همتك نعدل الكفة
592   مشاهدة  

تجليات أدب السجون في شعر عبد الناصر صالح .. انتفاضة حرة

أدب السجون
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



كان للشعراء نصيب وفير من تجارب أدب السجون منذ العصر الجاهلي و إلى الآن، وقد حضرت كلمة ” السجن” بوفرة في الموروث الأدبي خاصةً في المشهد المعاصر لاسيما في فلسطين الأبية، ذلك أن العصابات اليهودية حولتها إلى سجن كبير ، جعلت شبابها وشيوخها يقاسون ويلات الحرب والسجن؛ لإيمانهم بالوطن وإصرارهم على رفض الاحتلال ، فلا نكاد نجد رقعة واحدة من فلسطين بدون سجين رأي أو موقف أو مواجهة .

هذه المواجهات والاعتقالات أفرزت شعراء فلسطينين قدموا أروع أمثلة لـ أدب السجون و المقاومة، تعرضوا بدورهم إلى السجن والاعتقال دون أن يكسر ذلك شوكتهم بل جعلهم أكثر إصرار على النضال، ولنا في الشاعر عبد الناصر صالح مثال في نضاله وتشبثه بمبدأ الحرية للفرد وللوطن .

عبد الناصر صالح .. تجربة ثرية ومحطة شعرية لامعة 

تعرض الشاعر الفلسطيني “عبد الناصر صالح ” إلى الاعتقال في حداثة شبابه من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، فقد اُعتقل لمدة ستة أشهر قضاها في سجن طولكرم، إذ شارك في انتفاضة الأرض سنة 1976م ضمن اتحاد الطلبة الثانويين الذي انتخب رئيسا له، واعتقل ثانيًا  سنة 1977م  بتهمة الانتماء لمنظمة التحرير الفلسطينية وحكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن لمدة سنة ونصف قضاها متنقلًا بين عدة سجون في الرملة وطولكرم ونابلس ، ومع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية سنة 1987 م اعتقلته سلطات الاحتلال مرة أخرى  لمدة 12 شهرًا في معتقل في النقب الصحراوي .

الشاعر عبد الناصر صالح
الشاعر عبد الناصر صالح

هذه التجربة الثرية، التي عان فيها الشاعر من الأسر والتضيق والتنكيل أفرزت أدبًا  معبرًا عن مسيرة شاعر  مناضل، ومن بين تلك الأعمال التي عبرت عن هذه التجربة ديوانه الأول ” الفارس الذي قتل المبارزة”،  الذي كتبه سنة 1977م  في زنازين الاحتلال، وحملت قصائده مواضيع مختلفة تعكس هموم الوطن وانتظار الحرية لبلدة الأسير وذكر أسماء الشهداء والنصر،  كما كتب ديوان بعنوان” المجد الذي ينحني لكم” ، وقد كتب قصائده أيضًا في معتقل أنصار 3 عام 1988م .

الأمل واليقين بالنصر 

ومن خلال تجربة الشاعر الثرية في معتقلات الاحتلال استطاع أن يُعبر بصدق عما مرّ به، فقد آمن  أن السجن مدرسة يتخرج فيها المناضلون وهم يحملون أوسمة العزة والكرامة لذلك لم يكبح السجن طموحاته المشروعة ولا قلل من وطأة اندفاعه بل كان السجن حافزًا أكبر لكي ينطلق بعنفوان أقوى في ميدان النضال .

يقول في قصيدته ” يوميات أنصار 3 ”

هو السجن مدرسة للنّضالات،

إضبارة للعلاقات

شمس تخلف اجسادنا مضفة للسواد

عذاب وملح على الجرح يطفو

وماء أجاج 

أدرك ” صالح” حق شعبه في الأرض وأن هذا الحق ثابت بدم الشهداء الشرفاء ، وأن حتمية النصر آتية مهما طال ليل الجراح.. حتمية النصر قادمة غير عابئة ببطش الرياح ظلم الأيام .

رسائل سجينة 

يعبر الشاعر في كلمات قليلة عن أمله العميق في تحقيق النصر، و اعتبر أمه الحقيقية  هي الرمزية المعبرة عن الوطن فقد كان بعيدًا عنها لكنه يراها قريبة بعواطفه لا تغادره ليل نهار، ورغم الأسر في سجون الاحتلال وعتمة الزنازين لكن تبقى  هي الضوء اللامع الكامن في بؤبؤ عينيه، وفي كل مره يؤكد لنا الانتصار .. الانتصار قادم .

الموكب الموعود شق طريقه عبر البحار وسرى 

تعانقه النسائم والمحار 

ورأيت طلعتك الندية من بعيد 

مَثُلت أمامي مثل طيف لا يحيد 

فوح بالانتصار رسائلي ركب سيخترق الحصار

وفي ” نشيد البحر” يركب الشاعر الأفق البعيد لا يوقفه ظلام الكون .. يعانق عرائس نسائم الحرية القادمة من بعيد .. يترنم مرارًا وتكرارًا بالحرية .. باليقين..  برسائل تفاؤل تختر سجن والسجانين وتكسر حصارهم وتوصلها إلى أسماع الأحرار وقلوبهم، ذلك الانسجام النفسي النابع من داخله وفرط إيمانه بقضيته اقحمنا في انتصارات النور على الظلام فيقول:

أنا  صيحة العدل في ردهات الغزاة

سأبقى برغم الجراح أقاتل.

وأنهض في الأسر

لا تتمكن مني السلاسل

أنا صيحة العدل

لا تستطيع اقتحامي الزلازل

النضال و أغنيات النصر 

إن عبد الناصر صالح بهذه الروح الفتيه والنضال المستمر، استطاع أن يكون لسان صادق عن المناضلين في فلسطين، فأنتج رسائل بكلمات خفيفة في مبناها قوية في معناها حادة في مضمونها ومبتغاها، كان النداء الدائم لرفع الهمم ومقاومة العدو بكافة الوسائل ، فيقول في ” نشيد البحر”

هذي السماء مسربلة بالنجوم التي 

تعصم العاشقين من الموت 

ترسل اعينها باتجاهك 

ترفع أحلامها باتجاهك 

فاطلق عنانك 

يابن السجون الفسيحة في الأرض 

واشهر سلاحك 

إقرأ أيضا
سماح ممدوح

إن السلاح خلاصك 

صوت الحجر 

للحجر بطولات متفردة في كل شوارع فلسطين الحرة، فهو السلاح الذي أرهب العدو وشل حشوده وأسلحته الفتاكة، و إبان الانتفاضة كان ” صالح” أسير في سجون الاحتلال فكتب قصيدة ” في البدء كان الحجر” ويقول فيها :

في البدء قد كان الحجر 

بيتا إلها للعبادة 

واليوم وقد 

صار الحجر 

رمزا لتحقيق السيادة 

الانتفاضة الفلسطينية
الانتفاضة الفلسطينية

المجد للشهداء 

خص الشاعر” صالح” الشهداء بقصائد وفيره كتبها في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي ، فالشهداء هم من يرسمون طريق النصر ويعبدون مسالكه للأجيال المتعاقبة، وفي تلك القصائد تجد جوا ملحميا لتاريخ وطن مرسوم بدماء شهدائه فيقول.

الوطن يقول شاعرنا في تلك القصيدة

يتسابق الشهداء 

تلك رصاصة الرأس تهوي 

تحمل البشرى لأجيال العرب 

لم يرحل الشهداء .

أدب السجون حر دائمًا حر طالما خط بقلم شاعر عاش تجربة شعرية صادقة .. لم يرحل عبد الناصر صالح .. سيقى أدبه وشعره حرًا .

الكاتب

  • أدب السجون مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان