بوبالوس ودراكو ضحايا لتطرف المشاعر.. أحدهم مات بسبب التنمر والآخر بالحب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
التطرف في الاحساس واحد من أسوأ المشاعر التي قد يصل لها أي شخص، يتملكه ويحوله لإنسان لا يطاق، سواء كان ذلك التطرف في الحب أو الكره، في الحالتين هو تدمير للشخص ذاته، وتدمير للطرف الآخر، وهناك أمثلة كثيرة لأناس دمرهم الحب الشديد، وأمثلة لأناس آخرين دمرهم الكره الشديد، وهذا ما حدث مع بوبالوس ودراكو، فقد تشابهت نهايتهما، وقتلهما التطرف، أحدهما بسبب الحب، والآخر بسبب الكره.
- بوبالوس.. قتله التنمر
البعض يعتقد أن التنمر هو مفهوم حديث ظهر على الإنترنت، وهذا غير صحيح بالمرة، فالتنمر موجود منذ القدم، وهناك أمثلة له في جميع الثقافات حول العالم، وأكبر ضحية له كان اليوناني بوبالوس، الذي قتله تنمر الناس من حوله، فاليونانيون القدماء كانوا متطرفين للغاية في أحكامهم ومشاعرهم، وتملكهم التطرف وأطالوا في التنمر على بوبالوس، حتى قرر الانتحار.
كان بوبالوس نحات مشهور، يقوم بصنع التماثيل الرخامية للآلهة وللشخصيات المشهورة، وكان شخص سليط اللسان، مكروه بين الناس، لا يترك أحد دون أن يعيب فيه، ويتنمر عليه، ولكن أوقعه حظه في شخص آخر متصيد للعيوب أكثر منه، وهو الشاعر هيبوناكس، الذي كان معروفًا بسلاطة اللسان، وقباحة كلمات أشعاره، حتى أن مظهره كان قبيحًا أيضًا، وقد بدأت الخلافات بينهما عندما أراد هيبوناكس أن يتزوج ابنة بوبالوس، ولكن رفض ذلك الأخير الزواج، لكي يحمي ابنته من الحياة مع ذلك الرجل، فبدء هيبوناكس في هجاء بوبالوس وابنته بكلمات قبيحة، وكان رد بوبالوس هو نحت تماثيل بشعة لهيبوناكس، فأشعل ذلك الغضب بداخل هيبوناكس، وقام بنعت بوبالوس بأسواء الصفات، واتهمه بأنه يمارس الجنس مع محارمه، وقام بنشر ذلك الكلام في كل مكان بالمدينة، ولم يرحمه الناس وبدؤوا في معايرته، واصبح موضع سخرية بين الجميع، ولم يتمكن من إسكات أفواههم، وفي النهاية قام بشنق نفسه بعد أن يأس من تغيير ما يقولونه عنه.
- دراكو.. قتله حب الناس له
يعتبر دراكو واحد من أكثر الشخصيات نفوذًا وتأثيرًا في تاريخ أثينا، حيث نجح في إجراء تغييرات جذرية على النظام التشريعي للمدينة، حيث كانت القوانين الشفوية في أثينا تستخدم كأداة قمع تم استخدامها لحرمان المواطنين من حقوقهم، لذلك قام الناس في أثينا بتعيين دراكو كأول مشرع قانوني لهم، عمل بالفعل على تطوير نظام قانوني مكتوب طبقه القضاة، وقد اعتمدت قوانين دراكو المكتوبة، والتي شكلت النوع الأول من دساتير أثينا، عقوبات صارمة تضمنت في الغالب الإعدام لمعاقبة المخالفين، ومن ثم، تمت مساواة الجنح البسيطة بالجرائم الكبرى وحُكم عليها بالإعدام، فمثلاً كان السارق يعاقب مثل القاتل والقتلة جميعهم يعاقبون بالتساوي بغض النظر عما إذا كانت الجريمة متعمدة أم لا، وعندما سُئل عن قوانينه القاسية ولماذا اختار عقوبة الإعدام على هذا النحو؟، قال دراكو إن الإعدام هو عقوبة مثالية للجرائم الأقل خطورة، مشيرًا إلى أنه لم يكن لديه عقوبة أسوأ على الجرائم الأكثر خطورة نظرًا لقسوة حكمه، والعجيب أن تلك القوانين القاسية والمتشددة، نالت إعجاب اليونانيون، واثناء زيارة دراكة لجزيرة إيجينا، خرج الناس لملاقاته وقاموا بالهتاف له، وأخذهم الحماس وألقوا عليه عدد كبير من القبعات والأغطية احتفالاً به، ولكنه وقع تحت هذا الكم الهائل من الأقمشة، واختنق ولم يستطع التنفس، وفارق الحياة.
المصادر
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال