744 مشاهدة
جديد عمرو دياب .. هل حانت لحظة التغيير؟
بعد ثورة يناير 2011 واجهت أغنية البوب المصرية ركودًا ضخمًا بعد سيطرة فرق الأندرجراوند على المشهد الغنائي، هذا الركود أطاح بأكثر من نصف مطربي البوب، الوحيد الذي حافظ على تواجده على الساحة كان المطرب عمرو دياب رغم تغير المشهد ورغم المشاكل التي واجهها بعد انفصال بعض صناع الأغنية المهمين عنه بسبب قانون الملكية الفكرية مع شركة روتانا، تخطى الهضبة كل تلك المشاكل وأن أجبرته على تغيير ملامح أغنيته بالاعتماد على أسماء جديدة بعضهم كان يخوض تجاربه الأولى في عالم الأغنية.
هذا التغيير كلفه انتقادات ضخمة حيث رأها البعض تشويه لمسيرته الفنية الهامة، وصلت تلك الانتقادات إلى ذروتها في 2022 بعد أغاني على شاكلة “اللوك الجديد – باريس – اللي يمشي يمشي” بل كان سببًا في الهجوم على شاعر بحجم أيمن بهجت قمر صاحب “باريس – اللوك الجديد” الذي أهدر موهبته كي تتفق مع متطلبات الهضبة مع استفسارات مشروعة جدًا عن جدوى التعاون مع شاعر ضعيف جدًا مثل “تامر حسين” الذي لم يتطور فنيًا بل أصبح يقتبس الأفكار والمفردات من أغاني أخرى منها “اللي يمشي يمشي ” على سبيل المثال.
مع مطلع العام الجديد أصدر دياب ثلاث أغنيات منفردة بشكل متتالي “ما تيجي نفك ” من كلمات وألحان “محمد يحيى” “سينجل” كلمات “بهاء الدين محمد” الحان “عزيز الشافعي”، “مضحوك علينا” كلمات “محمد البوغة” ولحن “محمد يحيى” والثلاث أغنيات كلها من توزيع “وسام عبد المنعم”.
“ماتيجي نفك”
تسير كلمات محمد يحيي وفق قاموس الأغنية الديابية حيث استخدم مفردات معينة يفتتح بها الشطرات مثل “الليلة – تعالى – الله” مع فكرة بسيطة جدًا تناسب أجواء احتفالات رأس السنة وان جانبه التوفيق قليلًا في الكوبليه الوحيد “انسي الكسوف انسى البراءة – دي ليلة محتاجة لجرأة” التي حملًا تحريضًا غير برئ تمامًا.
لحن الأغنية على مقام الكرد مكون من فكرتين الأولى في المقدمة وتكرر في الكوبليه الوحيد والثانية في سينيو الأغنية، بناء اللحن عبر بشكل جيد عن الانتقال بين الفكرتين مع أداء متزن مع عمرو دياب خصوصًا في جملة السينيو بداية “ماتيجي نفك” حيث اختار أن يغني من الطبقة التي يلمع فيها صوته.
توزيع وسام عبد المنعم تعامل بشكل تقليدي حيث فضل أن ينسخ جمل اللحن دون أن يضيف جمل جديدة عليه، بدأ من الإلكتريك جيتار بجملة مستنسخة من الفكرة اللحنية الأولى “الليلة ليلتك يا حبيبي” يصاحبها في الخلفية كوردات هلامية من الكيبورد تسلم افتتاحية الأغنية، يدخل إيقاع المقسوم بحلياته الكاملة في السينيو بداية من “ما تيجي نفك” جملة الفاصل الموسيقي مستنسخة من سينيو الأغنية وأن تعامل معها بذكاء حيث أنهى عمرو الغناء بإعادة جملة “ماتيجي نفك” وأتى الفاصل ليكمل بقية الجملة موسيقيًا فقط، في الكوبليه الوحيد أعاد ما قام به في المقدمة دون تغيير ثم انهى الأغنية بالإيقاع يصاحبه مؤثرات مسرحية من أصوات وصقفات للجمهور
“سينجل”
يعود عمرو دياب للتعاون مع الشاعر بهاء الدين محمد في فكرة طريفة عن ابتهاجه بالتخلص من قيود العلاقات العاطفية وأصبح الآن “سينجل” يعيش حرًا دون مشاكل تؤرقه، الفكرة ذكورية تمامًا تعكس منظور الرجل عن العلاقات العاطفية التى تورطه في مسؤوليات قد لا يحبذها بالإضافة إلى جوانبها السلبية مثل “النكد – الزن”.
قد يرى البعض أن الفكرة سطحية ولا تليق أن يغنيها مطرب بحجم عمرو دياب لكن ما يهم هو صياغة بهاء الدين محمد المتماسكة جدًا والتي لم يخرج عن إطار فكرته التي حددها بل استفاض في شرح مميزات “السينجل” في مقاطع طويلة دون الخروج عن سياق الفكرة وتبين حقيقة اخرى أن حتى المضامين السطحية أو الخفيفة يجب أن تصاغ بشكل احترافي وليس مجرد كلمات مرصوصة مقفاة دون رابط.
لحن عزيز الشافعي على مقام الكرد دون أي نقلات تذكر، ورغم كثرة مقاطع الأغنية التي قد تمنحه براحًا في تنويع جمل اللحن إلا أنه اختار أن يبني اللحن على فكرتين واحدة في أغلب المقاطع تقطعها فكرة اخرى في السينيو الذي اختار له مقطع “وموبايلي مارنش رن” الذي يكسر ملل تكرار لحن المقاطع.
توزيع وسام عبد المنعم اعتمد على قوة إيقاع المقسوم مع كوردات الكيبورد في الخلفية، جملة الفاصل الموسيقي تقليدية جدًا تحيلك إلى أغاني قديمة لعمرو.
“مضحوك علينا”
يتعاون عمرو دياب لأول مرة مع الشاعر “محمد البوغة” فكرة الأغنية درامية لم نراها في أغاني عمرو منذ فترة طويلة عن العلاقات العاطفية المضرة والتي تجعله لا يدرك قيمة الحب الحقيقي إلا عندما يتخلص منها ويجد الشخص المناسب، صياغة البوغة كانت جيدة اختار لها مفردات جديدة دون تسطيح أو خروج عن سياق الفكرة.
لحن محمد يحيى على مقام الكرد بأفكار متنوعة، الفكرة الأولى في المذهب مهدت بشكل جيد لفكرة السينيو ثم خرج بفكرة جديدة في الكوبليه الوحيد للاغنية، جمل اللحن تعبيرية جدًا تحمل بعض لمحات تطريبية واللحن واحد من أحلى الألحان التي صدرت في الفترة الأخيرة.
صب وسام عبد المنعم اللحن في إيقاع مقسوم بطئ أعطى قوة دون صخب يصاحبه جيتار أكوستيك و فاصل موسيقي ثري غير مستنسخ من أي جملة من اللحن دمج فيه بين الناي والعود في جملة شجية جدًا تماهت مع الجو العام للأغنية.
رغم بساطة الأفكار في الثلاث أغنيات إلا أنها تحمل ملامح تغيير في طريقة اختيار عمرو دياب، خصوصا أنه عاد إلي الطريقة المعتادة في صناعة الأغاني حيث تولد الكلمات أولاً يليها اللحن ثم التوزيع، وهذا ما جعل كلمات الأغاني تخرج بصورة متماسكة بعد أن كان يوليها أخر اهتماماته، فهل يحمل العام الجديد أفكار مختلفة تمحو الصورة السلبية التي ظهر عليها في السنوات الأخيرة؟ والسؤال الأهم هل انتهى شهر العسل بينه وبين تامر حسين؟
حصاد عام 2022 الموسيقي: الفوضى تحكم سوق الغناء.
الكاتب
ما هو انطباعك؟
