حديقة الوحوش الإيطالية.. أسرار الجمال المرعب

مجموعة كبيرة من الزهور والنباتات، ونافورة جميلة أو تمثال، وأجواء هادئة، مشاهد لطيفة ورقيقة، هي أول ما سيجول في بالك عند تذكر حديقة ما، ولكن في حديقة الوحوش الإيطالية، لن تتذكر سوى مجموعة متنوعة من الوحوش المخيفة والمخيفة، هذا هو بالضبط ما ستجده في حديقة الوحوش الإيطالية، الموجودة في بلدة Bomarzo الهادئة، وتظل الوحيدة من نوعها، لا يزال المؤرخون يحاولون معرفة ما كان المنشئ يحاول توصيله بإبداعاته المرعبة، على الرغم من أنه لم يعترف أبدًا برسالة أساسية، إلا أنه ربما ترك بعض اللمحات ليجدها الزوار، حيث نقش نقش محفور على مقعد حجري في الحديقة يقول: “أنت الذي تتجول في العالم، وترغب في رؤية عجائب عالية ورائعة، تأتي هنا حيث توجد وجوه مرعبة، فيلة، أسود، دببة، غيلان وتنانين”، فما هي أسرار تلك الحديقة؟.

من ولماذا أنشأها؟

حديقة الوحوش، المعروفة أيضًا باسم ساكرو بوسكو أو الغابة المقدسة، أو غابة الوحوش، تم إنشاؤه بواسطة دوق إيطالي يُدعى “بيير فرانشيسكو أورسيني”، والذي تعود جذوره إلى فرع ثانوي لعائلة رومانية قوية، كان فنان شهير وأديب معروف، لكن حياة أورسيني المميزة تحولت فجأة إلى الظلام عندما كان جنرالًا في جيش البابا خلال الحروب الإيطالية وشهد وفاة صديقه العزيز القائد أورازيو فارنيزي، وفي نفس المعركة، تم أسره كأسير حرب واحتجز في ألمانيا لعدة سنوات مقابل فدية، بعد فترة وجيزة من عودته إلى منزله في بومارزو، فقد أورسيني زوجته المحبوبة جوليا، وتغلب على الحزن بفنه، ونأى بنفسه عن الدين وتحول إلى الأبيقورية، “وهي فلسفة مضادة للملذات، والدعوة إلى الحياة المعتدلة”، سعى أورسيني إلى الراحة في صحبة الفنانين والكتاب وغيرهم من المبدعين وقضى معظم وقته في الحديقة التي أنشأها، والتي غالبًا ما أشار إليها باسم “فيلا العجائب”، وهي كانت عجيبة بالفعل، حيث تُركت جميع الأشجار والشجيرات دون تشذيب، بينما وُضعت تماثيل لكائنات غير عادية وبشعة بشكل عشوائي في جميع أنحاء الحديقة، وتجسد المنحوتات أسلوباً فنيًا قاسيًا، نسخة من القرن السادس عشر من السريالية، وهناك ثلاث نظريات تحاول شرح نوايا أورسيني وراء ذلك التصميم الفريد، الأولى تستند إلى اهتمام أورسيني بالأدب الكلاسيكي، حيث تشير إلى أن الحديقة مستوحاة من يوتوبيا، وهو مصطلح شعري مرتبط بالمكان الذي يتم فيه الجمع بين الفن والطبيعة، والثانية، هي أن التصميم كان يهدف إلى مواجهة تصميم صديقه، كريستوفورو مادروزو، الذي كانت حديقته في سوريانو دي سيمينو تمثل كل ما هو جيد ولطيف في العالم، يمكن اعتباره تباينًا مناسبًا بسهولة، أما النظرية الثالثة والأكثر شيوعًا، هي أن الحديقة المليئة بالوحوش هي انعكاس لشياطين أورسيني الشخصية.

بعض منحوتات الحديقة

فيل الحرب

كان الفيل واحد من عدة منحوتات داخل حديقة الوحوش، والمعروف أيضًا باسم “فيل حرب هانيبال”، يصور الفيل الأحداث المأساوية من مسيرة أورسيني العسكرية، والتي ترمز إلى المعركة حيث شهد فقدان صديقه الحميم وقائده فارنيزي، قبل أن يتم أسره في الحرب، ويحمل الحيوان الحجري الكبير جثة في جذعها يبدو أنه يرتدي الزي العسكري الروماني، مما يمثل الخسارة المؤلمة لصديقه، كما تم تصوير القبض على أورسيني وسجنه في التمثال الموجود على ظهر الفيل.

جيغانتي العملاق

من آخر المنحوتات التي تم بناؤها في حديقة الوحوش، والمعروف أيضًا باسم العملاق المحارب، ويصور ذلك التمثال معركة بين عملاقين، أحدهما يمزق الآخر إلى نصفين، وهو مستوحى من قصيدة تسمى “أورلاندو فوريوسو” التي تزامنت مع حدث في حياة أورسيني، حيث تحكي القصيدة قصة حب أصبحت مريرة عندما علم نايت أورلاندو أن حبيبته فقدت عذريتها لجندي مشاة، فيصاب بصدمة عصبية ويهاجم ويقتل أي نبات أو حيوان أو إنسان صادفه بيديه العاريتين، وفي قصة مماثلة، عندما عاد أورسيني إلى المنزل من محاكماته في الحرب، وجد أن عشيقته قد تركته، ويصور التمثال الألم الشديد الذي اجتاحه عندما علم أنها هربت مع رجل آخر.

إقرأ أيضا

تبرير العنف ضد الأبناء وعلاقته بالفقر