“سكيرج” قصة رجل مسلم وراء أكبر مسجد في تاريخ فرنسا

شهد يوم الخامس عشر من يوليو سنة 1926 م تدشين أكبر مسجد في تاريخ فرنسا حيث قرر الرئيس الفرنسي دومارغ إقامة جامع في باريس وأشرف على افتتاحه السلطان المغربي مولاي يوسف بن الحسن وقام الشيخ أحمد سكيرج التيجاني بإلقاء أول خطبة فيه.

يوم تدشين أكبر مسجد في تاريخ فرنسا

كان السبب في تشييد المسجد هو تقدير الدور الذي قام به مهاجري شمال القارة الإفريقية الذين كانوا من الجزائر والمغرب في الدفاع عن فرنسا خلال أحداث الحرب العالمية الأولى؛ وتم تشييد المسجد بميزانية بلغت نصف مليون فرنك.

كانت خطبة الشيخ أحمد سكيرج في مدة 45 دقيقة، ومن خلالها طالب الشيخ سكيرج كافة المسلمين على نشر الإسلام في صفوف الشعب الفرنسي وعبر عن ذلك تفريغ خطبته التي تحولت إلى كتاب يضم مواعظه لمريدي الطريقة التيجانية الصوفية بقوله ” أنتم في مسجد سيكون سببا في نشر فضائل الدين حتى يعم الائتلاف المسلمين وغيرهم من المجاورين، أنت في مسجد هو مرشد للقادم الغريب وللحاضر الشارد كالطبيب، وتابع الخطيب المغربي قوله “لا تبخلوا رحمكم الله وأعانكم بما للمسجد فلسان حاله يقول : لا تهملوني حقي، حقي عليكم وإليكم .. كونوا إخوانا محاربين للجهل والعادات المذمومة، ولا تفسدوا عقولكم بالخمور، ولا تدنسوا أعراضكم بالفجور، ولا ترتكبوا العار، اجتنبوا الزنا والقمار، ولا تقتلوا أنفسكم بالقنوط والكسل.

من هو إمام مسجد باريس الكبير

الشيخ أحمد بن الحاج العياشي بن الحاج عبد الرحمن سكيرج الأنصاري، وهو من مواليد 1878 م، وحفظ القرآن الكريم وتخرج بالقرويين واندرج في طبقة المدرسين بها ثم تولي نظارة الأوقاف في فاس، وعقب خروجه منها تولى مسؤلية القضاء.
ويحكي الشيخ أحمد سكيرج عن علاقته بالتصوف فيوضح أنه كان يصحب جده عبد الرحمن سكيرج لصلاة المغرب وتأدية ذكر الوظيفة مجلس الذكر الجماعي بعدها بالزاوية الكبرى بفاس مع الطريقة التيجانية.

التحق الشيخ أحمد سكيرج بالطريقة التيجانية سنة 1898م، على يد محمد فتحا بن محمد بن عبد السلام كنون، وكان عمره عند تمسكه بها 20 سنة، ويشتهر الشيخ أحمد سكيرج في باريس على أنه الصوفي الذي أنصف المرأة ويقول في ذلك عبر كتابه «الروضة اليانعة» المرأة هي نصف المجتمع وأن صلاحها من صلاحه وفسادها من فساده، وبما أنها شقيقة للرجل في الأحكام بات من الأولى في نظره أن تشملها نهضة الإصلاح الحديثة، لأنها القاعدة التي تدور عليها الأشياء؛ فأي إصلاح يغفلها يعتبر لاغيا، وأي تغيير لا يأخذها بعين الاعتبار يعد متنافيا.

اقرأ أيضًا 
الشيخ صالح الجعفري (1-2) | نبوءات رسمت الفرحة بعد حزن دام 8 سنوات

إقرأ أيضا

“الدكتور محمد الجوادي” موهبة مفترضة في التأريخ أضاعها صاحبها بالإرهاب والخَرَط

في أواخر أيامه كان الشيخ أحمد سكيرج رحمه الله مصابا بداء السكر، وكان يعاني منه كثيرا في أواخر حياته، وتبين تقارير علاجه ومراحلها بإحدى المستشفيات المختصة بالدار البيضاء خطورة المرض على صحة الراحل أحمد سكيرج.
قبل وفاته الشيخ أحمد سكيريج بثلاثة أيام، داهمه مرض السكر واشتد عليه، فحمل إلى مراكش من أجل العلاج في إحدى المستشفيات هناك، فأجريت له بها عملية جراحية توفي بعدها بقليل، وذلك يوم السبت 23 شعبان عام 1363هـ الموافق 12 أغسطس سنة 1944م.