همتك نعدل الكفة
215   مشاهدة  

“جولة أخيرة” صراع الفرصة الأخيرة قبل النسيان

جولة أخيرة


مثلما ظهر الشيطان مفيستوفيليس لفاوست في لحظة الشك والانكسار، يظهر شبكة ليحيى ليغريه بالعودة مرة أخرى للحياة التي يحبها، يحيى الطبيب المأزوم، لم يختر شيئا يوما وفرضت عليه كل محطات حياته باستثناء حبه لرياضة الكيك بوكسينج.

اقرأ أيضًا
جولة أخيرة .. مشاركة أولى مشرفة جدا للدراما العربية على آمازون

السؤال الأصعب في متابعتي لمسلسل “جولة أخيرة” بطولة أحمد السقا وعلي صبحي وأشرف عبد الباقي ومن تأليف أحمد ندا ويشاركه في كتابة السيناريو محمد الشخيبي ومن إخراج مريم أحمدي، هو شبكة.. شخصية شبكة هي الأصعب وهي الأهم في المسلسل، جميع أبطال المسلسل بلا استثناء هي شخصيات معقدة ثلاثية الأبعاد وجميعهم لديهم صراعات ولكن شخصية شبكة هي الأكثر تكاملا وربما أضاف لها أداء علي صبحي بعدا جديدا.

أبناء الزنا

مسلسل Game of Thrones
مسلسل Game of Thrones

في الحلقة المسماة بمعركة أبناء الزنا في مسلسل Game of Thrones الشهير يتجسد الصراع بين جون سنو ورامزي سنو في السيطرة على الشمال، كلاهما يعرف من والده ولكن تم نسبهم إلى الثلج في دلالة لكونهم أبناء زنا وكلاهما استطاع أن يصبح قائدا لجيوش كثيرة سواء بالحيلة أو بالذكاء وكليهما قائدان كبيران ولكن تظل أزمة اعتراف أبائهم بهم هي ما تؤرقهم، يستطيع رامزي انتزاع نسبه إلى والده انتزاعا بينما لم يقدر الآخر رغم كل ما وصل له من نسب نفسه إلى عائلة ستارك العريقة.

هكذا يبدو شبكة ابن حرام مصفي كما تم وصفه لا يعرف من والده ابن اللاأحد وابن المائة رجل، شخصية مأزومة أخرى تبحث عن أب مع 3 أمهات يشكلن حالات شبكة المختلفة.

جولة أخيرة

جولة أخيرة

عندما قرر روكي بالبوا تحدي الجميع وهو في عمر الستين ليعود للملاكمة مرة أخرى في مباراة استعراضية أمام بطل العالم الجديد ميسون ديكسون لم يكن غرضه الفوز بالمباراة التي لا تقف في صالحه ولم يكن يرغب في أن يثبت أنه ما زال قادرا على الملاكمة إنه غير مهتم بنتيجة المبارة نفسها هو لا يهتم إلا بحبه للعبة وللحلبة، البطل المستضعف الذي بدأ رحلته لعالم الملاكمة بهذه الطريقة يرغب في أن يحظى بلحظة أخيرة أمام العالم.

هكذا هو يحيى نور الدين بطل جولة أخيرة لاعب الرياضات القتالية المختلطة وبطل الكيك بوكسينج السابق الذي يبحث عن نفسه، يحيى الذي انقسمت حياته بين شخصيتين يحيى نور الدين الطبيب الذي يقدم ما يطلبه منه أهله يتزوج زواج مجتمعي وينجب طفلة وشجيع لاعب الكيك بوكسينج وبطل الجمهويرة شخصيته الأخرى التي يتفوق فيها على الآخرين أذكى وأخف وأكثر راحة وتقبلا لما حوله، حتى اللحظة التي يموت فيها منافسه سند ويتحمل شجيع/يحيى ذنب هذه الوفاة فيقرر التخلص من شخصيته الأكثر تحررا ليظل بشخصية يحيى ومعها تنتهي حياة الاثنين.

من خلال هذه الدوافع يبدا المسلسل لحظة مثالية تجمعت فيها الدوافع احتياج مادي ليحيى وانهيار حياته بعد اكتشافه لإصابته بمرض الخرف المبكر الموروث من والده، لحظة واحدة يرغب في أن يحظى بها قبل أن يفقد إحساسه بنفسه وينسى جميع من حوله.. تلك الجولة الأخيرة قبل أن يفقد كل شيء.

الحقيقة أن سيناريو المسلسل هو أحد أفضل السيناريوهات المكتوبة في الفترة الأخيرة، 9 حلقات مشبعات ممتلئات بالأحداث والتصاعد المنطقي للحكاية، ربما عابها فقط مواجهة شجيع لرفيق والتي بدت للجماهير أنها العداوة الأبرز وأنها المواجهة الأخيرة لنكتشف في الحلقة السابعة أنه هناك مواجهة أخيرة.

من كواليس جولة أخيرة
من كواليس جولة أخيرة

الشخصيات أيضا بلا استثناء شخصيات ثلاثية الأبعاد كل شخصية تمتلك دوافعها الخاصة لمتعلقة بحياة يحيى/شجيع، مدربه تامبي الذي يبحث عن نجله رفيقته علياء التي تبحث عن الأمان، طليقته التي تبحث عن الحب، مديره شبكة الذي يبحث عن الأب، والده الذي يمثل المستقبل الشنيع الذي يراه بنفسه كل يوم، وابنته التي تمثل الأمل بينما تبحث هي عن رمزية الأب البطل المفقود، حتى يحيى نفسه وقراراته وعلاقاته بمن حوله علاقات تتسم أحيانا بالأنانية وبالحب وبكل هذه المشاعر مختلطة.

كما استطاعت المخرجة مريم أحمدي من أن تبرز صراعات وطبقات المسلسل المختلفة صراع الأب ومحاولة قتله ولعل اللحظات الأفضل إخراجيا هي تلك اللحظات التي تصور الجد والابن والحفيدة في كادرات تبرز صراعات المسلسل ولكنها تكررت أكثر من مرة أفقدها بعد بريقها وكأنها محاولة لتأكيد الفكرة والصراع.

إيقاع المسلسل نفسه كان جيدا ومتناغما بين السيناريو المحبوك والإخراج الرشيق الواعي بلغة الكاميرا وأهمية المشاهد وتكوينها، ومونتاج المسلسل الذي اتسم بالاحترافية خاصة في مشاهد القتال التي استطاعت أن تظهر القتال وكأنه حقيقي وكيفية التركيز على يحيى وقدراته.

من أبرز عوامل نجاح المسلسل هو التمثيل المبهر من جميع الأبطال تقريبا مع توظيف جيد لقدرات أحمد السقا واختيار شخصية مناسبة لقدراته التمثيلية، وتجسيد رائع من يحيى الشامي في شخصية والد يحيى المريض بالألزهايمر.. وظهور مختلف جدا لأشرف عبد الباقي في شخصية كوتش تامبي في أحد أفضل تجسيداته على مدار تاريخه الفني وحالة من النضج الكبير، وظهور وتجسيد جيد من جميع ضيوف الشرف أبرزهم حنان مطاوع التي تجسد شخصية الزوجة المصرية المفتقدة للحنان والحب والجنس ويبرز هذا بشكل واضح في مشاهدها القليلة والتي استطاعت تجسيدها بحرفية عالية، حتى الفتاة الصغيرة ملك فهمي استطاعت تجسيد شخخصية فريدة ابنة يحيى وتجسيدها لشخصية المراهقة بكل انفعالتها وتأثير الأزمات الحياتية عليها..

إقرأ أيضا
طارق لطفي في دور خِضر

جولة أخيرة

قررت أن أفرد فقرة خاصة لتجسيد علي صبحي لشخصية شبكة، لأن شبكة شخصية مكتوبة بعناية وكان لها وقع مختلف منذ لحظة ظهورها شخصية متلاعبة يمكنك أن تلحظ هذا التلاعب في تجسيد صبحي للشخصية من خلال نظرات عينيه، جبان ولكنه مخلص في الوقت نفسه يعاني من أزمات متكررة حتى الاسم الذي يكرهه يتبناه فيما بعد وكأنه يريد أن يواجه العالم بهذا الاسم حتى يتخلص من إثمه، جمعت الشخصية بين مشاعر متناقضة كثيرة ولكنها ربما كانت الشخصية الأكثر لفتا للانتباه والأبرز في تناقضاتها وصراعها، والحقيقة أن علي صبحي المشخصاتي الأبرز استطاع أن يلبس الشخصية ويجسدها بأفضل ما يكون.

تحرر

جولة أخيرة
أفيش مسلسل جولة أخيرة

ولعل الملاحظة التي لفتت انتباهي بشكل خاص هو أن المسلسل، تحرر من عبء القيود الرقابية المصرية نظرا لأنه يعرض على منصة أجنبية، فخرجت الانفعالات الخاصة بشكل أكثر تحررا وصدقا، حتى الألفاظ والحوار كان طبيعيا أكثر وأقرب للواقع وللشارع.

في النهاية هي تجربة أتمنى أن تتكرر كثيرا لما يفيد صناعة السينما والدراما.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان