة الصاروخ ويرى أنه المذاكرة والاجتهاد والبحث عن قيمة فنية يقدمها حتى لو تافهة مجرد مضيعة للوقت، جيل لا يملك مرجعية في فنه سوى الاستسهال وقطف ثمار النجاح الجماهيري سريعًا يقف على ارض هشة جدًا تتضائل مساحتها يومًا بعد يوم، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح وكل شئ سوف يرد لأصله بعد أن تمنح الفرصة للموهوب الحقيقي لينال ما يستحقه وأن من لا يعرف كيف يغني خلف فرقة الأفضل له الجلوس في بيته أو يمتهن مهنة اخرى، وفي انتظار ثورة يقودها جيل موهوب يملك مشروعًا حقيقيًا وليس حفنة من المدعين العابثين ببرامج تسجيل ودمج الموسيقى.

الكاتب

  • حفل مروان بابلو محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
0
أعجبني
3
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان