حبيبة مسيكة صاحبة أغنية “على سرير النوم دلعني”..قصة جسد جميل التهمته ألسنة النيران
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
حبيبة مسيكة التي ذكرها الروائي التونسي محمد عيسى المؤدب في روايته “حمّام الذهب” والتي تحدث فيها عن الأقليات اليهودية وكيف تم قبول انتماءاتهم بداخل المجتمع التونسي، وعن مدى تقبل هذه الفئة للانخراط مع المجتمعات المؤدلجة، وعن محاولة الفصل بين تكوينها الديني والسياسي.
حبيبة مسيكة
إسمها الحقيقي مارجريت، ولدت في تونس عام 1903، ثم تعلمت في الجمعية اليهودية، وانصرفت الى تعلم الموسيقى بمساعدة خالتها ليلى سفاز التي كانت سيدة مثقفة ومتحررة وتتمتع بشخصية قوية ولها أفكار تناصر حرية المرأة.
ليلى سفاز
تعرفت مارجريت على فنان كبير آنذاك يدعى خميس الترنان والذي كان من أصول أندلسية، وكان له تأثير هائل على تطور الموسيقى والغناء في تونس في النصف الأول من القرن العشرين، والذي اهتم واعتنى بموهبتها، وساعدها لكى تكسب شهرة واسعة في خلال مدة قصيرة، وأطلق عليها اسم حبيبة مسيكة.
تزوجت من ابن عمها، إلا أنها سرعان ما انفصلت عنه لتعيش قصة حب مع وزير من الوزراء، فكان يستقبلها في سهراته الباذخة بقصره، وعندما ازدادت شهرتها اتساعًا سافرت إلى باريس، لتتعرف على الحياة الفنية فيها، وبفضل ما كانت تتمتع به من موهبة وجمال فقد تمكنت من التعرف على شخصيات فنية كبيرة مثل بيكاسو الذي أبدى اعجابه الكبير بها، وتعرفت كذلك على فنان الموضة الشهير كوكو شنيل الذي قال عنها: “حبيبة لها طبع ناري تحت لطافتها الشرقية”.
من أشهر أغانيها : على سرير النوم دلعني، على باب دارك، الربيع منور، مارش جلالة الملك فؤاد، كما لعبت أدوارًا رئيسة في مسرحيات كثيرة مثل “مجنون ليلى”، ومسرحيات شكسبير، فقد لعبت دور روميو في مسرحية “روميو وجولييت” وقامت بتقبيل رشيدة لطفي الفنانة اليهودية الليبية والتي لعبت دور “جولييت” وعلى مدى أشهر طويلة ظل أهالي تونس يتحدثون في مجالسهم الخاصة والعامة عن تلك القبلة الشهيرة، وفي عام 1928 لعبت الدور الرئيسي في مسرحية “شهداء الحرية” والتي استفزت السلطات الاستعمارية، فقامت بمنعها، واستجوبتها بتهمة مناصرة الحركة الوطنية التونسية.
اقرأ أيضًا
سيد فؤاد الخولي .. الرجل الذي عَرَّف سوهاج على الكهرباء والثانوية العامة
عشقها الأمير فؤاد الذي أصبح ملكًا لمصر، وكان يراسلها ويبعث لها العديد من الهدايا الثمينة، ثم عشقها تاجر المجوهرات اليهودي الثري إلياهو ميموني الذي كان آنذاك في الخمسين من عمره، ومن شدة تعلقه بها بنى لها قصرًا فخمًا في مدينة تستور التي أسسها الأندلسيون حين وفدوا مع اليهود إلى تونس بعد سقوط غرناطة، وتحول القصر اليوم إلى دار ثقافة.
ومن الجمال ما قتل
حبيبة مسيكة التي قتلها جمالها، فعندما ضاقت ذرعًا بإلياهو الذي أحبها كما لم يحب امرأة في حياته، ولم تعد ترغب في لقائه والتحدث إليه، وقطعت علاقته به لتعيش قصة حب مع شاب كانت تعرفه منذ سنوات الطفولة، أكلت الغيرة قلب إلياهو، وفي بيتها أسال مادة حارقة على أرضيته وفوق الفراش، ثم أشعل النار وفرّ هاربًا، وعندما أخمدت نيران الحريق، كانت نجمة الفن والغناء والمسرح حبيبة مسيكة جثّة متفحّمة وذلك في عام 1930 م.
وفي جنازتها سار آلاف من التونسيين من جميع الطوائف وبكوها بحرقة وأطلقوا عليها “حبيبة الكل” لتتحول إلى أيقونة في تاريخ الثقافة التونسية، وفي عام 1995 قامت مخرجة تونسية بتناول قصة حياتها من خلال فيلم ” رقصة النار”.
الكاتب
-
مريم المرشدي
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال