جولاج الاتحاد السوفيتي.. أسوء معتقل على مر التاريخ
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
هناك آلاف المعتقلات في جميع أنحاء العالم، ولا يتمنى أحد دخول أي واحد منهم بالطبع، ولكن معتقل الجولاج كفيل بأن يبث الرعب بمجرد ذكر اسمه فقط، وعلى مدار التاريخ يُعد هو الأسواء عن استحقاق، وقد ترك التاريخ المظلم والأسود لمعتقل الجولاج أجيالًا كاملة مشوهة نفسيًا وجسديًا، ولايزال الناجين الباقين حتى يومنا هذا مرعوبين من مناقشة تجاربهم بداخله.
نشأة الجولاج
كان الجولاج هو نظام عمل قسري تم إنشائه في فترة حكم الديكتاتور السوفييتي جوزيف ستالين، وكلمة جولاج هي اختصار لكلمة تعني إدارة المخيمات الرئيسية، والتي كانت عبارة عن عدة سجون سيئة السمعة، عاش بداخلها أكثر من ثمانية عشر مليون شخصًا، منذ مطلع العشرينات وحتى منتصف الخمسينات.
تم تأسيس معتقلات الجولاج في أواخر عام 1919م، وخلال عامين فقط كان الجولاج يضم 85 مخيم، واستمرت التوسعات دون توقف خلال السنوات اللاحقة، وذلك لتتمكن من استيعاب أعداد المعتقلين الضخمة، واعتبر ستالين تلك المخيمات وسيلة فعالة لتعزيز الصناعة في نظام الاتحاد السوفيتي، حيث كان السجناء يعملون لمدة تخطت الخمسة عشر عامًا في بعض الأحيان، في ظروف مناخية قاسية للغاية داخل محاجر الفحم والمعادن، وتقطيع الأشجار، وقد مات الكثير منهم من الجوع أو الإرهاق.
فئات المساجين داخل الجولاج
أول مجموعة هم الكولاك، وهم مجرمون عاديون من المزارعين والعمال البسطاء، تم اعتقالهم عندما شاركوا في الثورة ضد السياسية الزراعية التر مارستها الحكومة السوفييتية حينما أمرت الفلاحين بالتخلي عن مزارعهم الفردية، وأجبرتهم على الانضمام للزراعة الجماعية.
ثاني مجموعة هم المعتقلين السياسيين، وهم الضباط والعسكريون والمسئولين الحكوميين المعارضين في الحزب الشيوعي، وبعد ذلك انضم لهم أشخاص مثقفون وأطباء وكتّاب وفنانين وعلماء، وكل ذلك أثناء حملات التطهير التي شنها ستالين على معارضيه.
أخر فئة هم الضحايا العشوائيين والذين تم اعتقالهم على يد رجال شرطة ستالين، وتم نقلهم على السجون مباشرة دون محاكمة أو دفاع، وكانوا يعتقلون أي شخص يعتقدون أن له صلة بأعداء ستالين حتى النساء والأطفال، وقد تعرضت آلاف النساء للاغتصاب داخل المعتقل.
العذاب داخل معتقل الجولاج
كانت الحياة داخل المخيمات جحيم لا يطاق، كان السجناء يعملون في المشاريع الصناعية الضخمة، لساعات طويلة للغاية، ولا يحملون سوى أدوات بسيطة ومعدات غير آمنة بالمرة، وقد مضى بعض السجناء أسابيعًا طويلة في قطع الأشجار بمناشير يدوية، والبعض الآخر كانوا يحفرون التراب بأياديهم لاستخراج الفحم أو النحاس.
وكان السجناء يتعرضون للجر بطريقة وحشية، ويتم حرمانهم من الطعام والنوم لأيام طويلة، ويبقون في درجة حرارة تحت الصفر، وقد أكد المؤرخون أن ما لا يقل عن 10٪ من المعتقلين كانوا يموتون سنويًا بسبب العنف والتعذيب.
نهاية مخيمات الجولاج
خارت قوة مخيمات الجولاج بعد وفاة ستالين عام 1953م، وبعد أيام قليلة من وفاته تم إطلاق سراح ملايين السجناء، وقرر نيكيتا خروشيف حليفة ستالين، إعادة هيكلة تلك المخيمات لتصبح سجن للمجرمين، والنشطاء السياسيين المناهضين للاتحاد السوفيتي، وقد كان خروشيف ناقدًا لكل سياسيات ستالين، وبحلول عام 1987م، تم تدمير مخيمات الجولاج على يد ميخائيل جورباتشوف، الذي كان جده أحد ضحايا ذلك المعتقل المظلم.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال