بين ملوك الجدعنة وتوبة .. هل يحتاج الفقير لعودة الفتوات؟

يحلم الفقراء بحياة خالية من العوز، بعالم يأخذون فيه حقهم ويعيشون فيه حياة سعيدة، يلبون فيه احتياجاتهم التي تصعب تلبيتها مع قلة المال والعجز وقلة الحيلة. 

ربما لهذه الأسباب يتعلقون بفكرة البطل الشعبي الذي يستطيع أخذ حقه من حنك السبع ولو بالعنف. 

يحلمون ببطل مثل سرية وسرينة اللذان تعاهدا على الوقوف في ظهر بعضهما البعض لأنهم لا يمتلكون شيئا آخر سوى الصداقة التي تحمي ظهورهم من غدر الزمان.

ملوك الجدعنة… لو الأعلى مشاهدة فهو الأول في إهدار القيم 

تعلق أصحاب المناطق الشعبية بمسلسل “ملوك الجدعنة” العام الماضي رغم كل الانتقادات التي وجهت للمسلسل من وضع “الجدع” في قالب الذي يأخذ حقه بالقوة والعنف. 

والجدع  بمسلسل ملوك الجدعنة كان يبرر لنفسه تهريب المخدرات وتهريب الماس والخروج على القانون وشرب الحشيش، مما جعل الكثيرون ينتقدون المسلسل الذي وان كان قام بتناول إعلاء قيمة الصداقة، إلا أنه وجه بشكل مباشر شكل الرجل الجدع في قالب مشوه. 

لا يهم الفقراء كل  التحليلات عن الشعرة بين حرية الإبداع والمسؤولية الأخلاقية والأعمال التي تؤثر في الوعي الجمعي للشعوب، كل ما يهمهم هو بطل من منطقة تشبه منطقتهم يخلق من العجز تحدي للظروف بأي وسيلة كانت، حتى وإن لم تكن ملامح شخصيته واضحة بعمق كما رأينا في ملوك الجدعنة.

محمد رمضان..موهبة حقيقية أم خطة تسويقية؟ 

الفقير يريد فقط رؤية نفسه على الشاشة في شكل بطل، رؤية بطل شعبي حتى لو بملامح شخصية سطحية للغاية.

يريد تكسير الظالم وضرب كل من يدوس على لقمة عيشه، يريد أن يرى على الشاشة الفاسد ينكل به ويلقى في البحر ويأكله القرش.

يطل علينا عمرو سعد بعد دور سرية في مسلسل ملوك الجدعنة بدوره بمسلسل توبة، والمسلسل بنفس نكهة مسلسلات الأحياء الشعبية.

يبدو من الحلقة الأولى بطل خارق كسرية، ويراهن عمرو سعد ثانية على حب الطبقة الفقيرة للبطل الشعبي الذي يقهر الظلم.

ولا ينسى-وأظن بتدخل منه-أن يضيف الأغاني الشعبية بالمسلسل، و الحكم والأمثال لكلامه ولزمات كلامية، فيكرر توبة “الأيد الشقيانة كسبانة“ و “ربنا يخليني ليا” على غرار ما كان بينه وبين سفينة (مصطفى شعبان) في ملوك الجدعنة عندما كان يقول له سفينة: معايا؟ فيرد سرية: معايا. وكما كان يردد سرية طوال مسلسل ملوك الجدعنة “الطموح حلو“

أما عن الحكم فبدأها توبة بحكمة “البخت عمره ما كان ضايع..بختك على دراعك” و “اللي لف وفهم أحسن من اللي لف وشرب”

كلها حكم تدعم الكسب الحلال والشقى وما يأتي من وراء معاناة الفقر من فهم للحياة ومكاسب مختلفة عن حياة المفرهين؛ وهذا ما يريد الفقير أن يسمعه.

إقرأ أيضا

كلمة شيخ الأزهر تعيد صراع السلفيين والأشاعرة للواجهة

ربما حتى الآن الفارق بين سرية وتوبة إعلان توبة بحكمته الأخيرة أنه ضد الحشيش بل وقال أنه يعتبره مخدرات، ولكن يبقى العنف من أول حلقة سلاحه كما كان سلاح سرية من قبل.

هل يحتاج الفقير بطل شعبي  من الفتوات؟

في الواقع يحتاج الفقير لحمايته كأي مواطن من بطش الظالمين وإلى تطبيق القوانين بشكل صارم، وألا يشعر أنه ظُلم بالحياة بفقره الذي لم يختاره وبظلمه من أناس لا يعرف كيف يأخذ حقه منهم.

كما قلنا من قبل فالفقير يفرح بالتنكيل بالظالم ولو بشكل عنيف، يراه يستاهل أن يسف التراب كما ظلمه بالضبط، وأن الحل معه هو العنف، بينما لو رأى الفقير كل ظالم مهما بلغت سطوته بالسجن سيتخلص من غضبه الذي ينفس عنه بتشجيعه للعنف.

لن نحكم من الحلقة الأولى على المسلسل، ولكن يبدو أن عمرو سعد يمشى على نفس خطى ملوك الجدعنة، ونتمنى أن نرى بهذا المسلسل جدعنة حقيقية بعيدًا عن خرق القانون.