تأملات في كلمة المندوب السامي القُرَشِي (01) ونعم الأخلاق الكريمة.. ونعم السجايا القويمة

لعل ما يمر به العالم اليوم من ظروف قاسية يشجعنا نحن المسلمين على التمسك بالاحتفال بذكرى نزول القرآن الكريم، هذا النور الإلهي الذي أضاء العالم كله في فترة زمنية قصيرة مدهشة.. قُضي فيها على الفوضى والاضطراب، وترسخ فيها نظام أخلاقي رفيع المستوى.. عبر فتوحات إسلامية غيرت مجرى التاريخ الإنساني، وفتحت أبواب التقدم على مصاريعها، وفي مختلف الاتجاهات، إذ لم تمض سنوات قلائل على وفاة النبي حتى انهارت أمام فتوحات المسلمين أعتى امبراطوريتين كانتا تقتسمان الشرق الأوسط وتسيطر على كل ركن من أركانه، وأصبحت أراضيهما في العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا أرضًا إسلامية حتى يوم الناس هذا.

الكلام ده هنقف فيه على 5 نقط ونتناقش حواليهم.

• إيه الظروف اللي بيمر بيها العالم؟
• أنهي فوضى وإضطراب اللي قضى عليهم؟
• نظام أخلاقي إيه؟
• أبواب التقدم.
• التباهي بعصر الغزو.

1- ظروف الكوكب

ياترى إيه الظروف اللي بيمر بيها الكوكب فتخلي المسلمين يتعظوا منها؟ إيشحال لو الشرق الأوسط مش منبع كتير من كوارث العالم، وسببها المسلمين وخلافاتهم العقائدية مع العالم والفقهية بينهم وبين بعض.

إيه مثلًا اللي حاصل في أي بقعة من العالم ينفع المسلم اليمني يتعظ ويحتفي بظهور الإسلام؟، ده ضحايا الصراع السني الشيعي في الشرق الأوسط يضاهي ضحايا الصراع العربي-الإسرائيلي، (ده طبعًا بغض البصر عن أن الإسلام السني/العروبي هو الطرف في الصراعين).

2- أسطورة النظام الأخلاقي

في الواقع اللي حصل -حسب التاريخ العربي/الإسلامي- عكس الكلام ده، وقت ظهور الإسلام كانت قريش محققة حالة ملحوظة من السلام المجتمعي داخليًا ومأمنة طرق التجارة من الشام إلى اليمن، عن طريق تطوير وابتكار آليات وصيغ تعامل -نجحت عمليًا- في تحقيق سلام مبني على المصلحة الاقتصادي ليها وللجميع.. الأمر المشار له في النص القرآني “سورة قريش“.

تفاصيل الحدوتة بتقول أن القرشيين ومن أيام جد النبي حققوا نظام اجتماعي يضمن حرية العقيدة والتجارة، سيستم يسمح لكل العرب بالحج للكعبة وأن يكون لصنمهم المحلي نسخة داخل الحرم، قصة موجودة بالتفصيل في مراجع وكتب كتير منها تاريخ الكعبة، د.علي حسني الخربوطلي.

الطريف أن الكلام عن القضائ على الفوضى مش بس غير دقيق.. إنما نقدر كمان نوصفه إنه قلب للحقايق التاريخية، فالإسلام عشان ينتشر في كل شبة جزيرة العرب مرت المنطقة بسلسلة من غزوات وحروب وإضطرابات استمرت طوال الفترة من هجرة النبي وحتى وفاته، واستمرت كمان بعد وفاته.. من خلال سلسلة حروب تعرف باسم حروب الزكاة أو حروب الردة.

وهي سلسلة معارك ضارية خاضها المسلمين الأوائل ضد كل العرب غير المؤمنين (مسلمين مرتدين كانوا أو لم يدخلوا الإسلام أساسا) وحتى ضد بعض القبائل المسلمة اللي رفضت الهيمنة السياسية لسلطة أبو بكر “دولة الخلافة” في المدينة.

أخيرا استتب الأمر وانتشر الإسلام في كل بقاع شبه جزيرة العرب.. هل وقف الأمر عند العرب هنا، نهائي.. دخلوا في سلسلة حروبات تانية مع الفرس والروم على الأراضي اللي تحتلها كل أمبراطورية في مناطق الشرق الأوسط والأدنى.

3- نظام أخلاقي نحيف المستوى

تعالوا ناخد فكرة عن تعامل العرب/المسلمين مع بعض فيما يعد نموذج يحتذى به، زي ما الشيخ الطيب بيقول.

عثمان بن عفان، تالت الخلفاء، أتقتل في بيته بأيد عرب مسلمين.. أثناء قرايته للقرآن، ومن لحظتها بدء صراع على السلطة استمر إلى يومنا هذا “بس خد أشكال مختلفة”، مش هندخل في تفاصيله بس تعالوا نستعرض بعض ضحايا الصراع ده.

• محمد بن أبي بكر.

ابن أبو بكر الصديق، كان من المتهمين في قتل عثمان وكان والي مصر بأمر من الخليفة علي بن أبي طالب (أه الأتنين)، خلال الصراع بين معاوية وعلي على الخلافة انهزم جيش محمد بن أبو بكر “التابع لعلي” على أيد جيش معاوية بن حديج “التابع لمعاوية بن أبي سفيان”، فقتله ثم دفس الجثة في جوف حمار ميت وولع في الجثتين سوا.

إقرأ أيضا

مسلسل الحشاشين.. ومُعضلة العصمة

• عبد الله بن الزبير.

أبوه الزبير بن العوام وأمه أسماء بنت أبي بكر، بعد وفاة يزيد بن معاوية أعلن عبد الله نفسه أمير للمؤمنين وتمت مبايعته، وكان يحكم الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان.. تقريبا كل الرقعة الإسلامية وقتها فيما عدا أجزاء من الشام يحكمها بني أمية، اللي رفضوا بيعته وصارعوه على السلطة وانتهى الأمر بهزيمته على أيد جيوش الأمويين بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي، اللي قتله وقطع راسه وصلبه بالمقلوب.

4- أبواب التقدم في العالم 

ماظنش يحق لشخص يتحدث باسم أهل السنة والجماعة أنه يتكلم عن التقدم أساسًا.. مش يقول أن “الفتوحات” الإسلامية فتحت أبواب التقدم على مصرعيها، ده بمنتهى الصراحة ليفيل من قلب الحقايق يفوق قدرة الأبكم على الصمت.

معسكر أهل السنة والجماعة بيمد جذوره الفقهية وبيأصل لنفسه تاريخية بخلافة معاوية بن أبي سفيان، معسكر لو تتبعنا محطاته هنلاقي أن أصحابه كفروا غالبية علماء “الشرق”، من أيام الخوارزمي وإلى ما بعد فرج فودة.

5- التباهي بعصر الغزو

ما سبق مجرد نماذج بسيطة من تجليات “النظام الأخلاقي” للعرب المسلمين في مستهل خروجهم من أراضيهم لنشر أخلاقهم. تعميم جعل شيخ الأزهر النهارده يتباهى بغزو الشعوب في الوقت اللي الفاتيكان بتتقدم خطوات حثيثة للتطهر من ماضيها العنيف.

اسمحوا لي اقفل الحلقة هنا ونتقابل الحلقة الجاية مع تاني مقطع من كلمة فضيلة الإمام الأكبر.