جرجي زيدان والمستشرقون .. ثنائية رسمت تاريخ مؤسس دار الهلال
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تظل الصلة بين المفكر جرجي زيدان والمستشرقين واحدةً من أكثر المحطات غموضًا في مؤسس دار الهلال، ليس لأنه مسيحي وكتب عن الإسلام وإنما لأن كتاباته صارت مرجعًا عند أغلب المستشرقين.
متى بدأت العلاقة بين جرجي زيدان والمستشرقين ؟
كان العام 1881 م هو بداية الصلة بين جرجي زيدان والمستشرقين عندما التحق بكلية الصيدلة وكان من ضمن الذين امتحنوه الدكتور المستشرق كرنيليوس فانديك في بيروت.
هناك شك في تلمذة جرجي زيدان على يد كرنيليوس فانديك في المدرسة الكلية الأمريكية ببيروت ، وحول هذا الأمر قال قال محمد عبدالغني حسن «لا شك في أن جرجي زيدان أدى امتحانه في علوم الصيدلة أمام لجنة حرة بعد حادث الاختلال المشهور الذي حدث في المدرسة بسب الخلاف على تدريس المواد باللغة العربية بدلا من الانجليزية وكان فانديك واحدًا من أعضاء لجنة الامتحان التي كانت برياسة الكولونيل مراد بك حكيم باشي المعسكر، وحين توفي فانديك نشر زيدان له ترجمة مطولة في مجلة الهلال، ولكن ليس في هذه الترجمة ما يدل على أن زيدان كان على اتصال قريب بالرجل، وإن كان يذكره فى الترجمة بقوله عنه أستاذنا، وهو يذكر هذه الأستاذية في معرض الإشادة بفضل فانديك حينما أوعز إلى الدكتور يعقوب صروف محرر المقتطف أن يترجم كتاب سر النجاح إلى العربية لما فيه من نماذج للعظماء الذين كونوا أنفسهم وشقوا طريقهم رغبة في الاقتداء بهم والنسج على منوالهم» .
اقرأ أيضًا
رحلة إسماعيل.. شاب يخوض مغامرة بين محافظات مصر قبل 100 عام
فتحت مجلة دار الهلال الصلة بين جرجي زيدان والمستشرقين عندما بدأ يكتب أبحاثًا ودراسات في مجالات النهضة بالشرق العربي، جنبًا إلى جنب مع مجلات أدبية أخرى كانت منتشرة في ذلك الحين مثل مجلة المشرق والمقتطف ولغة العرب والزهور.
كتاب تاريخ التمدن الإسلامي في حياة جرجي زيدان
اكتسح جرجي زيدان صدارة الصداقة مع المستشرقين دونًا عن غيره عندما أعلن نيته عن تأليف كتاب تاريخ التمدن الإسلامي سنة 1901 م وهو الشيء الذي جعل المستشرقين يلتفتون إليه وبعضهم رفض نيته في عمل ذلك الكتاب وقد عبر جرجي عن ذلك بقوله «يستغربون إقدامنا على ركوب هذا المركب الخشن».
كان موقف المستشرقين من كتاب تاريخ التمدن الإسلامي ليس من أجل نظرتهم إلى جرجي زيدان بأنه لا يستطيع الكتابة في هذا الموضوع وإنما لأن الفكرة نفسها صعبة وليس سهلاً أن يقوم بذلك الأمر وحده خاصةً لندرة المراجع.
وتناولت سلسلة أعلام العرب هذا الأمر في ترجمة جرجي زيدان حيث قالت أنه على الرغم من انقطاع جرجي زيدان إلى البحث في صومعته بدار الهلال أو في بيته بالفجالة فإنه كان يتلقى رسائل من المستشرقين تأتيه بانتظام، وتؤكد قيام التبادل العلمي بينه ويينهم كما كان يستقبل من وقت لآخر أفرادًا من هؤلاء المستشرقين الذين كانوا يفدون إلى مصر والقاهرة بالذات لأغراض علمية أهمها البحث عن مخطوطات في مكتبات القاهرة العامة أو الخاصة أو لنشر المخطوطات التي كانوا يقومون بتحقيقها على مناهجهم، والتي فتحوا بها بابًا جديدًا للمحققين من العرب لينشروا التراث العربى على أحدث الوسائل والمناهج المنظمة التي عني بها هؤلاء المستشرقين .
ما بين إغناطيوس كراتشكوفسكي وجرجي زيدان
تكلم المستشرق الروسي إغناطيوس كراتشكوفسكي في كتاب مع المخطوطات العربية عن صلته بجرجي زيدان في مصر، وأن زيدان كان يشعر بحنين إلى وطنه الأصلي في لبنان عندما كان يستمع إلى كراتشكوفسكي وهو يتكلم معه باللهجة السورية.
توثقت الصلة بين جرجي زيدان وإغناطيوس كراتشكوفسكي لدرجة جعلت الأخير يكتب فيه فصلاً كاملاً، ولم تكن الصلة فقط بين زيدان وإغناطيوس بل إن حسين مؤنس قال عن أسماء مستشرقين آخرين كانت بينهم وبين جرجي زيدان صلات مثل «نولدكه، وفلهاوزن، ومارجوليوث، وجولدتسيهر، وأمدروز، وسخلو، ووليام رايت، وماكدونالد».
المراجع
- أعداد مجلة الهلال
- كتاب تاريخ التمدن الإسلامي لـ جرجي زيدان
- سلسلة أعلام العرب ج 90 لـ محمد عبدالغني حسن
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال