“جاليليو جاليلي” حاكمته الكنيسة بتهمة الكفر عام 1632 وبرأته بعد 3 قرون
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في بيزا بإيطاليا وفي 15 فبراير 1564 ولد جاليليو جاليلي ، واكتسب شهرةً بعد أن نشر نظرية نيكولاس كوبرنيكوس الفلكية ودافع عنها بقوة على أسس فيزيائية، فقام أولاً بإثبات خطأ نظرية أرسطو حول الحركة، وقام بذلك عن طريق الملاحظة والتجربة.
كان أبوه قد أرسله إلى جامعة بيزا لدراسة الطب، ووصل جاليليو وهو ما يزال طالباً لتحقيق أول مكتشفاته عندما أثبت أنه لا علاقة بين حركات الخطار (البندول) وبين المسافة، التي يقطعهافي تأرجحه، سواء طالت المسافة أو قصرت واهتم بعد ذلك بدراسة الهندسة إلى جانب الطب، وبرع فيها حتى بدأ يلقي المحاضرات على الطلاب بعد ثلاث سنوات فقط.
في ذلك الوقت كان العلماء يظنون أنه لو أُلقي من ارتفاع ما بجسمين مختلفي الوزن فإن الجسم الأثقل وزناً يصل إلى الأرض قبل الآخر، لكن جاليليو أثبت بالنظرية الرياضية خطأ هذا الاعتقاد، ثم اعتلى برج بيزا وألقى بجسمين مختلفي الوزن فاصطدما بالأرض معاً في نفس اللحظة وأوضح أيضاً خطأ عدة نظريات رياضية أخرى.
انتقل جاليليو بعد ذلك إلى مدينة بادوا بجمهورية البندقية وفي جامعتها بدأ يلقي محاضراته في الرياضيات، وكان في هذا الوقت قد نال نصيبه من الشهرة، وفي بادوا اخترع أول ترمومتر هندسي، وفي 1609 بدأ جاليليو يصنع منظاراً بوضع عدستين في طرفي أنبوبة من الرصاص،و كان أفضل بكثير من الذي صنعه ليبرشي.
انكب جاليليو على منظاره يحسّن من صناعته، وراح يبيع ماينتج منه بيديه، وصنع المئات وأرسلها إلى مختلف بلاد أوروباو، كان لنجاحه صداه في جمهورية البندقية، ففي تلك الأيام كان كل فرد يعتقد أن الأرض مركزالكون، وأن الشمس وغيرها من الكواكب تدور حولها وكتب كتاباً تحدث فيه عن ملاحظاته ونظرياته، وقال إنها تثبت الأرض كوكبٌ صغير يدور حول الشمس مع غيره من الكواكب.
شكا بعض أعدائه إلى سلطات الكنيسة الكاثوليكية بأن بعض بيانات جاليليو تتعارض مع أفكار وتقارير الكتاب المقدس، وذهب جاليليو إلى روما للدفاع عن نفسه وتمكن بمهارته من الإفلات من العقاب لكنه انصاع لأمر الكنيسة بعدم العودة إلى كتابة هذه الأفكار مرة أخرى، وظل ملتزماً بوعده إلى حين، لكنه كتب بعد ذلك في كتاب آخر بعد ست عشرة سنة نفس الأفكار، وأضاف أنها لا تتعارض مع شيء مما في الكتاب المقدس.
في هذه المرة أرغمته الكنيسة على أن يقرر علانية أن الأرض لا تتحرك على الإطلاق وأنها ثابتة كما يقول علماء عصره ولم يهتم جاليليو لهذا التقرير العلني ثم حصل جاليليو على إجازة التدريس في جامعة بيزا عام 1589 لتدريس الرياضيات.
تفتح عقل جاليليو جاليلي على الفيزياء وأن الطبيعة تجري طبقاً لقوانين يمكن صياغتها رياضياً، وكتب في كتابه المسمى “ساجياتوري” نتائج اختباراته بهجوم حاد على أرسطو، الشيء الذي أزعج زملاءه المتحفظين في هيئة التدريس بجامعة بيزا، مما أدى إلى إخلاء طرفه من الجامعة عام 1592، واشتدت حالته المالية سوءا.
خضع جاليلو جاليلي للمحاكمة من قبل محاكمة التفتيش الرومانية سنة 1632، حيث اتهم بالاشتباه بالهرطقة وحكم عليه بالسجن، وفي اليوم التالي خف الحكم إلى الإقامة الجبرية، وتم منعه من مناقشة تلك الموضوعات، وأعلنت المحكمة بأن كتاباته ممنوعة، و دافع عن نظرية مركزية الشمس، قائلاً إنها لا تعارض ما ورد في النصوص الدينية ومنذ ذلك اعتكف جاليليو جاليلي في بيته وأمضى به بقية حياته.
يرى عدد من المؤرخين أن الحكم الذي صدر ضد جاليليو ومحاكمته كانت لدوافع سياسية وشخصية إلى أن توفي في 8 يناير 1642، وكان قبل وفاته ظل منفيا في منزله، وتم دفن جثمانه في فلورانسا، وقدمت الكنيسة اعتذارا لجاليليو عام 1983، وفي 31 أكتوبر 1992 قدمت الهيئة العلمية بتقريرها إلى البابا يوحنا بولس الثاني، الذي قام على أساسه بإلقاء خطبة، وفيها يقدم اعتذار من الفاتيكان على ما جري لجاليليو جاليلي في أثناء محاكمته أمام الفاتيكان عام 1623.
حاول البابا إزالة سوء التفاهم المتبادل بين العلم والكنيسة وأعاد الفاتيكان في 2 نوفمبر 1992 لجاليليو الاعتبار رسميًا، وتقرر عمل تمثال له فيها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال