تصريحات الركراكي وصنم العروبة
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
مؤخرًا انتشر (ع السوشيال ميديا) تصريح صحفي منسوب للمغربي وليد الركراكي، مدرب منتخب المغرب، بيقول: (لا يهمني خروج مصر من أمم أفريقيا، نحن لا نلعب لأجل العرب.. نلعب للمغرب فقط).
ردود فعل محلية
هاج الجمهور المصري وماج ضد التصريح، وهنا اتحد فريقين يظن البعض إنهم مختلفين، فريق ينتمي أو يميل ناحية الإسلامجية والتاني ينتمي أو يميل ناحية القومجية، والفريقين متفقين في شَرّوِة نقط أساسية.. أهمها طمس طيف هويتنا شديد الثراء لصالح صفار كالح بلون رمال الحجاز. فريق يفعلها من منطلق ديني والأخر لأسباب سياسية.
وعود بريطانية
أغلبنا يعرف أن سنة 1917 وزير خارجية بريطانيا “أرثر بلفور” (1848 – 1930) بعت جواب لأحد قادة الحركة الصهيونية وقتها، “اللورد روتشيلد”، يأكد دعم حكومته لمطالب الصهاينة بتأسيس وطن ليهم في فلسطين، جواب عُرف تاريخيًا باسم وعد بلفور.
بس مش كتير يعرفوا أن بريطانيا العظمى قدمت وعد شبيه للعرب، مكافأة على مساعدتها في الحرب ضد الدولة العثمانية، خلال الحرب العالمية التانية.
وعد إيدن
أنطوني إيدن (1897-1977)، رئيس وزراء بريطاني سابق، اعتاد المسلمين العرب على تجاهل سيرته أو تقديم سرديات منقوصة عنه، زي هنا، رغم إنه منح العرب وعد شبيه بوعد بلفور.. صحيح ماتمش تنفيذه بنفس الدقة، لكنه يبقى (وعد من لا يملك لمن لا يستحق).
سنة 1941 كان إيدن وزير الخارجية في حكومة المحافظين، بقيادة تشرشل، وبالتحديد في شهر مايو أصدرت الخارجية البريطانية بيان رسمي تعلن فيه استعداد حكومة بريطانيا معاونة العرب في تحقيق حلم الوحدة، وقال نصًا:
“كثيرون من مفكري العرب يرجون للشعوب العربية درجة من الوحدة أكبر مما هي عليه الآن، وحكومة صاحب الجلالة من ناحيتها ستؤيد كل التأييد أية خطة تلقى من العرب موافقة عامة“.
بعدها بحوالي سنتين، فى 24 فبراير 1943، وقدام مجلس العموم البريطاني وقف إيدن وقال: أن الحكومة البريطانية تنظر بعين «العطف» لكل حركة بين العرب ترمى إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية
وعد ودعم بريطاني بمقتضاهم هيمنة الأنظمة العروبية على شعوب الشرق الأوسط بالكامل، كرد وأمازيغ ونوبيين وأقباط وليبو وأزيديين و.. و.. و..، كل دول تم تسليمهم تسليم محتلين من المستعمر البريطاني للهيمنة العروبية.
أمبراطورية الوعود
وعدين من نفس الأمبراطورية الاستعمارية قسموا شعبوا جغرافيا وشعوب الشرق الأوسط على مجموعة من الأنظمة القومية، قومية عروبية ليها الغالبية الكاسحة من الأقليم وقومية يهودية ليها مساحة صغيرة جدًا. والأتنين مالهومش الحق المطلق في السيطرة ع المساحة اللي تحت أيدهم.
وعشان مانتسحلش في مقارنات بين وعدين، صدروا ممن لا يملك لمن لا يستحق، خلونا نركز في موضوعنا، تصريح الركراكي وردود أفعال جمهورنا عليه.
فرق ثقافات
إحنا هنا مسألة عربي وأفريقي دي مش مطروحة ثقافيًا، بل نقدر نقول إن حكاية أفريقي دي مش في دماغنا من الأساس، لدرجة أني خلال فترة عضويتي بلجنة ثقافة الشباب، في المجلس الأعلى للثقافة، قابلت عضو زميل مايعرفش إننا أفارقة ومستغرب أهتمامي بالقارة دي تحديدًا، فأضطريت ألجأ لتذكيره بجيل حسن شحاتة وإنجازاته القارية.
الركراكي بقى ابن ثقافة تانية غيرنا، فالمغرب والجزاير والسودان وموريتانيا الانتماء الأفريقي حداهم عالي وملموس، والوعي بالأفريقانية منتشر بين الناس عادي. عشان كده تصريحات الركراكي المستنكرة حدانا هي عادية في المغرب ومش غريبة حتى على المدير الفني نفسه، اللي سبق قال تصريحات يتفهم منها نفس الانتماء بس مش كتير أخدوا بالهم عشان تصريحاته في المونديال ماكنش فيه سيرتنا من قريب أو من بعيد.
عنصرية إعلامية
وفي الواقع كلام الراجل منطقي ومتوازن جدًا، هو فقط يتضارب مع الخطاب القطري الوارد لنا عن طريق قنوات بي إن سبورت، الجزيرة الرياضية سابقًا، وتهليلها المستمر وشحنها غير الرياضي ع الإطلاق بين الدول الناطقة بالعربية وباقي سكان الكوكب.
الركراكي لما تم سؤاله عن موقفه وموقف الفريق بعد خروج منتخب مصر وإن فريق المغرب بقى ممثل العرب الوحيد قال: (إقصاء منتخب مصر، لن يؤثر على مشوار المنتخب المغربي في النهائيات، ولن يشكل أي ضغط على العناصر الوطنية، فنحن لا أفكر بتاتا في هذه الأمور، صحيح نتأسف على إقصائهم، لكن هذا لن يشكل علينا أي ضغط لأننا هنا نلعب ونقاتل من أجل علم المغرب فقط. نحن في مهمة وطنية ولا نمثل العرب، نلعب في القارة السمراء كلنا أفارقة وكلا منا يدافع عن علم بلاده وكفى).
المشكلة عندنا في الترجمة غير الأمينة اللي وصلتنا وبتوصلنا دايمًا عبر فلاتر قومية ودينية وخلافُه، المشكلة كمان في دماغنا المحشية بخطاب قطري متغلف كورة، فبقينا نقول “يراوغ” و”هدف” و”القائم”.. بدل “يرقص” و”جون” و”القايم”، والمُعلقين بتوعنا بقوا يقولوا “تسديدة” بدل “شوطة” كإنهم بيكلموا خلايجة.
فالراجل حتى ماقلش حاجة مسيئة لحد، هو بس رفض إنه يتبنى خطاب عنصري متخلف بينفي عننا أفريقيتنا وبيميز بينا وبين باقي شعوب قارتنا، خطاب يخُص شبكة مصالح قطرية فرنسية مالناش أي علاقة بيها. فتصادم كلامه الواعي بعقليات غير واعية والأدهى إنها بتكتفي بقراية المانشيتات ومابتفتحش اللينك تقرا متن الخبر أو الموضوع.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال