تترات مسلسلات رمضان (3) مسلسل المداح .. عندما تكون الكلمات هي البطل
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
بَنَى حمادة هلال مسيرة جيدة على مستوى الغناء الشعبي المودرن، لم ينجرف مع الموجة الجديدة السائدة من الأغاني الشعبية، ونجح في أن يكون ضيفًا خفيفًا على المستمع وفقًا لكود معين اختص به أغانيه فابتعد عن تسطيح أو ابتذال مفرداتها لا يلجأ إلي الرقص بجانب الغناء ولا يظهر بلوك صادم أو فج، حافظ على الخلطة التي ضمنت له نجاحًا عند الطبقة المتوسطة من المجتمع، وفي المطلق أن لم تحبه فهو لن يجعلك تكرهه.
على مستوى التمثيل ظهر هلال كبطل للعديد من الأفلام والمسلسلات وبرغم أنه لا يمتلك قدرات تمثيلية ضخمة لكنه يجتهد في حدود المطلوب منه، في رمضان هذا العام يطل علينا كبطل لمسلسل المداح والذي يؤدي فيه دور منشد صوفي وبالطبع ما دام بطل العمل في الأساس مطرب فحتمًا ستكون التترات بصوته، كتب كلمات التترات الشاعر “محمد أبو نعمة” ولحنها “مصطفى شكري” وتولى توزيعها “ميدو مزيكا”
اقرأ أيضًا
تترات مسلسلات رمضان (2) الاختيار 2…. المباشرة قد تكون مفيدة أحيانًا.
تتر البداية “مدد يا رب”
من روح المسلسل استلهم الشاعر محمد أبو نعمة كلمات التتر بما يتناسب مع قصة مسلسل بطله منشد صوفي يتوسل ويطلب المدد من الله.
الكلمات مكتوبة بدقة وصنعة مدهشة برهنت عن قوة شاعر يمتلك قاموس مفردات مختلف ويبتعد بمسافة كبيرة جدًا عن شعراء جيله، وكما هو معتاد من الوسط الغنائي الذي دائمًا ما يجنح إلي المباشرة والتناول السطحي للموضوعات فلن تجد في رصيده الفني عدد ضخم من الأغاني.
اختار الملحن مصطفي شكري مقام الصبا ذو الطابع الحزين ليتناسب مع حالة التوسل التي جسدتها الكلمات، احتوى اللحن على فكرتين الأولي منذ البداية “مدد ” والثانية تبدأ مع “عبدك شيطان” واجاد شوقي اختيار قفلة الجمل في كل فكرة بتماسك شديد، الموزع ميدو مزيكا لم يتفلسف كثيرًا إيقاع صعيدي يصاحبه باص جيتار قوي جدًا مع الناي والربابة دون أصوات موسيقية مزعجة أو لوبات إليكترونية قد تشوه الكلمات واللحن،لم يصل حمادة هلال لذروة الأداء يمكن لطبيعة المقام الخانقة جدًا واهتمامه بالتعبير أكثر من التطريب.
تتر النهاية “إني الفقيرُ”
لن أبالغ أن قلت أن تتر النهاية واحد من أعظم التترات التي كتبت في تاريخ الدراما المصرية الحديثة منذ بداية الألفية، التتر كتب باللغة العربية الفصحى و برصانة شاعر كبير، تحكم جيد في المفردات والأوزان الشعرية، لن تجد لفظ أو مفردة دخيلة من العامية أو مكتوبة اضطرارًا، بهذا التتر يبرهن أبو نعمة أننا أمام شاعر حقيقي يكتب الأغنية على مضض وليس العكس.
الملحن “مصطفى شكري” رغم أنه لم يخرج خارج نطاق مقام النهاوند لكنه نجح في تنويع جمل اللحن حيث ظهر التتر وكأننا أمام لحنين منفصلين تمامًا ونجح بشكل جيد في الربط بينهم،افتتحت الكولة التتر بجملة شديدة العذوبة والجمال مهدت للغناء بشكل جيد، و ستصاحبنا الكولة كثيرًا في خلفية الغناء مع الإيقاع، لتعود لتحتل الخط الأول بجملة ارتجالية مدهشة في الفاصل، مع ظهور خجول للجيتار الكهربائي بجملة غير مفهومة قليلًا في النهاية ثم يترك العنان للكولة التي ترتجل حتى النهايةـ أداء حمادة هلال قوي جدًا لم يفلت منه اللحن، وإن عابه سوء نطق مخارج بعض الحروف بالفصحى.
يحسب لصناع التتر أنهم قدموا لنا تكامل وتناسق بين تتر البداية والنهاية مستلهمين الأفكار من قصة المسلسل نفسه، وهو الخطأ الذي يقع فيه الكثيرين هذه الأيام حيث نشاهد تترات لا تمت للمسلسل بأي صلة، ويظل أهم ما في التترات هي الكلمات التي يمكن أن نضعها كبطل للعمل كله، الشاعر محمد أبو نعمة اكتشاف جديد ارجو ان يلتفت إليه صناع الأغنية ليدركوا أن الازمة ليست أزمة نصوص أو ندرة في المواهب، ويحسب لمن اختارهم أنه لم يلتفت إلي أسماء رنانة ضخمة بقدر ما أسندها إلي من يستحقون تواجدًا أكبر بكتير من شلة السوبر ماركت التي سطحت شكل الأغنية المصرية ودمرت بعض تترات المسلسلات.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال