حكاية القصب المنياوي .. “من أيام الإرهاب إلى سد النهضة”

محب سمير

كاتب نجم جديد

لا تتميز عروس الصعيد أنها بلد القصب المنياوي فلو سألوك عن “المنيا“، فقل هي “منية الفول” فأفضل فول بلدي تنتجه المنيا، أو قل بلد “الكِشْك الصعيدي” لكن لو كنت لا تحب الفول أو الكشك، بسبب القولون لا قدر الله أو حتى “كده وخلاص”، فلا يمكنك أن تنسى أن تقول لمن يسألونك عن عروس الصعيد.. أنها بلد القصب المنياوي ، قولي بقى أنك لا تحب عصير القصب؟.

القصب المنياوي

من ضمن الحاجات الكتير المشهورة بها محافظة المنيا، ييجي القصب المنياوي على رأس الحاجات دي.. أجمل طعم قصب طبيعي ممكن تدوقه في حياتك.

اقرأ أيضًا
أنا من ملوي

مافيش في المنيا محل عصير قصب وحش.. ادخل وأنت مطمن.. وب 2 جنيه بس تضرب أحلى شوب قصب طبيعي مش مغشوش.

ولأن مافيش حاجة بتفضل على حالها، خصوصا في المنيا، فزراعة القصب في المحافظة تم محاربتها من بداية الثمانينيات من القرن الماضي.. بسبب الإرهاب.. ورجعت تاني حاربتها مؤخرا بسبب “أزمة الماء”.. وما بين الحربين تاريخ طويل لا يمكن اقتصاره في مقال واحد.

الإرهاب والقصب

مع ظهور موجات الإرهاب في المنيا في الثمانينيات ولغاية التسعينيات، تم إعدام مساحات كبيرة جدا من زراعات القصب، لأنها كانت ملجأ ووكر للإرهابيين اللي بياخدوها سكن يستحيل الوصول لهم، فالداخل لغيط قصب مفقود مفقود.. ومن يومها صدر قرار أنه “مافيش قصب هنا”.. خصوصا الأراضي اللي على الطريق الزراعي.. بطول المحافظة ومراكزها التسعة ودي مساحة كبيرة جدا حضرتك خصوصا مركزي أبو قرقاص وملوي اللي تقريبا بينتجوا نصف محصول القصب في المحافظة لقربهما من “مصنع سكر أبو قرقاص”.. وبيتزرع فيها أكتر من 4 آلاف فدان قصب.. وده كان بيساعد في حل أزمات السكر.

وخلص الإرهاب وأيامه في المنيا.. لكن لسه قرار منع زراعة القصب موجود.. وخرب تماما مصنع السكر العظيم اللي في أبو قرقاص.. ده غير إن الفلاحين أصلا قرروا يبيعوا القصب بره المحافظة من بابه لمحلات العصير.. وأصبحنا دلوقتي نستورد السكر.

أزمة سد النهضة

وما زاد البلة طينة أن الحكومة خدت قرار تاني بمنع زراعة القصب من أصله بسبب استهلاكه لكميات كبيرة من الماء.. وإحنا أصلا مش ناقصين بعد أزمة “سد النهضة” في أثيوبيا.. قوم إيه يطلع المهندسين الزراعيين “المنياوية” بحل مبتكر بتستخدمه الهند لإنتاج محصول القصب بكميات كبيرة مع توفير المياه.. عن طريق زراعة القصب بالتنقيط زي “الطماطم.. و اتنفذت الفكرة فعلا “غرب مدينة المنيا” والمفاجأة كانت أن إنتاجية الفدان الواحد وصلت إلى 60 طنا مقارنة بـ40 طنا فى الزراعة القديمة.. مع توفير حوالى 40 % من المياه و50 % من الأسمدة مع زيادة إنتاجية الفدان بنسبة 30 % .. وحاليا وزراعة الزراعة بتدرس المشروع لتطبيقه.. وربنا يسهل.

زي اليومين دول كل سنة ومن بعد عيد الغطاس اللي ما يحلاش غير بأكل القصب والقلقاس.. يعتبر موسم توريد القصب من الفلاحين لمصنع “أبو قرقاص”.. أو ما تبقى منهم وقاوم قرارات منع الزراعة.

مين عاش في ملوي أو أي مركز قريب من مصنع السكر في أبو قرقاص ولم يرى قطارات البضايع في الموسم ده رايحة جاية محملة بالقصب وداخلة مصنع السكر.. مين وهو طفل في بلدنا لم يمارس هواية الشعلقة في قطر القصب علشان يخطف له عودين تلاتة، خصوصا مع بطء القطار وقدمه.. فهو من عمر السكة الحديد ذات نفسها أيام الاحتلال الإنجليزي.

ودلوقتي خلاص ما عادش فيه قطارات قصب.. ولا سكة حديد مخصوصة له.. لكن تقدر تشوف وأنت رايح أو جاي على الطريق الزراعي كام لوري واقف على جانبي الطريق كل يوم الصبح، في انتظار توريد حمولات القصب داخل مصنع سكر أبو قرقاص.. اللي لسه مكنه وعماله بيقاوموا كل اللي بيحصل في زراعة وصناعة عظيمة كانت يوما ما تنافس إنتاج القطن في الصعيد..