تتر مسلسل ظلم المصطبة نجاح غير متوقع يعيد الأمل في تترات المسلسلات

مع بداية مسلسلات النصف الثاني من رمضان لفت الأنظار مسلسل “ظلم المصطبة” ليس بسبب قصة العمل التي كتبها أحمد فوزي صالح أو الأداء الرائع لابطاله فتحي عبد الوهاب، إياد نصار وريهام عبد الغفور ولكن بسبب تتره المميز الذي غناه محمود خطيب مطرب فريق هوس المستقل، حتى أصبح حدثًا فنيًا بحد ذاته وأعاد تعريف الجمهور على عالم الفرق الغنائية المستقلة والتي غالبًا ما تكون بعيدة عن الأضواء التجارية.

هذا التتر أعاد فتح التساؤلات حول التحديات الصعبة التي تواجهها تترات المسلسلات في الوقت الحالي خصوصًا بعد رحيل وابتعاد الجيل الذهبي من الشعراء والملحنين مثل سيد حجاب،عبد الرحمن الأبنودي، عمار الشريعي وياسر عبد الرحمن وعدم وجود بدائل قوية تستطيع سد الفراغ الذي تركه هذا الجيل.

هذا الفراغ جعل أغلب صناع المسلسلات مضطرون لقبول الحل الأسهل لصناعة التترات وهو الاستعانة بشعراء البوب المصري مما أدى إلى دخول التترات إلى نفق مظلم وتحول بفعل فاعل من أغنية ذات مضمون قوي يعبر عن المسلسل إلى أغنية عاطفية عادية سطحية غالبًا ما تفتقر إلى العمق والارتباط بجوهر العمل الدرامي وتشبه أغاني التيك أواي التي يصنعونها على مدار السنة ولا تستمر في ذاكرة المستمع أكثر من أسبوع وهم أحد أسباب انهيار أغنية البوب التجارية وبالتالي دخولهم إلى مضمار التترات أدى إلى انهيارها ايضًا.

كانت هناك حلولًا كثيرة منها الاستعانة بفرق ومطربي الأندرجراوند حيث التمرس أكثر على صناعة أغنيات ذات مضامين إنسانية وإجتماعية أو التي تحتمل أكثر من تأويل سواء عاطفي أو إنساني، لم يلجأ إلى هذا الحل سوى فئة قليلة من الصناع حيث ظهرت فرق مثل مسار إجباري، شارموفرز او مطربين مثل وائل الفشنى حيث تركوا بعض الانطباعات الإيجابية التي ترشحهم لكي يرثوا هذا المقعد.

جاء ترشيح محمود خطيب لصناعة تتر المسلسل عن طريق الموزع والمؤلف الموسيقي كريم جابر المشهور باسم “الوايلي” صانع الموسيقى التصويرية للمسلسل وبدأ خطيب العمل على التتر بعد أن قرأ قصة المسلسل وهي النقطة التي بح صوتنا كثيرًا في التركيز عليها حيث الطبيعي او المنطقي أن يكون التتر جزء أصيلًا من المسلسل يعبر عن فكرته ويحمل رسالة ما وليس مجرد أغنية عابرة.

كلمات التتر عبرت عن مشاعر عميقة من الحزن والوحدة مع بصيص من الأمل يتمثل في وجود الحبيبة التي  تظل الملاذ الأمن الذي يعود إليه بعد الغياب، الكلمات عكست صراعًا بين الماضي الذي لا يزال يؤثر في الحاضر مع رغبة من التحرر من تلك الأفكار التي تخدعه وتسبب له الألم، صدق الكلمات التي كتبها محمود خطيب جعلها تدخل سريعًا إلى قلب الجمهور مع استخدام مفردات كلاسيكية بسيطة لكنها مؤثرة أعطت طابعًا شعبيًا ريفيًا مما جعلها تناسب أجواء المسلسل الذي تدور أحداثه في الريف.

اختيار مقام البياتي من قبل محمود خطيب لتلحين التتر كان قرارًا ذكيًا حيث يعتبر هذا المقام من أكثر المقامات المستخدمة في الغناء الشعبي الفلكلوري، جمل اللحن جاءت متماهية مع فكرة الكلمات وتناغمت بشكل كبير مع أجواء المسلسل الريفية الحزينة.

قام كريم جابر “الوايلي” المعروف بتجربته في الموسيقى الإليكترونية بتوزيع التتر بطريقة مبتكرة حيث دمج بين الإيقاعات الشعبية والموسيقى الإلكترونية هذا الدمج أعطى التتر طابعًا عصريًا وفي نفس الوقت حافظ على الروح الشعبية التي تناسب أجواء المسلسل،هذا المزيج الفريد من الموسيقى الإلكترونية والإيقاعات الشعبية جعل تتر “ظلم المصطبة” يتميز عن غيره من التترات.

موسيقى مسلسل اخواتي كيف تعبر عن التوتر وتعمق دراما الشخصيات

إقرأ أيضا

بأوامر رسمية “الجنازة لم تكن حارة”.. عن تشييع محمد علي باشا

الخلاصة

تتر مسلسل “ظلم المصطبة” يُعد مثالًا ناجحًا على كيف يمكن للتتر أن يكون جزءًا أصيلًا من العمل الفني، يعبر عن روحه ويلمس مشاعر الجمهور. نجاح التتر يعود إلى اختيار صوت مختلف من عالم الأندرجراوند، وكلمات عميقة، وألحان مؤثرة، مما جعله يترك أثرًا كبيرًا في ذاكرة المشاهدين. هذا النجاح قد يفتح الباب أمام المزيد من التجارب المماثلة، حيث يتم الاستعانة بفرق ومطربي الأندرجراوند في صناعة تترات المسلسلات، مما قد يعيد الحياة إلى هذا المضمار الفني المهم.