جريمة القرصنة الجوية الوحيدة التي لم تقدر الولايات المتحدة الأمريكية على حلها
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عيد الشكر في الولايات المتحدة الأمريكية هو عيد مميز حيث تجتمع كل عائلة على العشاء لشكر النعم إلا أن عيد شكر عام 1971 كان مختلف بنسبة لطاقم عمل لرحلة جوية رقم 305 من مدينة بورتلاند في أرويجون إلى سياتل في واشنطن حيث كانوا شهود عيان في جريمة من أكبر الجرائم في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والجرائم الجوية.
الجريمة:
دعنا نرجع إلى يوم 24 نوفمبر، ليلة عيد الشكر، من عام 1971 عندما قطع رجل يدعي أن اسمه دان كوبر تذكرة ذهاب من مطار بورتلاند الدولي إلى مطار سياتل تاكوما الدولي في رحلة تأخذ 30 دقيقة فقط لا غير. وصف دان كوبر أنه راجل في نص الأربعينات من عمره يرتدي بدلة عمل وفوقها معطف ضد الأمطار وحذاء بني وقميص أبيض مع رابطة عنق سوداء، كان يحمل حقيبة سوداء كما أنه كان يحمل كيسًا ورقيًا كذلك.
جلس دان في مقعده وطلب مشروب البوربون مع الصودا قبل أن تقلع الطائرة، وبعد إقلاعها في الساعة الثالثة أعطى دان المضيفة ورقة، في البداية وضعت المضيفة الورقة في جيبها ظنًا منها أنها معاكسة من المعاكسات التي اعتادت عليها لكن ما قاله دان لها كان شيء لم تمر به من قبل حيث أخبرها أن عليها أن تقرأ الورقة لأنه معه قنبلة ثم طلب منها أن تجلس بجانبه وعندما جلست المضيفة بجانبه فتح حقيبته ليريها القنبلة بعدها أخبرها بطلباته وسألها أن توصلها للطيار.
كانت طلبات دان كوبر هي 200 ألف دولار أي ما يعادل حوالي مليون وربع في يومنا هذا قبل الساعة الخامسة جميعها في فئة 20 دولار، كان دان يريد ماله بداخل حقيبة ظهر كما أنها أراد مظلتين خلفيتين ومظلتين أماميتين كما أنه طلب شاحنة مليئة بالوقود لتزود الطائرة بالوقود فور هبوطها.
بالفعل هبطت الطائرة في سياتل وحصل دان كوبر على ما يريده وقام بتسليم جميع الركاب في وقتها قبل أن يأمر طاقم العمل بالإقلاع مرة ثانية إلى مدينة مكسيكو لكنه لم يختار مسار معين وترك الاختيار للطيار، كل ما طلبه دان هو أن تبقى الطائرة تحت ارتفاع 10 ألف قدم، في خلال الرحلة بينما كانت الطائرة ما بين سياتل في واشنطن ورينو في نيفادا قفز دان من الباب الخلفي للطائرة مع اثنين من المظلات والمال بعد أن خلع رابطة عنقه وحتى يومنا هذا لم يرى أحد دان كوبر مرة أخرى. فهل ارتكب كوبر جريمة مثالية؟
التحقيق:
سرعان ما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في هذه الجريمة وبحثوا عن دلائل على متن الطائرة ولم يجدوا أي شيء باستثناء رابطة العنق. كما أنهم نبهوا جميع التجار والبنوك بالأرقام المتسلسلة الخاصة بالمال الذي كان مع دان كوبر. لكن لم يبلغ أي أحد أنه رأى المال حتى 1980 أي بعد 9 سنوات عندما كان صبي صغير يتجول على شاطئ ووجد كيسًا ورقيًا بداخله 5800 دولارًا وعندما سلمهم للشرطة كانوا مطابقين للرقم المتسلسل للأموال التي أخذها كوبر. النظرية الأساسية كانت أن هذه الأموال سقطت من كوبر عندما قفز وانجرفت مع الماء حتى وصلت لذلك الشاطئ إلا أن الاختبارات التي أجراها العلماء في 2020 بينت أن هذه الأموال وضعت في ذلك المكان قبل شهور قليلة جدًا من إيجادها. الحقيقة أن المحققين لم يجدوا أي شيء أخر في هذا الشاطئ كذلك.
اقرأ أيضا
عشيقة ولي عهد بريطانيا التي قتلت نبيلا مصريا وحصلت على البراءة ليصنع من قصتها الريحاني ووهبي فيلمين
قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بكل ما يقدر عليه ليجد دان كوبر حتى أن كان هناك 800 مشتبه فيه من جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية في أول 5 سنين فقط لكن تم استبعاد معظمهم حتى وصل العدد إلى 24 فقط، يعتبر الجميع أن الوصف الجسماني لدان كوبر دقيق للغاية حيث أن مضيفتين من الرحلة اتفقوا عليه بالرغم من استجوابهم على حدى.
التهمة الأصلية ضد دان كوبر كانت القرصنة جوية إلا أن هذه التهمة تسقط بالتقادم بعد 5 سنوات فقط في القانون الأمريكي مما أجبر المحققين لتغيير تهمته إلى الإكراه حيث أن هذه التهمة لا تسقط بالتقادم مما يعني أنه إذا وجدنا دان كوبر اليوم سيتم محاكمته بالرغم من أن مكتب التحقيقات الفيدرالي توقف عن التحقيق عام 2016.
النظرية الشائعة بين محققين مكتب التحقيقات الفيدرالي هي أن دان كوبر مات عندما قفز من الطائرة حيث أن دان كوبر قفز بمظلتين كانت واحدة منهم فقط تعمل وتلك التي تعمل كانت مظلة حربية مما يعني أنه لم يقدر التحكم فيها كما أن دان كوبر قفز في ظلام حالك بينما كان الجو ممطرًا وملابسه لا تناسب القفز بالمظلات كما أنه قفز فوق غابة.
لكن إذا مات دان كوبر فعلًا فأين جثته أو مظلته؟ وأين كانت الأموال قبل أن يتم اكتشافها؟ وإذا افترضنا أنه نجى من القفزة فكيف فعل ذلك؟ وكيف لم يتعرف عليه أحدهم؟ ولماذا لم ينفق أيًا من المال الذي حصل عليه في جريمته؟
استمر البحث عن دان كوبر 45 عامًا ووصل طول ملف القضية لأكثر من 12 مترًا لكن دون نتيجة، فهل نجح القرصان الجوي بأن يفلت بجريمته ويرتكب الجريمة المثالية؟ أم أنه مات في تلك القفزة؟
الكاتب
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال