تجارب محكية .. لماذا يتخلى الكُتاب الشباب عن حلم التأليف الأدبي
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نهضة الأمم تعتمد في المقام الأول على العلوم والفنون، فالفنون هي الوسيلة الوحيدة القادرة على إظهار ثقافة الشعوب ومدى تمدينها، ومن بين الفنون التي هي مرآة المجتمعات فن الكتابة والتأليف على اختلاف أنواعه وألوانه، ويتوقف مدى ازدهارها على خصوبة البيئة الحاضنة للإبداع التي تساعدهم على إحداث نهضة حقيقة؛ نهضة تسمو بالنفس الإنسانية إلى أعلى مراتب الإبداع.
لماذا يتوقف المؤلفون عن الكتابة؟
وحركة التأليف في مصر تحسبها كبيرة إلا أن الواقع غير ذلك فيهجر الكُتّاب الشباب الكتابة والتأليف على اختلاف أنواعه وألوانه، ولأسباب عديدة مع امتلاكهم لمواهب ورؤى فكرية عظيمة إذا ما عملنا على تنميتها وتوفير المناخ الإبداعي الحاضن لتلك المواهب.
محمد والي .. عاطل بدرجة مبدع
محمد والي شاعر مبدع له من القصائد الكثير لم يحالفه التوفيق في نشر ديوانه الأول بسبب المال الذي تفرضه دور النشر على المؤلفين والشعراء من أجل نشر أعمالهم وسط ركود تام في حركة النشر الخاصة بالقصور الثقافية.
هل تراك عيون قلبي في الطيور؟
وفي الزهور
هل غزوتي الأمكنة
هل تختفين؟
مالي أذوب في الشوارع
وأصنع من بيوت مدينتي
شيئا من ملامح وجهك
مالي أعفر في التراب
وأرقص في ضوء مصباح الشوارع
وكأني جسد لاح لي
توقف” والي” عن تأليف الشعر بعد التخرج فقال:” أصبحتُ عاطلًا، سعيت كثيرًا للحصول على فرصة عمل لكن كما الواقع لا فرص حسب مؤهلك”، وأضاف عملتُ في مجال التصميم لإني امتلك موهبة بها ولكن شاءت الأقدار أن اترك العمل بسبب توقف الشركة عن العمل فأصبحت عاطلًا من العمل مرة ثانية وحينها كنت في قلب معترك الحياة اعمل لجمع المادة من أجل إتمام خطبتي على من أحببت ولكن تبقى مجرد آمال خسرت كل شيء، وعلى هذا لم أعد متوازن نفسيا و عقليا للكتابة، فالكتابة تحتاج لصفاء الذهن لا الحياة الجافة الذي نعيشها.
على تغريبة الشمس
تشد خيوط طائر وتستلقي على الملكوت
وترسم لوحة حرة
شباب يربطون أيادي الساسة
ورايات تكفن جسة القادة
وتهتف جملة الورقات
لتحيا الراية البيضاء، لتحيا الراية البيضاء
بلا ساسة بلا سادة بلا رايات
الزواج ومسؤوليات الحياة
ولنفس الأسباب تقريبا يقول ” محمد عبد العزيز” أن السبب الرئيسي وراء توقف الكتابة هو ظروف الحياة المادية التي تواجه الشباب في بداية حياتهم، فهم يحتاجون إلى أموال كثيرة من أجل الزواج الزوج وتكوين الحياة الأسرية.
أنا يا وطني رصاصة
ضاقت بها البندقية
فانتشالاتها أيدي الملاين الحفية
وأعلنت بَدْء القضية
جمود المشاعر
إسراء علي شاعرة وكاتبة تكتب القصص القصيرة، كان لديها من الإبداع والتجارب الشعرية في سن صغيرة ما يؤهلها لتكون في مصاف الشعراء العظام، إلا أنها اختفت فجاءة من الساحة الأدبية وبتنا نفتش عنها كثيرًا، إلا أن تواصل معها الميزان مؤخرًا لتحدثنا عن هذا الجفاء الأدبي المفاجئ.
تقول إسراء:” أعاني من جمود لا أستطيع الكتابة فقدت شغفي تمامًا، ربما بسبب عدم التشجيع على الكتابة من الأهل مشاكل الحياة الأسرية التي تحجب البنت عن حضور المسيات الأدبية والدوريات الثقافية، و اعتبار ما اكتب من قبيل التفاهات التي لا تجدي.
و أضافت: لدي إنتاج غزير من الشعر إلا أنه لم يخرج إلى النور بسبب العجز المادي، فكل دار نشر تحتاج إلى أموال من أجل نشر العمل بالرغْم قوته وفصاحته .
و يحمل الكاتب فكرًا يضعنا أمام تجرِبة إنسانية تمتد بين الروح والحياة، فكيف إذا هدمت روحه؟ !
الكاتب ليبدع يحتاج إلى صفاء النفس والوجدان، يحتاج إلى مناج إبداعي مناسب، فكما هو حال الوسط الثقافي من لا يعرف الكتابة أصلا ينشر له الأعمال التي تسمى ” أدبية رغم بعدها التام عن هذا المسمى العظيم فقط لأنه يمتلك المال الذي يعطيه لدار النشر من أجل الطباعة.
أما الموهوبون فهم على قارعة الطريق محطمون ينتظرون وزارة الثقافة لتعطي لهم الضوء الأخضر لنشر أعمالهم التي تأخذ وقتًا طويلًا للخروج إلى النور، الفنون مرآة المجتمع فإذا غابت تهنا كما الآن .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال