“بن هرمة”.. عاش حياته بخيل سكير وبعد مماته اقترن اسمه بالتحقير
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
على الرغم من أنه كان دميم الشكل وبخيل بشدة، إلا أنه اشتهر بشعر الغزل، كما اشتهر بحبه الشديد للخمر حتى أنه أنشد فيه الشعر، وتم جلده بسببه ولكنه لم ينتهي عنه، كما اشتهر ببخله الشديد، أنه الشاعر العباسي ” إبراهيم بن على بن سلمة بن هرمة ” المشهور عند العرب بـ ” إبراهيم بن هرمة “، تلك الكلمة التي كثيرًا ما تخترق أذاننا في عصرنا الحالي فمن هو صاحب هذا اللقب.
هو إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي، وكنيته أبو اسحاق، وُلد عام 90هـ في المدينة المنورة ونشأ بها، وتوفي عام 176هـ، وكان شاعر الحجاز وشيخ شعراء زمانه، عاصر بعضًا من حكم الدولة الأموية وجزء من عصر الدولة العباسية، قال عنه الأصمعي: ختم الشعر بابن هرمة، وقد كان له عدة مواقف طريفة نتيجة لبخله ومواقف قبيحة نتيجة لسكره نستعرض لكم بعضها :
بن هرمة والبخل
اشتهر ببخله الشديد، وكان الشعراء يتندرون ببخله، ومن أشهر مواقفه مع البخل كان حينما ذهب للمبيت لدى ” أبو عمرو بن راشد ” فأحسن الأخير استقباله وأكرمه، وظل لديه ثلاثة أيام يشرب من نبيذه حتى نفذ، وعندما طلب النبيذ من غلام ” أبي عمرو” قال له الغلام لقد نفذ نبيذنا، وكان أبو عمرو خارج المنزل وقتها وفكر كيف يمكنه الحصول على النبيذ دون دفع نقود، فخلع ردائه وقرر رهنه وهو يعلم جيدًا أن صديقه سينقذه ويدفع الأموال ويسترد له ردائه، وقال للغلام :” اذهب إلى النباذ وأرهنه مقابل النبيذ “، ففعل الغلام، وعندما وصل ” أبو عمرو ” جلس وشرب من النبيذ، حتى لاحظ أن ابن هرمة بدون رداء فقال له : أين ردائك يا بن هرمة؟، فقال له :” نصفه في القدح ونصفه في بطنك “، فُأعجب أبي عمرو بسرعة بديهته وقرر أن يدفع الأموال واسترد ردائه.
بن هرمة والخمر
كان بن هرمة يحب الخمر حبًا جمًا، ويُحكى أنه ذهب للخليفة المنصور ومدحه فأعطاه المنصور عشرة آلاف درهم، فردها فسأله المنصور متعجبًا ” لماذا ترفضها ؟ “، فقال بن هرمة إن أردت مكافأتي فأبح لي الشراب فأنت تعلم مدى حبي له، فقال الخليفة مُستنكرًا إنه حد من حدود الله، فقال ابن هرمة عليك بالحيلة يا أمير المؤمنين، واقترح عليه حيلة طريفة وهي أن يكتب المنصور إلى والي المدينة يأمره بضرب أي شخص يأتي بابن هرمة سكرانًا مائة سوط، وأن يضرب بن هرمة نفسه ثمانين سوط، وهكذا كان كلما مر عليه رجال الشرطة يُنادي فيهم من يشتري الثمانين بالمائة فيتركوه مخافة العقاب.
وحين اراد والي المدينة ” الحسن بن يزيد ” منع ابن هرمة من شرب الخمر، أنشد الأخير يقول
نهاني ابن الرسول عن الحرام … وأدبني بأدب الكرام
وقال لي اصطبر عنها ودعها … لخوف الله لا خوف الأنام
وكيف تصبري عنها وحبي … لها حب تمكن في عظامي
في فرح أحد أصدقائه
دعا أحد الأشخاص بن هرمة إلى فرحه، ولبى الأخير الدعوة ولكنه كان يتضور جوعًا ويعتصره الألم وذهب للفرح عسى أن يجد طعامًا يُسكت به جوعه، وحينما وصل العرس استقبله أصحاب العرس وجلسوا يتدارسون مع بعض في أمور القرآن الكريم ويستفتونه، ولم يأكل الطعام حتى انتهى الحفل، فخرج ابن هرمة يعتصره الألم فسأله أحدهم، ما بك يا بن هرمة ألم يعجبك الحفل ؟، فقال : لقد حفظوا القرآن واستظهروا كل ما فيه إلا سورة المائدة لم تخطر على بالهم.
“دوروثي إيدي”.. حكاية فتاة اكتشفت أنها عشيقة ملك فرعوني عن طريق تناسخ الأرواح
بن هرمة وجيرانه
مر يومًا على جيرانه وهو في حالة سُكر شديدة جدًا لا يعي ما يقول، حتى دخل منزله وفي الصباح دخل عليه جيرانه يطمئنون على حالته ويخبروه بما كان منه في الأمس، وظلوا يعاتبوه ويحثونه على الابتعاد عن الخمر حتى قال لهم أنا في طلب مثلها منذ دهر أما سمعتم قولي:
أسأل الله سكرة قبل موتي وصياح الصبيان يا سكران
فخرجوا وتركوه بعد أن يأسوا من إقناعه ورده عن شرب الخمر فهو السكران الذي لا ينتهي عن سكرته، وظل هكذا حتى مات في عام 176هـ ودفن بالبقيع.
رمزًا للسباب
وهكذا كان طوال حياته رمزًا للرجل الآفاق السكير البخيل واجتمعت كل تلك الصفات مع دمامة شكله، فأصبح أسمه يُعامل معاملة السباب في عصرنا الحالي بل هو سبة بعينه، وعندما توفى سار في جنازته أربعة فقط.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال