
تعديلات قانون الرياضة.. طريق محفوف بالمخاطر!

يثير مشروع تعديلات قانون الرياضة في مصر جدلاً واسعًا، وسط تحفّظات قانونية ودستورية أبرزها اعتراض هيئة مستشاري مجلس الوزراء على بعض البنود المقترحة، والتي قد تُدخل الرياضة المصرية في نفق مظلم. فبين مخاوف الخصخصة غير المدروسة للأندية الشعبية، وإشكالية قيد المجالس الإدارية ببند السنوات الثماني، تبرز تساؤلات حول مدى توافق هذه التعديلات مع الدستور المصري والمواثيق الدولية.
خصخصة الأندية الشعبية.. من يملك التاريخ؟
يخطئ من يظن أن الأندية الشعبية في مصر مملوكة للدولة، فهي كيانات أهلية نشأت بجهود جماهيرها وأعضائها، وليست أصولًا حكومية يمكن التصرف فيها بالبيع أو الخصخصة وفق قرارات إدارية. على سبيل المثال، النادي الأهلي المصري تأسس عام 1907 كمؤسسة وطنية أنشأها رجال الحركة الوطنية بقيادة عمر لطفي بك، ليكون ناديًا للمصريين في مواجهة سيطرة الأجانب على الرياضة آنذاك. وعلى مدار أكثر من قرن، ظل الأهلي ملكًا لجماهيره وأعضائه، يُدار بإرادتهم من خلال الجمعيات العمومية والانتخابات، ويعمل مجلس الإدارة على تنمية موارد النادي وتعظيم مداخيله والإنفاق على الموظفين والأنشطة المختلفة، وهو الحال نفسه مع أندية شعبية أخرى مثل الزمالك، والاتحاد السكندري، والمصري. إذًا، كيف يمكن الحديث عن خصخصة أندية لم تكن يومًا مملوكة للدولة من الأساس؟
بند السنوات الثماني.. مخالفة صريحة للميثاق الأولمبي
من أخطر التعديلات المقترحة تلك التي تمنع أي مجلس إدارة نادٍ أو هيئة رياضية من الترشح لأكثر من دورتين متتاليتين (أي 8 سنوات كحد أقصى). هذه المادة، التي تعود جذورها إلى عهد الوزير الأسبق حسن صقر، سبق أن تسببت في أزمة قانونية مع اللجنة الأولمبية الدولية، التي حذّرت مصر حينها من التدخل في شؤون الانتخابات الرياضية، ما دفع الوزير خالد عبد العزيز إلى إلغائها. واليوم، تعود هذه المادة المثيرة للجدل مجددًا، لتُعيد معها احتمالات الصدام مع اللجنة الأولمبية الدولية، التي تعتبر هذا القيد تدخلاً حكوميًا غير مقبول في إدارة الرياضة، كما يعيد طرح هذه المادة ضمن مشروع القانون إلى أذهان الكثير من جماهير الأهلي شبهة نالت الوزير حسن صقر الذي رأت هذه الجماهير وقتها أنه سعى لإقرار هذا القانون للتخلص من مجلس حسن حمدي وتأكد لهم ذلك بعد إلغائه عقب رحيل المجلس وتولي المهندس محمود طاهر إدارة النادي، وترى الجماهير أن الأمر يعاد للتخلص من مجلس محمود الخطيب وإدخال النادي في دوامة جديدة.
تحذيرات دولية قد تضع الرياضة المصرية في خطر
اللجنة الأولمبية الدولية سبق أن أرسلت تحذيرات صريحة لمصر بسبب تدخلات مشابهة، وأكدت أن فرض قيود إدارية على مجالس إدارات الأندية يتعارض مع الميثاق الأولمبي. وإذا ما تم إقرار هذه التعديلات، فقد تجد مصر نفسها أمام عقوبات تصل إلى تعليق النشاط الأولمبي، كما حدث في دول أخرى خالفت القوانين الدولية. فهل نحن بصدد أزمة جديدة قد تعرقل تطور الرياضة المصرية؟
الخاتمة.. حوار مجتمعي قبل فوات الأوان
القانون الحالي للرياضة يحتاج بلا شك إلى تعديلات تحقق التوازن بين الشفافية، وتشجيع الاستثمار، واحترام القوانين الدولية. لكن الحل لا يكون عبر فرض قيود تعيدنا إلى أزمات سابقة، أو عبر قرارات قد تؤدي إلى تفكيك الأندية الشعبية. المطلوب اليوم هو حوار مجتمعي جاد يضم جميع الأطراف المعنية—من وزارة الرياضة، واللجنة الأولمبية، والأندية، والجماهير—للوصول إلى قانون عصري يحمي الرياضة المصرية بدلًا من أن يهددها يشارك في وضعه خبراء قانون متخصصون ومطلعون على قوانين الرياضة وليس مجرد خبراء قانون والسلام!.
الكاتب
ما هو انطباعك؟







