تيترات المسلسلات .. محمية طبيعية حافظت على بقاء المواهب من غيلان السوق
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
تيترات المسلسلات كانت بمثابة المحمية الطبيعية التي تجمعت فيها الأصوات المهددة بالانقراض وفق نظريات الانتخاب الطبيعي التي ينتهجها سوق الغناء في مصر، وعلى الرغم أن تلك النظرية ليست عادلة لأنها تقدم أنصاف مواهب على مواهب متحققة، ولكنها في النهاية تسود دوما، ولولا الدراما لكان الحجار ومدحت والحلو بمثابة أساطير فنيه لا يصدقها أحد.
حينما وقعت الأغنية المصرية في مأزق في تلك الفترة التي تلت وفاء عبدالحليم حافظ، الرجل الذي قام بما يشبه تفريغ الساحة الفنية أثناء وجوده عليها، حيث لم يبقى نجوم لامعه بالنسبة للجمهور سواه، ظهرت فترة يمكن أن نسميها الفترة المظلمة، هناك الكثير من الأغاني تسمعها في تلك الفترة لا تفهم ما بها من مشاكل فمثلا الكلمات تكون في اتجاه بينما الألحان في وادي أخر والمطرب في وادي ثالث، وكأنما فقدت مصر الهارموني في العمل الغنائي حتى جاء جيل الثمانينات.
وجيل الثمانينات هنا لا أتحدث فيه عن حميد الشاعري وشلته ولا عن عمرو دياب ولا عن محمد منير، اتحدت هنا عن ” إيمان البحر درويش وعلى الحجار ومحمد الحلو وحسن فؤاد ومدحت صالح وعمر فتحي، الجيل الذي بدأ يعيد التوازن للحياة الغنائية المصرية، وتربع على عرش الكاسيت في مصر ظهر لها جيل أخر كان على وشك أن يخفيه عن الساحة تماما.
مع ثورة حميد الشاعري الموسيقية، أصبحت الساحة تحارب نجومها ومن خرج عن عالم حميد الشاعري أصبحت فرصته في البقاء ضعيفة، بينما تكفل القدر بالباقي، فمثلا محمد ثروت ابن نفس الجيل، حينما تم اعتماده مطرب السلطة الرسمي انتهى من السوق، وسقط فور ما غيرت السلطة أصواتها.
عمر فتحي، قرر القدر أننا لا نستحقه فأخذه الموت، بينما البقية الباقية نجت والفضل في ذلك للدراما، تخيل علي الحجار ومدحت صالح ومحمد الحلو بعيدا عن تيترات الأغاني التي هي ربما أكثر أغانيهم شهره في تاريخهم نظل حتى اليوم نتذكرها، هل كانوا سيظلون على الساحة إلى الأن؟ الإجابة لا.
مدحت صالح الرجل الذي سافر إلى كوكب تاني ولم يعود إلى الأن منه، فقط زيارات متقطعة في ألبومات قليلة قد يلاقي بعض أغانيها النجاح والانتشار الوقتي وقد لا يحدث، لولا بقاء صوته في أغاني المسلسلات والتيترات قبل أن يتحول إلى ممثل بالطبع فيهم، لكن ذهب مدحت صالح مثلما ذهب غيره واقتصر ظهوره على حفلات الموسيقى العربية فقط.
على الحجار كذلك لولا أن حظ على الحجار أفضل نوعا ما من مدحت صالح، فعلى الحجار أصدر العديد من الألبومات التي لاقت نجاحا كبيرا وظلت أغانيها خالده إلى الأن، وأيضا استطاع استغلال الظروف والعودة للساحة بقوة مرة أخرى عقب ثورة يناير، ولكن في المرحلة الطويلة التي سبقت الثورة، لم يحافظ على علي الحجار من الانقراض سوى تيترات المسلسلات التي حفظناها.
ومحمد الحلو الذي أكتفي بالغناء في حفلات الموسيقى العربية واختفى عن الساحة منذ سنوات طويلة، ولم يعد يصدر ألبومات، الوسيط الوحيد الذي حمل صوته لنا في تلك الغيبة الطويلة هي تيترات المسلسلات التي قدمها للدراما المصرية، فقط هي المكان الأمن الذي حافظ لنا على عدد من الأصوات الهامة في تاريخ الأغنية المصرية.
أما حسن فؤاد فهو حالة مختلفة تماما، حسن فؤاد قرر الاختفاء والابتعاد والاعتزال بإرادته، ولكن لسوء التوثيق في فترة التسعينات وحتى الألفية في بدايتها، ذهب أغلب ما أنتجه حسن فؤاد طوال مشواره القصير، مثلما ذهب إنتاج أخرون، ولكن الشيء الوحيد الذي يدل على أن حسن فؤاد كان حقيقة وليس وهم هو تيترات مسلسلات أرابيسك وعلى بابا، ودونهما لكان حسن فؤاد مجرد حلم ليلة صيف.
إقرأ أيضاً
المنافسة شرسة .. خريطة أهم المسلسلات العربية في رمضان 2021
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال