تترات مسلسلات رمضان (6) قصر النيل .. التوزيع غير التأليف الموسيقي

يصر بعض شعراء الأغنية الحاليين على أسلوب معين عندما يقوم بكتابة تتر مسلسل حيث يركز فقط على أن يكون التتر على لسان بطل أو بطلة العمل، وكأن فكرة المسلسل تدور حوله فقط، دون محاولة بذل أي مجهود للخروج بفكرة أوضح وأشمل عما يريد أن يقوله المسلسل.

تلك هي الطريقة الأسهل في الكتابة لأنه سيتعامل معها على أنها أغنية عادية يقوم بغنائها مطرب أو مطربة وفي نفس الوقت يجعل المستمع يركز أكثر من يقوم بدور البطولة التي هي في الغالب شخصية تحارب الكل وحدها في المسلسل وإغفال أي أدوار أخرى، وهذا يجعلنا نترحم على الشاعر الكبير سيد حجاب؛ الذي لم يركز مثلًا  في تتر “أرابيسك” على شخصية حسن بل  لخص لنا فكرة المسلسل بكلمات قليلة قوية المعنى وشديدة التكثيف وهذا ما جعل التتر حاضرًا في أذهان المستمع حتى الأن.

تعود أصالة في رمضان 2021  بتتر مسلسل “قصر النيل” والذي كتب كلماته  “أمير طعيمة” و لحنه “إيهاب عبد الواحد” والمفاجأة انه من توزيع “أمين بو حافة” الذي قام بتأليف الموسيقى التصويرية للمسلسل.  

كتب طعيمة التتر من جزئين، الأول يتحدث بشكل شخصي عن بطلة العمل، والثاني كتبه بصيغة الجمع وكأن حال البطلة هو حال جميع البشر، الكل يعيد تكرار نفس الأخطاء منذ أدم وحواء في محاولة منه لصبغ الكلمات ببعض الحكم والمواعظ وهو كلام مطاط يصلح لأن تسقطه على أي شئ وليس خاص بفكرة مسلسل بعينه.

موسيقى التتر جاءت غير متماسكة تمامًا، لحن إيهاب عبد الواحد دار في فكرتين على نفس المقام، بجمل موسيقية غير متماسكة وضعيفة جدًا خصوصًا في جملة الدخول، أما مشكلة التتر الأكبر في التوزيع الموسيقي الذي لم يركز على جمل اللحن الموسيقية، بل تعامل “بوحافة” مع التتر وكأنه قطعة موسيقية من تأليفه، جملة البيانو في بداية التتر مهدت لدخول أصالة وهي الجملة الوحيدة التي تتسق مع اللحن، أما الوتريات فهي هلامية لا يمكن ترتكن على جملة موسيقية بعينها فيها، تتصاعد فجأة سرعان ما تهبط لتسلم الغناء لأصالة.

اقرأ أيضًا

تترات مسلسلات رمضان .. لحم غزال … أغنية جيدة لا تصلح كتتر لمسلسل

عندما تعيد أصالة الجملة الافتتاحية مرة أخرى تصاحبها وتريات غير متآلفة مع الغناء تمامًا فنجد الهارمونيات في واد والغناء في واد أخر، الفاصل الموسيقي جاء غير متطابق مع اللحن تمامًا، لم يستنسخ أي جملة موسيقية منه أو حتى من روحها، وبدا وكأنه قطعة موسيقية مستقلة عن التتر تمامًا، رغم أنه كتب الموسيقي على تنويعات من نفس مقام اللحن.

إقرأ أيضا

“ذكريات المسحراتي في مصر الستينيات” وصل عددهم في القاهرة إلى 4 آلاف

أداء أصالة يشوبه بعض المشاكل الفنية، فبرغم أنها تخلصت في الفترة الماضية من طريقة أداءها التي تصر فيها على الغناء من طبقة عالية ، إلا أنها عادت لنفس الأمر في هذا التتر، فبرغم الدخول الهادئ جدًا منها، إلا أنها سرعان ما قفزت سريعًا إلي الطبقة المحببة لها والتي يكرهها الجمهور.

توزيع “أمين بو حافة” لتتؤ مسلسل قصر النيل سيجعلنا نفتح ملفات المؤلفين الموسيقيين الجدد وطريقة كتابتهم للموسيقي التصويرية بصيغ كلاسيكية غربية لدراما المفترض أنها شرقية، وبرغم قدرة “أمين بو حافة” على التأليف الموسيقي إلا أنه فشل تمامًا كموزع في هذا التتر لأنه لم يستطع الفصل بين تأليف الموسيقى وبين توزيع قطعة موسيقية اّخري ليست من تأليفه.