تحت القصف والرصاص ..الهروب من السودان إلى مصر “كابوس”مرعب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أصواتُ الرصاص والقنابل تَهزّ العاصمة السودانية الخرطوم يومًا بعد يوم، ولا يجد المواطنون سوى البحث عن وسيلة لخروج آمن، بعد أن أصبحت منازلهم خاوية على عروشها، ورائحة الموت تداعب أنوفهم في كل ركن و زاوية من بلدهم الجريح.
“معتز” شاب سوداني بالغ من العمر ٢٦ عامًا، كان يسكن مع عائلته في مدينة الخرطوم شرق، وهي منطقة شهدت اشتباكات عنيفة و دموية بين قائد الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وهو واحد من آلاف السودانيين الذين عبروا الحدود البرية المصرية طلبًا للأمن بعد رحلة طويلة تحاوطها المخاطر من كل ناحية.
رحلة” معتز” بدأت بعد قصف منزله الذي كان يحميه هو وعائلته من الرصاصات بالخارج في المدينة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع. لم يعرف “معتز” من الذي قصف منزلة ودمر آخر ما تبقى لهم في السودان هل قوات”حمديتي” أم “البرهان”، لم يعرف حينها سوى طمأنة أطفال المنزل الذين أصابتهم نوبات فزع ورعب جَراء ما يحدث .. الكبار أنفسهم لا يعرفون أي شيء، وقد أصابهم ما أصاب الأطفال من خوف وفزع .
بعد قرار الفرار لم يكن أمامهم سوى مصر للجوء إليها عبر “معبر أرقين البري” في رحلة هي الأخطر والأصعب، فلم يكن الطريق سهلًا وميسرًا من الخرطوم إلى أسوان. كان تجمع العائلة وخروجهم بالكامل شيء أشبه بالمستحيل لذلك اضطرت العائلة أن تنتقل من الخرطوم شرق أولًا لمنطقة بحري، ثم منطقة الرياض، ثم دونقلا التي اعتبروها مكان آمن للبقاء به عدة آيام قبل مواصلة المسير إلى مصر.
الأمنيات في تلك الظروف مستحيلة فما إن استراحت الأسرة بعد تجمعها في تلك النقطة الواقعة شمال السودان حتى واجهت الأسرة شبح آخر غير الرصاص والقنابل، واجهت شبح الجوع والألم خاصة كبار السن والأطفال فلا مرافق في السودان تعمل الآن ولا أي إغاثات أو مساعدات خلاف زيادة أسعار الرحلة من الخرطوم إلى مصر والذي أصبحت عشرة أضعاف المتعارف عليه.
انطلقت الأسرة من جديد نحو هدفها وهو العبور إلى مصر، فعند دنقلا غادر الشباب نحو مدينتهم من جديد وظل” معتز’ وحده يحمل مسؤولية العائلة كبارًا وصغارًا كونه الوحيد الذي يحمل تأشيرة دخول إلى مصر، وبات الحمل عليه كبير خاصة بعد مرض اثنين من عائلته وهم كبار السن لم يتحملا ظروف السفر المرهق الذي امتد لأيام.
بين جدارين إحداهما للسودان والآخر لمصر، جلس ” معتز” مع عائلته يلتقطون أنفاسهم وقد شعروا براحة كبيرة بعد المعاناة والألم والقصف وترويع الأطفال منتظرين دخول الحدود المصرية لأمان كامل.
من تاريخ الخامس عشر من أبريل حيث اندلاع الاشتباكات وحتى لحظة وجودهم في معبر “أرقين” لم يتلقوا علاجًا ولا مساعدة طبية إلى من الهلال الأحمر، وقد كان دخولهم في هذه الساعات نجاة كبيرا خاصة وأن هناك وفيات من كبار السن أثناء رحلتهم من الخرطوم إلى أسوان وهو ما حملهم أعباء نفسية كبرى .
مرّ 24 ساعة من وقت دخول “معتز” مع عائلته إلى معبر “أرقين” استطاعوا العبور، وكانت هناك رحلة أخرى تنتظرهم من كركر في أسوان إلى القاهرة لكنّ الضيافة التي وجدوها من أهالي كركر أجبرتهم المكوث هناك بضعة أيام يسترحون من كل الويلات التي شهدوها يريحون آذانهم من أصوات الانفجارات والرصاص يطمئنون!.
وكان لأهالي كركر بطولة مع هذه العائلة فحملوا على عاتقهم مساعدتهم من حيث توفير الطعام والشراب والملابس والمساعدات الطبية إلى جانب توفير الخدمات المتعلقة بانتقالهم داخل مصر، وتوفير العملة بعيدًا عن التجار .
انتهت رحلة “معتز” مع عائلته بوصوله القاهرة، لا يعرف أي شيء عن باقي شباب أسرته في الخرطوم فالاتصال منقطع وشبكات الانترنت معدومة، يأمل فقط أن يكونوا بخير وأن يتوقف الصراع بين القائدين العسكريين ليطمأنوا على ذويهم رغم إدراكه بأن المشهد ضبابي ولا يستطيع ما سيكون في المستقبل لكنه تمني! .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال