“حادث الرحلة 648 مصر للطيران” جريمة أوجعت قلب القاهرة وأحزنت الوسط الفني
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاء حادث الرحلة 648 مصر للطيران عام 1985 م ليكون البروز الأول رسميًا لعمليات الفرقة 777 المصرية، وليكون نقطة تحول في العلاقات المصرية الليبية.
حادث مالطة والخوف من مصير لارنكا
شهد العام 1985 على مستوى العالم 11 عملية اختطاف منها 9 عمليات في طائرات دول الشرق الأوسط، وهو ما جعل مصر للطيران تخصص طاقمًا أمنيًا في أغلب رحلاتها يكون ضمن الركاب بأسلحة خفيفة.
في 23 نوفمبر سنة 1985 تمكن 3 من جماعة أبو نضال من خطف طائرة بوينج 266-737 التي أقلعت من مطار أثينا وكانت تخوض الرحلة 648 مصر للطيران وعلى متنها 92 راكبًا منهم 50 مصريًا.
كان غرض الخاطفين الاتجاه بالطائرة إلى ليبيا لعقد مساومة بين نظام العقيد معمر القذافي ونظام محمد حسني مبارك، غير أن الوقود نفذ من الطائرة بعد اشتباك ضابط مع الخاطفين وقتل أحدهم قبل أن يقوم الاثنين بإطلاق الرصاص عليه، فتم إجبار قائد الطائرة على الهبوط في مطار فاليتا في بلدة لوكا بمالطة اضطراريًا للتزود بالوقود.
رفضت مالطة استقبال الطائرة، لكن الخاطفين أبلغوا سلطات المطار أنهم إن لم يُسْمَح لهم بالهبوط فسيقتلوا راكب كل 15 دقيقة، وهو ما حدث خلال 3 ساعات، فاستجابت سلطات مالطة لهبوط الطائرة لكنها رفضت تزويد الطائرة بالوقود فوقع الجميع في الحصار، وكانت المفاوضات بين الخاطفين طيلة يوم 23 نوفمبر وفي اليوم التالي وصلت قوة من مجموعة الـ 777 لتحرير الطائرة وكان شبح لارنكا يخيم على عملية تحرير الطائرة.
قبل عام 1985 كان لمصر ماضي دموي مع اختطاف الطائرات، فقد تعرضت الطائرات المصرية المدنية لـ 5 محاولات اختطاف، 3 محاولات قام بها مصريون أعوام 1964 و 1969 و 1970 م، ومحاولة قام بها صومالي عام 1971 م، فيما قام اثنين من ليبيا بالاشتراك مع مصري بمحاولة عام 1973 م.
رغم أن المحاولات الخمسة لم تنتهي نهايات دموية، إلا أن عملية مطار لارنكا في قبرص عام 1978 كانت تمثل شبحًا للصاعقة المصرية حيث بسبب عدم التنسيق مع قبرص خسرت قوات الصاعقة 15 من صفوفها وأصيب 15 آخرين برصاص القبارصة، وحاولت مصر تجنب مصير عملية لارنكا، فحين وصل أفراد الـ 777 كان عدد من قتلهم الخاطفين في الرحلة 648 مصر للطيران 16 راكبًا من أصل 92 راكبًا أي أن الباقين على قيد الحياة 76 راكبًا.
عملية إنقاذ ركاب الرحلة 648 مصر للطيران
كان اللواء أحمد رجائي عطية هو العقل المدبر والمخطط لعملية إنقاذ ركاب الرحلة وقد نسق مع سلطات مالطة لتنفيذ عملية الانقاذ منتصف ليل 25 نوفمبر 1985.
استهدفت خطة اللواء رجائي أن يتم تقسيم قوة الاقتحام إلى مجموعات لمهاجمة الطائرة من جميع جوانبها في وقت واحد، ووضع عبوات ناسفة بأبواب الطائرة، وفي لحظة الانفجار اقتحمت القوات المصرية الطائرة وأطلقوا 7 طلقات على الإثنين اللذين يتوليان خطف الطائرة، فقُتِل أحدهما وأصيب الآخر.
نجح أفراد الـ 777 من تحرير 44 راكب من أصل 76 وفقد 32 راكبًا حييتهم في عملية الاقتحام وجاء هذا الرقم بسبب أن أحد الإرهابيين ألقى قنبلة فسفورية حارقة سامة أضرمت النيران في الطائرة والتي لم تكن تمتلك مقومات الإطفاء بما في ذلك المطار، فمات الـ 32 حرقًا أو اختناقًا.
اللواء أحمد رجائي وشهادة الناجين اتفقوا على أن مطار فاليتا لم يكن يمتلك الوسائل المتاحة لاطفاء الحريق، ففي الأساس حرائق الطائرات تستلزم المواد الكيمياوية والرغوية، لكن المطار كان يستخدم خراطيم المياه والتي لم تكن الوسيلة الأفضل.
رموز الوسط الفني الذين فقدوا حياتهم
مات في حادث الرحلة 648 مصر للطيران 48 راكبًا (16 قبل وصول القوة المصرية + 32 بسبب القنبلة الفسفورية) وكان من ضمن الضحايا 15 مصريًا.
كان من ضمن الضحايا المصريين الـ 15 6 يعملون بالوسط الفني وهم «المخرج فخر الدين صلاح، مساعد المخرج أحمد إبراهيم الشال، الماكيير علي إمام إبراهيم، الموظفون بالتلفزيون وقطاع الإنتاج – محمد أحمد داوود حسين، حسين سمير عبداللطيف، هاشم فهيم، توني عبدالواحب حسين، محمد عبدالهادي -»، ويضاف لهم محمود إبراهيم الشامي نجل الفنان إبراهيم الشامي.
ابنة الفنان إبراهيم الشامي تقول عن موقف أبيها بعد دفنه لأخاها «كنت صغيرة فى السن وقتها، لكننى رأيت أبي وهو عائد من الجنازة، ويدخل فورًا إلى الصالة التى بها جهاز التليفزيون ويقوم بتشغيله، وقتها وقفنا جميعاً فى حالة ذهول، قالت أمى وهى تبكى: أبوكم بداخله حزن يكفى العالم كله، لكنه يحاول أن يتماسك أمامكم حتى لا تنهاروا من الصدمة، وحتى لا يترك الحادث آثاراً نفسية سيئة عليكم، من هذا المشهد تأكدت من قوة أبى الإيمانية وقدرته الإنسانية على احتواء واستقبال المواقف الصعبة».
المخرج فخر الدين صلاح .. رفيق بدايات أسامة أنور عكاشة
في عام 1940 ولد المخرج فخر الدين صلاح وكانت بدايته في علم التاريخ حيث التحق بكلية الآداب قسم التاريخ وتخرج منها عام 1962 ليعمل بعد ذلك في التلفزيون المصري.
اقرأ أيضًا
عن فلسفة اختيار أسماء أبطال فيلم “كتيبة الاعدام” .. عبقرية أسامة أنور عكاشة المبهرة
ارتبطت بداية السيناريست أسامة أنور عكاشة بالمخرج فخر الدين صلاح حيث أخرج له أول أعماله الإنسان والجبل وهي سهرة تلفزيونية عام 1969 م، وبدايةً من سنة 1976 وحتى 1983 م بدأت ثنائية المخرج فخر الدين صلاح والكاتب أسامة أنور عكاشة بمسلسلات عديدة هي «الإنسان والحقيقة، والحصار، والمشربية، والفارس الأخير، وطيور الصيف، وسلمى، والصراع، والحصار، والأبرياء، وزهرة البنفسج، وأبواب المدينة من جزئين، وأدرك شهريار الصباح».
من المفارقات العجيبة في الحادث أن تلك الطائرة تعرضت للاختطاف عام 1973 بمصر على يد ليبيين وتم تحريرها، لكن قمة المفارقة أن المخرج فخر الدين صلاح كان ينتوي تقديم فيلم من إنتاج أفلام التلفزيون يناقش قضية الإرهاب الدولي المتمثل في خطف الطائرات وقرصنة السفن، كتطوير لفكرة مسلسل الحصار الذي أخرجه في السبعينيات، لكن الفكرة تأجلت لانشغاله بإخراج مسلسل وأدرك شهريار الصباح لأسامة أنور عكاشة والذي كان آخر أعمال المخرج ومات في حادثة نفذها الإرهاب الدولي.
المصادر
- أعداد جريدتي الأهرام والجمهورية من 25 نوفمبر 1985 لـ 1 ديسمبر من نفس العام
- ـ حادث طائرة مصر للطيران في حمام الدم في مالطا – موقع اندبندت مالطا
- ـ حوار مع نجلة الفنان إبراهيم الشامي – موقع الوفد 12 يوليو 2017 م
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال