همتك نعدل الكفة
35   مشاهدة  

“تاريخ البصمات في مصر” تفاصيل عمل البحث الجنائي وأول الجرائم المكتشفة؟

تاريخ البصمات في مصر
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



مهما كانت صعوبة أي قضية جنائية فالبصمات لها دور لا يستهان به في كشفها، ومهما كان أي اسيفاء للأوراق فإن الفيش والتشبيه بالبصمات عنصر رئيسي لمسوغات التعيين، بل إن بطاقة الرقم القومي نفسها لا تتم إلا بالبصمات أيضًا؛ ذلك النظام القائم في مصر الآن كانت نواة ميلاده من 128 سنة، وبداية تطبيقه الفعلية مع حلول القرن العشرين.

تاريخ البصمات في مصر وصاحب فكرتها ؟

عامل البصمات في إدارة تحقيق الشخصية يأخذ بصمة أحد طالبي الرخص
عامل البصمات في إدارة تحقيق الشخصية يأخذ بصمة أحد طالبي الرخص

يُنْسَب إلى ليو هارفي باشا حكمدار البوليس المصري، عندما كان حكمدارًا لمحافظة الإسكندرية أنه وضع أساس إدارة تحقيق الشخصية في مصر (التي صارت لاحقًا الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية) عام 1896م، وبعد 4 سنوات وضعٍ نواة تاريخ الفيش والتشبيه، وقبله بسنة كان تأسيس قلم السوابق الذي كان يتبع النيابة ونظارة الحقانية (وزارة العدل لاحقًا).[1]

اقرأ أيضًا
عن قضية فتاة شبرا التي تسببت في شهرة الشرطة النسائية في مصر “وزير الداخلية اهتم بها”

بدأ العمل في إدارة تحقيق الشخصية من خلال أن تكون بمقاسات الجسم، ثم حل محلها بصمات الأصابع والتي أثبتت جدواها بقوة إلى أن صدر الأمر الإداري رقم 123 بتاريخ 27 ديسمبر 1902م لتكون البصمات هي طريقة العمل ومنذ ذلك التاريخ بدأ الفيش والتشبيه في مصر.[2]

مؤسسية إدارة البصمات في مصر

ورقة فيش ببصمات أحد المتهمين
ورقة فيش ببصمات أحد المتهمين

أرادت إدارة تحقيق الشخصية في مصر إحداث طفرةً في عملها خاصةً وأن العمل فيها يختلف عن باقي العمل في المصالح الحكومية فهو عمل يقوم على البحث ويكتنفه المشقة وإجهاد البصر بسبب ما يستلزمه من استعمال النظارات المكبرة على الدوام وليس فيه من النوع الكتابي إلا الخانات فقط.

كانت حركة الطفرة أواخر عشرينيات القرن الماضي إذ انحصرت أعمالها في 3 مراحل هي «الحفظ، البحث، أعمال الخبرة»؛ ولأن العمل له قواعد وشروط معينة قررت لجنة تعديل الدرجات في الحكومة المصرية عام 1929م منح موظفي الدرجة «ج» بإدارة تحقيق الشخصية مكافأة سنوية قدرها 12ج.

محمد بك جمال الدين المدير المساعد بإدارة تحقيق الشخصية
محمد بك جمال الدين المدير المساعد بإدارة تحقيق الشخصية

جاء النوع الأول من أعمال إدارة تحقيق الشخصية وهو الحفظ، وقد تكون من أوراق فيش عليها بصمات أصابع المحكوم عليهم في جرائم الجنايات والجنح المهمة للذين كانوا بالسجون بدايةً من عام 1896م، وكان لكل محكوم عليه عدد 2 ورق فيش، الأولى بالترتيب الأبجدي لاسمه، والثاني بترتيب الرموز والأعداد المصطلح عليها لبصمات أصابعه؛ وكُتِب على كل ورقتين اسمه والجهة التي تم ارتكاب الجريمة فيها ونوعها والمحكمة التي أصدرته.

ومع العام 1929م صارت ورقتي الفيش، لكل من يحكم عليه في إحدى الجرائم الآتية :-
أولاً / الجنايات بكافة أنواعها والجنح المهمة التي نصت عليها المادة 839 من التعليمات العامة للنيابات.
ثانيًا / جرائم الاعتداء على ملك الغير بقصد ارتكاب جريمة
ثالثًا / الجرائم المنصوص عليها في قانون المتشردين والمشبوهين
رابعًا / جرائم المخدرات
خامسًا / إنذارات التشرد.

محمد أمين الجندي أفندي رئيس سكرتارية إدارة تحقيق الشخصية
محمد أمين الجندي أفندي رئيس سكرتارية إدارة تحقيق الشخصية

أما النوع الثاني من أعمال الفيش والتشبيه هو البحث، فقد كان الغرض الأساسي من تأسيس إدارة تحقيق الشخصية الكشف عن سوابق المتهمين والمتشردين والمشبوهين وما إلى ذلك من الأعمال التي كانت تمس الأمن العام والمحاكم.

وكانت أعمال البحث والإدارة لها قسمين أحدهما بحث لا تتقاضى عنه الإدارة أي رسوم وإنما تقوم به بناءًا على طلب وزارات الحكومة ومصالحها المختلفة، ويندرج تحت هذا القسم أوراق العساكر والخفراء والعمد وشيوخ الحارات والناخبين؛ أما القسم الآخر فهو البحث الذي تتقاضى عنه الإدارة رسومًا ويشمل شهادات تحقيق الشخصية (التي كانت قبل البطاقة)، مع رخص الخدم وكان مقدار الرسم 20 قسمًا.

وقد بلغ عدد طلبات تحقيق الشخصية بمكتب الإدارة بالقاهرة وبباقي جهات مصر في الفترة من 1924م حتى 1929م إلى 441988 طلب، ولأن الطلبات كانت كثيرة، كانت تضطر الإدارة إلى قبول 100 أو 150 طلب وتؤجل بقية الطلبات إلى أجل مستقبلي، وحققت الإدارة إزاء ذلك التأجيل 8 آلاف جنيه ولو كانت قبلت كل الطلبات المقدمة لها في السنة لحققت أرباح أكثر من 10 آلاف جنيه.

قسم إدارة الخبرة وانطلاق البحث الجنائي في مصر

تاريخ البصمات في مصر
كشف جريمة سنة 1930م عن طريق البصمات.

وتطور تاريخ البصمات في مصر عندما قام قسم البحث بوضع أسماء الهاربين من السجون وتحديد أسماء من عليهم أحكام غيابية وكذلك تحديد أسماء من عليهم عقوبة المراقبة، وبعد الانتهاء من الأسماء يتم إخطار الجهات المختلفة بذلك.

وقد تراوح عدد الهاربين الذين طُلِب من الادارة ضبطهم 14272 هارب بين سنة 1924م و1929م، أما عدد من تم ضبطهم بواسطة الإدارة فكان عددهم 5292 هارب، فيما تم كشف سوابق لأشخاص ينتحلون أسماء غير أسماءهم الحقيقة وبلغ عددهم حتى عام 1929م 73558 منتحل لأسماء.

محمود أفندي الطيب رئيس قلم الشهادات
محمود أفندي الطيب رئيس قلم الشهادات

أما النوع الثالث المسجل بفصول تاريخ البصمات في مصر فهو قسم أعمال الخبرة وكان له 3 أنواع هي :-
الأول / رفع آثار الأيدي والأقدام التي يتكرها الجناة في مسرح الجريمة ومقارنتها ببصمات أصابع المتهمين
ثانيًا / مضاهات البصمات الفردية التي يُطْعَن فيها بالتزوير في مسائل مدنية أو إدارية أو جنائية.
ثالثًا / إثبات سوابق المتهمين الذين ينكرون سوابقهم.

وكانت النتائج المترتبة مبهرة ومريحة للهيئة القضائية ووزارة الداخلية، فقد كانت خدماتها للقضاء متمثلة في حفظ سوابق المجرمين وإثباتها للعائدين منهم للاجرام، وحفظ هذه السوابق مرتبة، بحسب الأشكال، فإذا ما أريد البحث عن سوابق أحد الاشخاص أخذت بصمات أصابعه وقسمت وقورنت على الأوراق الموجودة من نوعها بالمحفوظات واستخرجت من بين مثيلاتها.

وكانت عملية مطابقة البصمات فنية ومرهقة لا تكفي فيها العين المجردة، بل يتم استخدام المجهر، ويضطر القائم بها إلى الانحناء المستمر معرضًا نفسه لما يترتب على ذلك من أمراض الصدر والمعدة علاوة على عدوى الأمراض الجلدية من بصمات المصابين بها من المجرمين.

إقرأ أيضا
أشغال شقة
موظفو إدارة تحقيق الشخصية يقومون بعملهم الفني على مكاتبهم
موظفو إدارة تحقيق الشخصية يقومون بعملهم الفني على مكاتبهم

أما الخدمات التي قدمتها إدارة تحقيق الشخصية للأمن العام بسبب البصمات، فهو كشف قضايا هامة منها أنه في سنة 1925م إذ قام لص بسرقة منزل أحد الماليين وفتح خزائنه عن طريق مفتاح مصطنع وسرقة نقود وأوراق مالية بقدر 2000 جنيه، وكان تقرير إدارة تحقيق الشخصية في هذه الحادثة دليل القضاء الوحيد في الحكم على الجاني.

أيضًا في سنة 1925م حدثت سرقة بمنزل محمد محمود باشا وترك الجاني أثر لقدميه واستطاع الأمن معرفة السائق وتقديمه للقضاء وذلك بسبب البصمات.

أما التطور الأعظم فكان سنة 1929م بسبب تطور الحالة العمرانية والاقتصادية في مصر، ففي الأساس كانت الإدارة لها غرض أساسي وهو الكشف عن السوابق، وغير ذلك من الأعمال ذات المساس بالأمن العام والمحاكم، لكن التطور العمراني وكثرة السكان أدوا إلى إضافت مهام أخرى للإدارة ومنها البحث المجاني عن أوراق المتهمين والمشبوهين والمتشردين، وزادت عليه أوراق العساكر والخفراء والعمد ومشايخ البلاد والحارات والناخبين المطعون فيهم والمتوفين المجهولين؛ كذلك كان هناك بحث بضريبة قدرها 200 مليم ويشمل البحث عن شهادات تحقيق الشخصية للأطباء والمحامين والمهندسين والخبراء والمسافرين للخارج والمصارف ورخص الخدم.

بعض موظفي إدارة تحقيق الشخصية يقومون بعملهم أمام دواليب المحفوظات
بعض موظفي إدارة تحقيق الشخصية يقومون بعملهم أمام دواليب المحفوظات

ومما يذكر أنه قبل عام 1929م كانت الدواليب خشبية إلى أن تغيرت لصاج خوفًا عليها من الحريق، ثم صارت دواليب حديدية؛ ولاحقًا صار قلم السوابق التابع لمصلحة تحقيق الشخصية يتبع وزارة الداخلية بدايةً من العام 1962م.[3]


[1]  جريدة الوقائع المصرية، ع43، يوم 17 إبريل 1895م.
[2]  مجلة مصر الحديثة المصورة، عدد 22 إبريل 1929م، ص684.
[3]  جريدة الوقائع المصرية، ع273، يوم 25 نوفمبر 1962م، ص2644.

الكاتب

  • تاريخ البصمات في مصر وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان