همتك نعدل الكفة
13٬764   مشاهدة  

جولة على مومسات الشوارع بالقاهرة

الدعارة
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



قبل عام 1949م كانت الدعارة تجارة تعترف بها الدولة المصرية حيث خصصت مناطق محددة اشتهرت بوجود مومسات الشوارع والغانيات، ومنها: كلوت بك، بركة السبع، الكيت كات، درب الهوي.

بتلك الأماكن كانت تقف المموسات على النواصي لالتقاط الزبائن. غير أن السلطة المصرية جرمت تلك التجارة وسنت القوانين لمنعها ومعاقبة ممارستها. ولكن، ظلت الدعارة بمصر مستمرة مع تغيير خريطتها ليظهر حديثاً مناطق جديدة نالت شهرة واسعة في هذا المجال.. ومنها..

شارع الهرم: الخليجي زبون مفضل

مومسات الشوارع

لشارع الهرم شهرة متفردة، فـ هو الشارع الذي يحتوى على أكبر عدد من الكباريهات والنايت كلايب والبارات بمصر رغم أن طوله لا يتعدي الـ 11 كيلو متر، وهو الذي ألهم صُناع السينما فقدموا لنا العديد من الأفلام التي تدور أحداثها حول هذا المكان لرصد حياة الغانيات السرية بداخل تلك المحال أو خارجها.

إذا كنت قادماً من اتجاه الجيزة لا بد وأن يلفت نظرك كايرو مول وعدد الفتيات المنتظرات للزبون المترقب، بعد ثلاث محطات ستكون عند ناصية شارع العريش وهي بؤرة أخرى تكتظ بالمموسات، بعدها بقليل ستجد نفسك عند ترعة المريوطية لتصطدم بغانية أو أكثر.

اعتادت شيماء الشهيرة بشوشو (32 عام) أن تقف أمام كايرو مول لتلتقط الزبائن المترددين على هذا المبني التجاري.

تقول شيماء لموقع الميزان: “تلك المنطقة تتكدس بالزحام، وأكثرهم من بلاد الخليج والخليجي زبون مستهدف دائماً”.

تفضل شوشو الزبون الخليجي عن المصري مؤكدة أن الرجل الخليجي يدفع كثيراً ويمارس قليلا بعكس المصري.

توضح شيماء: “السعر على حسب الزبون ولكن لا يمكن أن تقل الطلعة عن 200 جنيه للزبون الواحد. ولكن في حالة إذا كان الزبون خليجيا فيمكن أن أحصل على ألف جنيه بالإضافة إلى الهدايا”

شوشو احترفت الدعارة في سن مبكر حيث كان والدها قواداً متزوج من أربع نساء يأجرهن لمن يدفع..

تقول شيماء “اعتدت منذ صغري أن أرى زبوناً أو أكثر بشقتنا الصغيرة التي كانت تقع بحي العمرانية، وأتذكر جيداً استقبال والدي لهم بالترحاب الشديد والعمل على خدمتهم”

توفي والدها وهي ابنة السادسة عشر، وكانت الأم حريصة على مواصلة مشوار الأب فدفعت بابنتها في هذه الطريق.

لا تخجل شيماء من مهنتها، ولا تتضايق من كونها غانية تلتقط الزبائن من الشوارع رغم المخاطر التي قد تتعرض لها.

تصرح شوشو: “أنا مهووسة بالجنس في الأساس، لا أتضايق أبداً من تلك المهنة، هي مهنة أبي وأمي وربما مهنة أجدادهما ثم إنها مهنة ممتعة في كثير من الأحيان”

 

 ميدان روكسي: ممنوع لغير أصحاب السيارات

مومسات الشوارع

ميدان روكسي بمصر الجديدة من أشهر ميادين مصر رغم صغر حجمه، المنطقة يعمها الهدوء والرقي، على بُعد خطوات من سينما روكسي تقف فتاة عشرينية لا يبدو عليها أي شيء ملفت للنظر، تمسك بحقيبة بلاستيكية كبيرة وتعبث في موبايلها، كل شيء يبدو طبيعياً. غير أن صديقي صاحب الخبرة على يقين بأنها فتاة ليل مؤكداً أن هذه الناصية تحديداً تتناوب عليها الغانيات.

تقف سيارة بالقرب من الفتاة فلا تتردد في الركوب لحظة. تمر السيارة من جوارنا فنلمح أكثر من شاب بداخلها يرددون مع صوت الأغنية الصاخبة.

يخبرني صديقي أنه كي (تشقط) من هذا المكان لا بد أن يكون لديك سيارة تلتقط بها الفتاة، وأنه في حالة محاولتك الاقتراب منها مترجلاً ستسمع ما لا يسرك.. تلك مشكلة أخرى! لا أملك سيارة وبالطبع لن ألتقط عاهرة بتاكسي أو أوبر.. لذلك استعين بصديق آخر من عشاق المغامرة يملك سيارة يمكنها أن تفي بالغرض، وبالفعل أعرض عليه فيتقبل العرض بحماس.

إنها الحادية عشر ليلاً، وهذه المرأة الأربعينية القلقة لا تحتاج إلى خبير كي يخبرنا بأنها مموس.. يقترب منها صديقي بسيارته ليقف إلى جوارها، ويقول: “اركبي”.

تركب على الكنبة الخلفية، وتغلق باب السيارة خلفها بقوة تزعج صديقي، وقبل أن أستوعب الأمر تسأل: “هتدفعوا كام؟”

فأرد على سؤالها بسؤال: “انتي بتاخدي كام؟”.

تخبرنا بأنها تأخذ على الفرد 300 جنيه في الساعة وتشترط أن يكون لدينا مكان آمن، ثم تضيف: “بطلت أعمل كدا في العربيات”

سماسم (هكذا تطلق على نفسها) في مرة كانت ستمارس الجنس مع زبون بداخل سيارته بمنطقة الزمالك فاقتحمت الشرطة خلوتهما وكادت أن تقبض عليهما بتهمة الفعل الفاضح في الطريق العام، ولكن الزبون أخبر رجال الشرطة أنها خطيبته، فتركتهما الشرطة بعد الكشف عن بطاقتهما الشخصية.

أسألها: “وانتي مش خايفة أحسن نكون شرطة؟”.

تطلق ضحكة هازئة: “دي أشكال حكومة والنبي.. وبعدين أنا حافظة وشوش بتوع الآداب والمباحث اللي في المنطقة زي كف إيدي”

تلاحظ سماسم أننا نسير بالسيارة بلا هدف، ندخل من الشارع الذي خرجنا منه للتو.

تتساءل: “هي المُكنة فين؟”

لا أجد إجابة، فيتطوع صديقي بالرد: “الحقيقة احنا ما عندناش مكان”.

تعرض علينا أن نذهب إلى المعادي حيث تعيش امرأة سودانية بإمكانها أن توفر لنا المكان في مقابل 300 جنيه أخرى.

ويعلق صديقي: “طب ما أنا أقولك على حاجة أحسن ما تنزلي هنا وتروحي لحال سبيلك”.

تندهش مما قاله، تعلق: “أومال كان إيه لزمة العطلة دي؟”

أقول: “أدينا اتعرفنا”.

فترد: “ليه يا روح أمك أنت وهو؟ شاقطين بنت من أدام مدرسة ثانوي!”

تنزل بعد أن ننال سيل من الشتائم لم تزعج صديقي بقدر انزعاجه من غلقها لباب السيارة بعنف.

الطريق الأبيض: الجنس في مقابل الجرعة    

مومسات الشوارع

على الطريق الدائري هناك سلم يُطلق على الطريق الأبيض، وقد أطلق عليه هذا الاسم لكونه طريقاً أبيضاً بالفعل يخترق المزارع، بتلك المنطقة يقع أكبر دولاب لترويج البودرة بمصر كلها، يتوافد عليه المدمنين والمدمنات من كل الفئات. بأسفل السلم تتنافس التكاتك على الزبائن: “الدولاب.. الدولاب.. حد داخل الدولاب؟”

أركب تكتكوك يعمل عليه صبي لا يتجاوز الـ 15 عام، يسير بنا بداخل أراضي زراعية نحو (الحفرية) حيث الدولاب، من حولنا تشكلية متباينة ومختلفة من المدمنين والمدمنات يبدون أقرب إلى الزومبي فعلاً: أجساد نخرة وعيون غائبة. إنه طريق الذل والضياع. أستخرج الموبايل وفي نيتي أن أسجل ما يدور حولي.

يعلق السائق: “اطفي الموبايل دا واخفيه.. لو حد لمحه هتتتفتش ومش هتخرج على رجليك”.

أنفذ ما طلبه مني دون اعتراض، وأسأله: “هو ممكن ألاقي هنا واحدة تيجي معايا البيت؟”.

إقرأ أيضا
عربي

يقول: “كتير”.

ثم يشير ناحية المزارع يقول: “وممكن تاخد أي واحدة هنا.. تعمل معاها اللي انت عاوزه وتديها اللي فيه النصيب”.

نقترب من الدولاب، عدد كبير من المدمنين والمدمنات في انتظار حصولهم على الجرعة، بعضهم يقف في صف طويل، والبعض الآخر يفترش الأرض، أكثر من مدمن يضرب حقنة في ذراعه. أجواء مرعبة وكئيبة..

ويشير سائق التوكتوك ناحية فتاة لا تتجاوز العشرين من عمرها تحمل طفل رضيع وهو ينادي عليها باسم (زهرة).. تقترب زهرة مننا، تبدو بائسة جداً، جلد على عظم.

يقول لها السائق: “الأستاذ هيظبطك ويديكي 100 جنيه”

تلقى نظرة خاطفة نحوي ثم تشترط أن تحصل على الفلوس مقدماً. بينما يشير لي السائق في الخلفية بما يعني أن لا أعطيها شيئاً.

توضح: “ما هو أنا لازم أتكيف عشان أكيفك”.

أعرض عليها أن تركب إلى جواري وسأعطيها ما تريد.

تخبرني زهرة أنها تزوجت منذ ثلاث سنوات من شاب مدمن، هو من علمها الضرب (تعاطي المخدرات) وأدخلها في سكة الإدمان.

تقول: “في الأول حبيت الموضوع، كنا كل يوم بليل نضرب لنا ربع جرام على الأقل، بصراحة دماغ البودرة غير أي دماغ تانية، كنت بحس أني بطير في السحاب”

بعد عدة أشهر من الزواج كان الزوج قد باع أثاث البيت كله من أجل البودرة حتى ملابسها وحين عرف الأخ الأكبر بإدمان شقيقه أرسله إلى المصحة.

تضيف زهرة: “أما أنا بقي هربت، خفت أحسن يشحونوني معاه (أي احتجازها عنوة بالمصحة)  خاصة إني بسمع بلاوي عن المصحات واللي بيحصل فيها، وبعدين أنا أصلا مش عاوزة أبطل”

ومن يومها – أي منذ ثلاثة سنوات – وهي تعيش في الشوارع، تلتقط الزبائن من على الدائري، تحديداً عند نزلة صفط اللبن.

تنهي زهرة حديثها قائلة: “كل يوم مع واحد شكل، أكل عنده وأنام وأخد حساب الجرعة. الإدمان ما بقاش يخليني أحس بمتعة في الجنس، بس بمثل أني مبسوطة عشان أبسط الزبون، بحلل القرش الحرام اللي رايح في الحرام”.

لا مفر من تقنين الدعارة مجدداً

يشير الدكتور مصطفي محمد استشاري أمراض الذكورة والتناسلية بالحوض المرصود أن معظم الحالات وإن كانت جميعها تأتي ممن أقاموا علاقات متعددة بالأخص من بائعات الهوى.

يؤمن مصطفي بأن القوانين لا يمكنها الردع أبداً بل على العكس قد تكون سبباً في نشر الأمراض الجنسية، لذلك فهو يدعو لإعادة النظر في قانون تقنين الدعارة.

يوضح محمد: “من وجهة نظري هناك جوانب إيجابية لتقنين الدعارة ومنها:

  • الحماية من الأمراض: ففي القدم كانت العاهرات تأتي إلى هذه المستشفى تحديداً من أجل الفحص الطبي كل ثلاثة أشهر، ومن يُكتشف أنها مصابة بمرض جنسي تُحجز على الفور، ويتعطل عملها حتى تُشفي تماماً.
  • تجنب الخداع: الكثيرات من العاملات بالجنس تعملن في الخفاء، ربما من وراء الزوج المخدوع أو بعيدا عن مجتمعها المحيط. أما إذا كان العمل علني – كما كان يحدث في مطلع القرن الفائت- فإنها ستصبح معروفة بكونها بائعة هوى ولا يمك ممارسة عملها إلا بشهادة معتمدة من الدولة.
  • عدم الابتزاز: وهو ما يقع فيه الكثير من الزبائن نتيجة لاستغلال الغانية والأسعار المبالغ فيها.
  • تفريغ الكبت الجنسي والحد من التحرش: نحن نعيش أيام عصيبة خاصة على المستوى المادي حيث أصبح الزواج من المستحيلات بالنسبة للكثير من الشباب، والجنس غريزة أساسية لا بد من إشباعها، وهي حق مكفول لكل كائن حي فمالك بالإنسان المفطور على الجنس والتجانس”

الكاتب

  • مومسات الشوارع عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
10
أحزنني
14
أعجبني
5
أغضبني
4
هاهاها
3
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان