جت سليمة .. هيّن ليّن سهل !
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جميعًا نعرف متعة اللغز، لكن هل جربت متعة اللا لغز؟ .. متعة أن تعرف أحداث المسلسل لكنك مستمتع بكل تلك السهولة وكل هذه الانسيابية واللون (الرايق) للأحداث .. ومن يمكنه تقديم ذلك سوى من تربى وعلى يمينه سمير غانم ويساره دلال عبد العزيز ؟ حيث كل هذه السهولة وكل هذه الانسيابية وكل تلك البساطة وعدم التكلُّف والتشنّج؟ .. لم تكن طبعًا سوى موهبة الوسط الفني المثقلة بمحبة جماهيرية – من القلب للقلب- دنيا سمير غانم.
بدأت دنيا سمير غانم السباق الرمضاني في نصفه الثاني، حيث المسلسلات من 15 حلقة بدلًا من 30 .. حيث مسلسل “جت سليمة”، وسليمة إحدى الفتيات التي تتمتع ببساطة وطيبة قلب وثقافة عالية نتيجة ورثها الذي هو عبارة عن مكتبة عتيقة تحوي بداخلها الكثير من الكتب المهمة التي سلّط عليها الضوء المؤلفان كريم يوسف وسامح جمال، والمخرج إسلام خيري، وتصبح تلك المكتبة التي ورثتها عن أبيها الراحل هي مصدر إزعاجها نتيجة التآمر عليها من قِبَل زوجة أبيها وكثيرين حتى تدخل “سليمة” في مغامرة لم تكن على البال ولا الخاطر!
وما يميز الحلقة الأولى والثانية من مسلسل “جَت سليمة” نوع الكوميديا السلس الذي يؤكد بأن فنان كبير يقف أمام الكاميرا قبل أن يكون كوميديان بالفطرة، فنان ما زال يحتفظ بتلك الصورة النمطية للفنان، وهو أن وجوده أمام الشاشة يلفت النظر ويجذب الانتباه حتى أثناء الصمت والهمهمة .. فنان ما زال متمسكًا بطي التريند داخل آلة المسلسل، وجعله ترسًا من التروس لا الآلة كلها .. وهذا ما يجعل من “جت سليمة” ككوب الماء الذي من الممكن أن تكسر عليه صيامك بلا إزعاج التريند وضجيجه.. فنان مازال يحرك محرّك البحث لا يحركه المحرك .. فنان لديه شئ ليقوله لا يخرج علينا كالببغاء مرددًا نصائح وأحكام وكوميديا السوشيال ميديا التعيسة .. فنان كبيرة أو فنانة تُدعى دنيا سمير غانم.
تتر مسلسل جت سليمة
وفي الحلقة الأول من المسلسل لا يمكن أن نغفل مشهدين مهمين للغاية، وأولهما عندما اجتمعت “سليمة” في مع “القهوجي” وجاء لها يشكو تأثير كتاب “أن تحبك جيهان”، وبعيدًا عن السياق الساخر في استخدام اسم الكتاب، لكن من المهم جدًا ما فعله فريق المسلسل بغرس أسماء كُتب على قدر عالي من الأهمية داخل الدراما كـ “أن تحبك جيهان” للروائي الكبير مكاوي سعيد، صاحب رائعة “تغريدة البجعة” .. وهي دعوة مفتوحة من فريق المسلسل لقراءة مكاوي سعيد .
وكان المشهد الثاني على قدر كبير من الخطورة والتخصص والأهمية أيضًا عندما كانت “سليمة” تلعب مع الطفل الصغير داخل المكتبة وحدث أن كان يغني أغنية للرابر “ويجز” مهملًا القراءة، لكنه –وياللعجب- كان حصيفًا في حلوله لأزمة كانت مع صديقه في المدرسة، ما يعطي الجيل الجديد حقه في عقله المتقدم، ويسلط الضوء على الذوق الموسيقي –العجيب- له والذي يرفضه الكثيرين من المتخصصين ويعتبرونه معبرًا عن أزمة حقيقية يعيشها هذا الجيل.. وربما لو استمر “جت سليمة” على هذا المنوال من التوازن الكوميدي الاجتماعي الإنساني، لكان بمثابة العوض لموسم –حتى الآن- أقل من التوقعات.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال