تميزهن أجبر أمريكا على التخلي عن العنصرية الدينية والعرقية
عاش المسلمون في البلاد الغريبة فترات عصيبة يحفها الاضطهاد في بعض الأحيان بأمريكا وغيرها، وعانوا من أحداث في غاية العنصرية حتى أنهم تعرضوا للكثير من الأذي وتم التعدي على بعض مقدساتهم ومُنعوا من أداء صلواتهم وقيدت حريتهم في الذهاب لمساجدهم وتأدية عبادتهم وارتداء الملابس التي تمثل هويتهم ويتقربون بها لربهم، كحظر الحجاب في عددٍ من البلدان كبريطانيا، وكان آخرها منع ارتداء العباءة في المدارس بفرنسا.
لكن من حين لآخر هناك بعض الأخبار التي تجعل المسلمون في حالة من الفرح والفخر في آن واحد، بتميز بعضًا من إخوانهم المسلمين في مجالاتٍ شتى في بلاد الغرب، ما جعلهم يكسبون الثقة ويحظون بمناصب هامة في البلاد التي يعيشون فيها، وفي مقابل هذا التميز يضطر العنصريون الغرب للتخلى عن هذه النزاعات الخاوية.
فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية هناك العديد من النماذج المشرفة من المسلمات اللاتي حققن إنجازًا كبيرًا في مجالاتٍ عدة، ما جعل المسؤولون لا يملكون سوى تقليدهن المناصب التي تليق بتميزهن.
منذ عام 2018.. خبر تعيين أول مذيعة محجبة بأمريكا يعود للتصدر
وقد عاد للتصدر مرة أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي خبر “طاهرة رحمن” أول مذيعة إخبارية محجبة في أمريكا، وعبر الكثير عن فرحتهم بنجاحٍ مثل هذا حيث يُثبت تفوق المسلمين وقدرتهم على التغلب على جميع العراقيل.
يعود خبر ظهور “طاهرة رحمن” أول مذيعة محجبة على القنوات الإخبارية الأمريكية إلى فبراير عام 2018، وذلك بعد موافقة قناة “WHBF” على إتاحة الفرصة لها، وقد ذكرت “طاهرة” بالعديد من اللقاءات أنها حاربت من أجل الوصول إلى غايتها بالرغم من علمها ببعد المنال، ففي أثناء دراستها للصحافة في جامعة “لويولا” بمسقط رأسها “شيكاغو” ما بين عامي 2009-2013، عملت في العديد من القنوات والإذاعات وتمكنت من تغطية الكثير من المؤتمرات.
حيث عملت لمدة شهرين في قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية وكتبت ما يقرب من 10 مقالات على موقع القناة الإلكتروني، وفي الفترة بين سبتمبر 2011 وحتى مايو 2012 عملت كنائب رئيس جمعية الصحفيين المحترفين، وبمجال الإعداد التلفزيوني عملت “طاهرة” في قناة “CBS New” عام 2012، واختيرت من قِبل اللجنة اليهودية الأمريكية للحضور في جامعة تل أبيب بفلسطين باعتبارها واحدة من 15 من قادة وسائل الإعلام بالحرم الجامعي، فحضرت العديد من الندوات مع منظمة التحرير الفلسطينية وبعض المسؤولين الإسرائيليين، والتي تمحورت حول السياسة الخارجية وأمن البلاد ووقف الحرب.
وتعتبر “طاهرة” هي أول مسلمة تتولى رئاسة تحرير جريدة جامعة “لويولا” وذلك عام 2013، والتحقت أيضًا لمدة عامين براديو إسلامي بشيكاغو، وقد عملت كمراسلة لبعض القنوات التلفزيونية على حدود ولاية “إلينوي” بأمريكا، كما أنتجت برنامجًا عن شيكاغو وضواحيها في الفترة ما بين 2013 إلى يناير 2016، وتعمل “طاهرة” حاليًا كمراسلة لصالح قناة “NBC 5” الأمريكية حسب ما نشرته على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”.
إلهان عمر.. أول محجبة بالكونجرس الأمريكي تجابه أي دعم لإسرائيل
كما حدث عام 2016 مع المواطنة الأمريكية المسلمة “إلهان عمر” التي تعتبر أول مسلمة محجبة تدخل مجلس النواب الأمريكي، وقد فازت بعضوية مجلس النواب بولاية مينيوستا، وكانت ممثلة للحزب الديموقراطي حيث نافست نظيرها من الحزب الجمهوري “عبد المالك عسكر” على مقعد بمقاطعة “60B” بولاية مينيوستا، لتتمكن من جمع أصوات أكثر من 80% مقابل 19.4% لمنافسها.
تعود أصول “عمر” إلى الصومال، لكن عندما اشتعلت نار الحرب الأهلية في بلادها عام 1991، اضطرت للانتقال مع أهلها إلى كينيا وذلك قبل أن تتم عامها التاسع، لتعيش أربع سنوات في مخيمات اللجوء بكينيا، ثم انتقلت هي وأسرتها إلى أمريكا، فتعلمت اللغة وأجادتها حتى عملت كمترجمة في سن 14 عامًا.
ودخلت “إلهان عمر” عالم السياسة بقوة، لحصولها على درجة البكالوريوس من جامعة نورث داكوتا، في العلوم السياسية وأخرى في الدراسات الدولية، واعتبرت “عمر” فوزها وهي في الـ33 عامًا من عمرها هو مصدر إلهام لكثير من الشباب والمهاجرين من بلادهم وللجميع، وحثهم على خلق الفرص لأنفسهم وإن ظنوا لوهلة أن الطريق صعب.
وكان لها العديد من المواقف المُشرفة في مواجهة دعم الكونجرس الأمريكي لإسرائيل، فقد قاطعت الحضور للمجلس حين أُعلن عن إلقاء الرئيس الإسرائيلي “يتسحاق هرتسوغ” خطابًا منذ عدة أشهر أمام مجلسي النواب والشيوخ، وذلك لأنها مُنعت من الدخول إلى إسرائيل وكذلك النائبة الديمقراطية المسلمة “رشيدة طليب” وهي فلسطينية الأصل، وذلك بموجب القرار الذي صدر عام 2019 حيث يحق للحكومة منع دخول دعاة مقاطعة إسرائيل، كما عُزلت “إلهان عمر” أيضًا من لجنة الشؤون الخارجية داخل الكونغرس واختلفت الأسباب ما بين معاداتها للسامية وتصريحاتها السابقة ضد إسرائيل، أو لكونها هاجرت كلاجئة إلى أمريكا.
بعد عام من ترشيحها.. تعيين أول قاضية محجبة بالمحكمة العليا
وفي شهر مارس من هذا العام 2023، عُينت أول قاضية محجبة في أمريكا “نادية قحف” ذات الأصول السورية، وقد هاجرت مع عائلتها وهي في الثانية من عمرها من سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وها هي الآن في الـ 50 عمرها، وشغلت العديد من المناصب في المؤسسات الإسلامية وغيرها، حيث عملت منذ عام 2003 في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية وهي منظمة متخصصة في الدفاع عن الحقوق المدنية، وترقت بها من عضو في مجلس إدارة فرع نيوجيرسي إلى أن صارت رئيس مجلس إدارة المنظمة.
وكذلك عملت “قحف” كمحامية مختصة في قضايا أسرة والهجرة في مدينة واين، وكرئيسة للمركز الإسلامي في مقاطعة باسياك، كما شغلت منصب مستشارة قانونية للمنظمة غير الربحية “Wafa House” وهي مؤسسة تهتم بقضايا العنف المنزلي والخدمات الاجتماعية، وقد صُنفت “نادية قحف” من قِبل صحيفة “إنسايدر” في عام 2020 أنها بين أفضل المسلمين الأكثر تأثيرًا في العديد من الأوساط السياسية والقانونية والاجتماعية والأكاديمية، إلى أن عُينت كقاضية بالمحكمة العليا في مقاطعة باسياك التابعة لولاية نيوجيرسي الأمريكية منذ أشهر، بعد أن قام بترشيحها حاكم نيوجيرسي “فيل مورفي” لها كجزء من قائمة مكونة من 15 مرشحًا، وذلك قبل عام من تعيينها.
كل هذه الأمثلة تؤكد على نقاط في غاية الأهمية، أولًا أن “لكل مجتهد نصيب”، وأن الشعوب المتحضرة عندما تحتكم للعدالة تدعم كل مَن يجتهد ويجاهد في سبيل التميز دون النظر إلى دينه أو عرقه أو لونه، كما أن هذه النماذج رسالة قوية وواضحة لكل من يحاول إقساء المسلمين بأي شكل من الأشكال “في سبيل النجاح نحن قادرون على الوقوف في وجه كل العراقيل”.