1٬707 مشاهدة
تفسير ابن أبي حاتم .. قراءة في كتاب ساهم في تنشئة المفسرين
اعتمدت كل كتب المفسرين للقرآن الكريم على تفسير ابن أبي حاتم لأنه تفسير بالمأثور، وتأثر به جُلّ علماء التفسير فكتب السيوطي “لخصت تفسير ابن أبي حاتم في كتابي”، ونقل بن كثير عنه، ويأتي سؤال هو ميزات هذا الكتاب وصاحبه.
من هو بن أبي حاتم ؟
هو عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، يكنى أبا محمد، ومشهور عند أهل العلم باسم ابن أبي حاتم، ولد ولد سنة 240 هجرية لأسرة تعود جذورها إلى أصبهان ثم انتقلوا إلى الري وهي بلدة كبيرة من بلاد الديلم.
جاءت نشأة بن أبي حاتم تحت كنف أبيه والذي زرع فيه روح العلم والتقوى، فحفظ القرآن الكريم في صغره، وعن أبيه قال “يدعني أبي أشتغل في الحديث حتى قرأت القرآن على الفضل بن شاذان ثم كتب الحديث”.
من أجل العلم خاض بن أبي حاتم سفريات متعددة كانت في مكة حيث تتلمذ على يد محمد بن حماد الطهراني، ومن مكة ذهب إلى بلاد الشام ومصر ورجع إلى أصبهان.
اقرأ أيضًا
كتاب التاريخ الحسيني .. قراءة تحليلية لأندر الكتب الأزهرية عن الإمام الحسين
تكلم بن أبي حاتم عن الصعاب التي واجهها فقال “كنا في مصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ وبالليل للنسخ والمقابلة، قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل، فرأينا في طريقنا سمكا أعجبنا فاشتريناه، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس فلم يمكننا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكاد أن يتغير، فأكلناه نيئا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه! ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد”.
تتلمذ على يد بن أبي حاتم جمهور من العلماء المشهورين منهم “محمد بن حبان البستاني، عبدالله بن عدي الجرجاني، أبو محمد عبدالله بن محمد، بن القاسم الميانجي، محمد بن إسحاق النيسابوري، محمد بن إسحاق بن مندة”.
وشهد العلماء لابن أبي حاتم بالفضل فقال عنه أبو يعلى الخليلي “كان بحرًا في العلوم ومعرفة الرجال حتى في الفقه وفي اختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار”، أما الإمام الذهبي فقال “كان بحرًا لا تكدره الدلاء”، فيما وصفه بن كثير “كان من العبادة والزهد والورع والحفظ على جانب كبير”.
ورحل بن أبي حاتم عن عالمنا سنة 327 في مدينة الري تاركًا كتبًا كثيرة منها “آداب الشافعي ومناقبه، خطأ البخاري في تاريخه، زهد الثمانية من التابعين، الرد على الجهمية، فضائل أحمد بن حنبل، تفسيره للقرآن”.
في أي شيء تميز تفسير ابن أبي حاتم
ميزات متعددة اتسم بها تفسير ابن أبي حاتم واتفق المحققين لهذا التفسير عليها، منها أنه جمع بين تفسير الكتاب بالسنة وآثار الصحابة والتابعين بالإسناد، واختار أصحها، إلى جانب ذلك فيه روايات لا توجد لدى غيره وبأسانيده التي انفرد بها.
ومن أعظم ميزات تفسير بن أبي حاتم أنه حفظ كثيرًا من التفاسير المفقودة مثل تفسير سعيد بن جبير ومقاتل بن حيان وغيرهما، ومعظم التفاسير تنقل عنه كثيرا من الآثار والروايات التي أوردها، فهو مصدر أصيل معتمد لدى جمهور علماء التفسير في كل العصور بعده.
ومن أجل تلك الميزات الموجودة في تفسير بن أبي حاتم فقد أخذ منه الكثير من العلماء منهم الحسين بن مسعود البغوي في كتابه معالم التنزيل، والحافظ ابن كثير نقل عنه في كتابه تفسير القرآن العظيم الشيء الكثير، وابن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري، والإمام الشوكاني في فتح القدير.
وقد وضع بن أبي حاتم لنفسه منهجًا قال فيه “تحريت إخراج التفسير بأصح الأخبار إسنادا وأشبهها متنا، فإذا وجدت التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أذكر معه أحدا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك، وإذا وجدته عن الصحابة فإن كانوا متفقين ذكرت أعلاهم درجة بأصح الأسانيد، وسميت موافقيهم بحذف الإسناد، وإن كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم وذكرت لكل واحد منهم إسنادا، وسميت موافقيهم بحذف الإسناد، فإن لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة”.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
