حبيب نور محمودوف .. أن تنتصر على الجبال ويهزمك الحزن
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
” كان حبيب يقاتل بقدم مكسورة “
هذا ما قاله المتحدث الرسمي في فريق المقاتل الأول في العالم ، حبيب نور محمودوف، بعد أحد النزالات الكبرى التي انتصر فيها حبيب ، وربما تسأل نفسك – إن كنت ليس من المتابعين لرياضة القتال الحر .. من هو حبيب نور محمدوف ؟ .. كنت أود أن أقول مصطلحات مبالغ فيها كأي كاتب يكتب عن بطل أسطوري ، لكن يكفي أن أقول لك أن حبيب نور يمل دائمًا من قتال البني آدمين ويقاتل الدب في الغابات ! .. يكفي أن أقول لك أن حبيب نور لم يخسر أي نزال منذ أن بدأ لعبة القتال الحر حتى الآن ، كما انتصر في النزال التاريخي بينه وبين المقاتل الإيرلندي الشهير ماكجريجور .. المباراة التي أخذت بعدًا دينيًا ، بعد أن تعمد الإيرلندي سب الدين لحبيب نور ، وبعد أن هزمه حبيب توجه جمهوره كأحد المقاتلين والمدافعين عن الإسلام ، ذلك البعد الديني الذي اتصف به محمد علي كلاي أيضًا ، يبدو أنه من بروتوكولات الألعاب القتالية وضع الدين كفلفل وشطة قبل النزال لإيقاظ شعلة الأجواء وبالتالي رفع نسب المشاهدات .
“كان حبيب يقاتل بقدم مكسورة”
كان الجميع يتعجب من قوة إيمان حبيب بنفسه ، كان يكسب النزال قبل أن يبدأ ، هذا لثباته الانفعالي وقوة صدقه في إمكانياته .. أنت الآن مصدق تمامًا أن الحبيب كان رجلًا متفردًا قائمًا بذاته ، قادر على سحق أي شئ بيده وقدميه ومن قبلها عقله وفطنته وسرعة بديهته . لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا
آن أوان خريفنا
تخيل معي أن كل هذا التاريخ من الكفاح للتربع على عرش العالم في اللعبة القتالية الأكثر واقعية . وقف اليوم أمام وسائل الإعلام وقرر أن يعتزل اللعب نهائيًا بعد أن توفى والده أثر مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا اللعين ، حيث قال : لن أقاتل مرة أخرى ووالدي غير موجود !
والسؤال هنا .. كيف لرجل يحقق كل هذه الانجازات أن تنال منه مشاعر الحزن لهذه الدرجة ؟ هل هو الصدق في الحب والمشاعر ؟ أم أن هناك لحظة في الحياة تتوقف أنت نفسك عن الدوران ، الأمر الذي يزرع الخوف في قلب الواحد ، هل لهذه الدرجة مشاعرنا متعلقة بغيرنا ، هل الإنسان هش من الداخل بهذه الدرجة كي تقتله مجموعة من الذكريات ؟ .. أرى لاعبي كرة يموت أحبابهم صباحًا ويلعبون المباريات ليلًا ، هل هي مجرد فروق فردية بين مشاعر الجميع ، أم أن هناك شخصًا تتوقف عليه حياتك ؟ .. أم أن هناك رابط روحي بينك وبين شخص إذا مات الشخص أو اختفى تنطفئ بالضرورة روحك . الرجل الذي صارع الدب من أجل والده ، الآن أصبح غير قادر على الوقوف حتى في حلبة النزال . يبدو أننا كبني آدمين مهما أبدينا من قوة ، سيظل بداخلنا الطفل الصغير الذي يتعلق بوالده ، أو بمعنى أصح ، الأب سند وضهر ، وعدم وجوده سيكسر ضهرك حتمًا ، حتى وإن كان ضهر أقوى مقاتل في العالم .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال