
تترات مسلسلات رمضان 2025: سيد الناس …. عندما يكون التتر أحلى من المسلسل نفسه

-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لم يكن غريبًا أن يلجأ مسلسل “سيد الناس” إلى صوت أحمد سعد كي يكون واجهة تتر المسلسل، نظرًا كونه شقيق البطل “عمرو سعد” بالإضافة إلى أن العمل من إخراج “محمد سامي” الذي سبق وأن تعاون معه في مسلسلات سابقة، لكن ما لا شك فيه هو أن “سعد” يعتبر أنجح الأصوات الغنائية على الساحة حاليًا بل من الجائز أن نعتبره الوحيد في جيله القادر على وراثة عرش تترات المسلسلات في ظل غياب جيل الوسط الذي حقق نجاحات هامة في هذا المضمار.
في وقتنا الحالي أصبحت تترات المسلسلات مقتصرة على أغنية في البداية مع تتر نهاية غالبًا أما يكون موسيقى قام بتأليفها مؤلف الموسيقى التصويرية أو يتم إعادة موسيقى أغنية التتر بدون صوت المطرب أما في تتر مسلسل “سيد الناس” فتم العودة إلى الشكل الكلاسيكي في تقديم التترات، حيث تم تقديم تتر بداية وتتر نهاية مع وجود رابط قوي بينهما رغم اختلاف الصناع، حيث كتب تتر البداية محمود عبد الله وقام بتلحينه محمدي وتوزيع خالد نبيل أما تتر النهاية فكتب كلماته محمد شافعي ولحنه أحمد سعد وقام بالتوزيع نادر حمدي، هذا النهج يعيد للأذهان العصر الذهبي لتترات المسلسلات الرمضانية حيث كانت أغنية التتر جزء لا يتجزأ من هوية المسلسل وبالتالي تترك أثرًا كبيرًا في ذاكرة المشاهد.
تتر البداية :
تترات المسلسلات التي تعتمد على اسم البطل أو تدور حول شخصيته غالبًا ما تتبع نمطًا شبه ثابت يعكس طبيعة الشخصية الرئيسية وصراعاتها، في تتر البداية جسدت كلمات محمود عبد الله الصعاب والتحديات التي يواجهها البطل مع تركيز كبير على المفردات الشعبية و العبارات القوية الرنانة التي تشير إلى أننا أمام شخصية خارقة او أسطورية قادرة على مواجهة الأعداء والتغلب على المؤامرات وهو أسلوب من شأنه يعمق ارتباط المشاهد بالشخصية الرئيسية.
“واللي ضدي أنا بعاهدهم – هفضل سيد الناس وسيدهم – لو يحاولوا يصطادوني – هيلاقوني أنا اللي أصيدهم – ملمومين عاملين عصابة – واللي أغرب م الغرابة – أن لا عياركم بيدوش مرة ولا يعمل إصابة”
لحن ملحمي من محمدي على مقام الكرد ناسب مضمون كلمات محمود عبد الله وعكس فكرة التحدي والقوة التي يجسدها بطل العمل،اللحن بدأ بشكل هادئ وتصاعدي يعكس تدرج الأحداث التي سوف يخوضها بطل العمل ووصوله إلى ذروة الصراع في اللزمة الرئيسية التي كانت أكثر جمل اللحن قوة وتأثيرًا.
التوزيع الموسيقي الذي قدمه خالد نبيل كان غنيًا ومتنوعًا، حيث استخدم آلات مثل الكمان والناي بشكل مميز. افتتاح الأغنية بصولو من الكمان كان لمسة فنية ذكية، حيث أعطى بداية قوية ومؤثرة دون أن يكون مستنسخًا من أي جملة لحنية أخرى. هذا التوزيع الدسم ناسب طبيعة اللحن الملحمي وأضاف بعدًا دراميًا للأغنية.
جملة الفاصل الموسيقي اختلطت فيها الوتريات مع الناي والكمان بجملة لحنية جديدة ساعدت في خلق انتقالات سلسلة بين المقاطع مع اعطاء مساحة جيدة لصوت أحمد سعد الذي ادى التتر بإحساس عالي دون افتعال أو استعراض صوتي.

تتر النهاية:
رغم أن تتر النهاية كتبه شاعر مختلف عن تتر البداية إلا أن هناك رابط قوي بينهما تتر البداية الذي كتبه محمود عبد الله جسد الصراعات الخارجية التي يعيشها البطل ثم يأتي الموهوب محمد شافعي كي يعكس في تتر النهاية صراعات البطل النفسية، ويضيف ابعادًا جديدًا للشخصية مما جعلها أكثر تعقيدًا ويعكس الجوانب الإنسانية له ومعاناته مع تحولاته الداخلية من شخص بسيط لا يفتعل المشاكل إلى هذا الشخص الذي لا يهاب أحد حتى أنه أصبح يخاف على نفسه منه.
“ما كنت بسيط – ماشي بطيبتي جنب الحيط – ورايق بالي مهما جرى لي – راضي بحالي بس لقيت – في لحظة الدنيا فاجأتني – وعدت فوقي هدتني – وقست قلبي خلتني – واحد تاني معرفوش”
نجح أحمد سعد في تقديم لحن يعكس الحالة النفسية المعقدة للبطل وصراعاته الداخلية بداية من اختياره لـ مقام النهاوند حيث القدرة على التعبير عن المشاعر العميقة والحالات النفسية المعقدة مما جعله خيار ممتاز لتجسيد رحلة البطل الداخلية، أفكار اللحن متعددة وثرية جدًا تنتقل بسلاسة من فكرة إلى أخرى وفق مضمون الكلمات المتماسكة جدًا من محمد شافعي.
بداية قوية و مستنفرة من الموزع نادر حمدي الذي استخدم الوتريات ليجذب انتباه المستمع منذ اللحظة الأولى ويعطيه شعور بالتوتر والترقب ويعكس حالة البطل المضطربة مع اهات أحمد سعد التي جسدت حزنه وتساؤلاته، تحول اللحن إلى هدوء مع استخدام إيقاع الفالس الذي أعطى شعور بالتدفق والاسترسال ونقل التوتر الخارجي إلى التأمل الداخلي حيث يضع البطل أمام تساؤلاته مع تصاعد اللحن تسير الوتريات بشكل متوازي معه وتعكس رحلة البطل داخل عقله، أداء أحمد سعد عكس قدرته على التحكم في صوته والانتقال بسلاسة دون افتعال حيث اهتم بالتعبير عن الكلمات أكثر من الاستعراض الصوتي.

الخلاصة :
رغم اختلاف الشعراء (محمود عبد الله لتتر البداية ومحمد شافعي لتتر النهاية)، إلا أن هناك رابطًا قويًا بين التترين يعكس تطور شخصية البطل. تتر البداية يركز على التحديات الخارجية، بينما تتر النهاية يعكس الصراعات الداخلية، مما يخلق تكاملًا دراميًا قويًا, التترات تميزت بجودة فنية عالية، سواء من ناحية اللحن أو التوزيع أو الأداء الغنائي. هذا الاهتمام بالتفاصيل جعل التترات أنجح من المسلسل نفسه ، أداء أحمد سعد كان عاملًا مهمًا في جودة التترات ويستحق أن يكون نجم رمضان 2025 الأول.
تترات مسلسلات رمضان : ونقابل حبيب تيمة مكررة واداء روتيني من إليسا
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ما هو انطباعك؟







