جمال عبدالناصر والمرض (2-2) “قصة أول أزمة قلبية تعرض لها .. الزعفرانة كانت السبب”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
توطدت صلة الرئيس جمال عبدالناصر والمرض بعد يونيو سنة 1967 م وكان شهر سبتمبر في العام التالي للنكسة مليئًا بالأجواء التي جعلت ناصر يقع في أزمة قلبية.
أجواء سبتمبر مع جمال عبدالناصر والمرض
يصف منصور فايز شهر الأزمة القلبية قبل وقوعها مليئا بالجهد المضني في المجالات العسكرية والسياسية في الداخل والخارج، وما يتعرض له خلال هذا الجهد من انفعالات، خاصة نتيجة متابعته اليومية الدقيقة لكل ما كان يجري من عمليات مسلحة خلال حرب الاستنزاف.
اقرأ أيضًا
جمال عبدالناصر والمرض (1-2) “آلام الساق والتطبيل من أجل الاقتراب”
كانت الأزمة القلبية أوشك من افتراس صدر ناصر ففي 9 سبتمبر سنة 1969 كان الرئيس مع وزير الحربية ورئيس الأركان ورؤساء الهيئات في القيادة العامة وقائد الجيش الثاني يتابعون أداء فرقة مدرعة حديثة الإنشاء، وحدث في ذلك اليوم أن أغارت إسرائيل على منطقة الزعفرانة، وهاجمت نقطة حفر السواحل، وقتلت خمسة جنود وبعض المدنيين، إلى جانب سرقة جهاز رادار من هناك.
تأثر عبدالناصر بهذا الحادث وقال لمنصور فايز طبيبه الخاص “المدنيين ذنبهم إيه؟ ورجال خفر السواحل دول ناس فوق الخمسين- والمحارب الشريف لا يقوم بعمل بهذه الخسة”، وبعد إغلاق المكالمة أصيب جمال عبد الناصر بالأزمة القلبية الأولى في 10 سبتمبر 1967 وأثبت الفحص الإكلينيكي ورسومات القلب المتكررة، حدوث جلطة بالشريان التاجي الأمامي للقلب واتصل أطباء ناصر بالدكتور ناصح أمين لعمل التحاليل اللازمة التي أكدت حدوث الجلطة، وقاموا مباشرة بإجراء العلاج اللازم.
يحكي فايز عن لقاءه مع ناصر بعد الأزمة القلبية الأولى قائلاً “في البداية قلت له إن هناك تقلصات في الشرايين، نتيجة الإرهاق الشديد، وإنه يحتاج للراحة؛ وكان أول سؤال له هو: يعني إيه راحة؟ قد أيه يعني؟ فأجبته مش لمدة طويلة وكل شيء سينتهي بأمان بإذن الله وفهم عبد الناصر أن قلبه قد أصيب”.
السرية أهم شيء
طلب منصور فايز من جمال عبدالناصر إشراك أحد أساتذة القلب بجامعة القاهرة معنا، فرفض بطريقة قاطعة، وقال : “مش لازم أي حد يعرف أني مريض بالقلب… أنا داخل على فترة مهمة السنة الجاية في المواجهة مع إسرائيل”، فلما اقترح منصور فايز عليه اشتراك الأستاذ الدكتور محمود صلاح الدين من الإسكندرية وهو اختصاصي في القلب، وافق على أساس أنه كان كثير التردد إليه، وكتمانه لطبيعة مرض الرئيس مضمون، وفيما بعد وافق عبد الناصر على إشراك الدكتور زكي الرملي أستاذ أمراض القلب بجامعة القاهرة معنا في العلاج؛ وعاد عبد الناصر فطلب إليهم عدم إذاعة حقيقة مرضه، وبالفعل نشرت جريدة الأهرام أن الرئيس قد اعتكف لبضعة أيام لإصابته بالأنفلونزا، ويشرف على علاجه الدكتور منصور فايز والدكتور الصاوي حبيب، وأضيف اسم الدكتور على المفتي- وهو طبيب الرئيس للأنف والأذن والحنجرة – لتأكيد ذلك.
ولضمان سير العمل أثناء مرض الرئيس جمال عبدالناصر كان من بين الترتيبات التي طلبها الفريق الطبي الذي يشرف على علاجه، أن تتولى كريمته هدى عبد الناصر العمل كأمينة سر له، في مكتبه الملحق بغرفة نومه وكانت قبل ذلك تعمل مسئولة عن متابعة جلسات مجلس الوزراء، وقال منصور فايز “أوصيناها بمحاولة تقليل الكميات الهائلة من الأوراق التي تتدفق على الرئيس طول النهار للاطلاع عليها، وأن تراعي قدر الإمكان أهمية أن تجنبه الانفعالات، وبالفعل قامت السيدة هدى بعملها إلى جانب الرئيس حتى رحيله، وكانت تطلع على كل ما يرد إلى الرئيس، وتعرض عليه ما له أهمية وأولوية، وتجهز حصرا كاملا بما عدا ذلك، وتخبره بما ورد له ولم يعرض، ليطلب الاطلاع عليه أو يطلب موجزا عنه”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال