جحا الحقيقي.. لم يكن فكاهيا ولهذه الأسباب نُسِي تاريخه الصحيح
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“هلت أنوراك يا جحا .. إنت وحمارك .. دا بتاعتنا وما احناش سالفينه .. يحيا جحا وتحيا أسافينه”.. بهذه الأبيات لخص الشاعر الكبيرسيد حجاب موقف المصريين من شخصية جحا، والذي كان له مسلسل فانتازيا كبير من بطولة النجم يحيى الفخراني.
شخصية جحا الحقيقية ليس كما يظنها كثيرون بحماره ونوارده المضحكة، فهي شخصية خالدة في الوجدان الشعبي بالكوميديا، لكن التاريخ الحقيقي يقول إنه كان من الشخصيات الفكرية والدينية ذات العراقة.
أول من ذكر شخصية جحا في الفكاهة، كان الجاحظ في كتابه “القول في البغال” حيث نشر نوادره من غير أن يؤرخ للشخصية.
في التاريخ هناك رجلان اسمهما جحا، أولهما من البصرة واسمه عبدالله أبو الغصن بن ثابت اليربعوني المنتسب لقبيلة فزازة العربية، وولد سنة 60 هجري في الكوفة وتوفي عام 160 هجري في عهد أبو جعفر المنصور.
كان جحا البصري عالماً في الحديث ويتكلم عنه البخاري في كتابه التاريخ الكبير قائلاً ” دُجين بن ثابت أبو الغصن اليربوعي، سمع من أسلم مولى عمر، روى عنه مسلم وابن المبارك “.
أما بن الجوزي في كتابه “أخبار الحمقى والمغفلين” قال عنه ” كان رجلاً كيِّسًا ظريفًا، وهذا الذي يُقال عنه مكذوب عليه، وكان له جيران مخنثون يُمازحهم ويمازحونه فوضعوا عليه”.
ويذكره شمس الدين الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء” بقوله “قال عبّاد بن صهيب: حدّثنا أبو الغصن جُحا – وما رأيت أعقل منه – قال كاتبه: لعلّه كان يمزح أيام الشبيبة، فلمّا شاخ، أقبل على شأنه، وأخذ عنه المحدِّثون”.
السبب الذي جعل دُجين البصري مشهوراً بالتغفيل يذكره جلال السيوطي في كتاب كامل سماه “إرشاد من نحا إلى نوادر جحا”، حيث قال “كان أهل الكوفة لا يحبونه لأنه منتسب إلى البصرة، خاصة بعد أن كانت أمه خادمة لأم أنس بن مالك، بالإضافة إلى اهتمامه بالحديث من محدثي البصرة الذين تعلموا في المدينة وهو ما يكرهه أهل الكوفة”.
أما الشخصية الثانية فهي شخصية التركي نصر الدين خوجة، وكان قاضياً وفقيها، مولوداً عام 605 هجري في قرية خورتو التركية التي تعلم فيها، ثم صار إماماً في بلدة سيوري حصار.
كان نصر الدين التركي مزارعاً ومدرساً، فضلاً عن شهرته في الفقه الحنفي، وتميز أسلوبه في الشرح بذكر المواعظ الطريفة من التاريخ الإسلامي ولعل هذا سبب كلام البعض فيه أنه شخصية فكاهية، لكنه على الأرض الواقع كان له جرأة على الحكام حيث استطاع معارضة تيمور لنك في قراراته.
وتوفي جحا التركي سنة 683 هجرية ودفن في مقبرة آق شهر الكبرى، ويرد عباس العقاد في كتابه جحا الضاحك المضحك على مسألة نوارده بقوله “يستحيل أن تصْدر… عن شخصية واحدة لتباعد البيئات التي تُروى عنها، وهي نتيجة ما وضعه الترْك وما وضعه غيرهم من عامّة الشعوب الشرقية الإسلامية، وبعضه ممّا وضعه غير المسلمين من جِيران العثمانيين كالأرمن.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال