270 مشاهدة
حد شافنا: إيهاب توفيق تاجر أعلن إفلاسه ففتش في دفاتره القديمة

-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يبدو أن الفنان إيهاب توفيق لازال مصرًا على إغلاق أبواب الحاضر تمامًا، والعودة باّلته الزمنية إلى حقبة التسعينات التي شهدت نجوميته، ليس كصانع نجاحات ضخمة بل كمستهلك له، إيهاب توفيق الذي كان نجم الأمس أصبح الآن يستدعي أرشيفه الفني ليس فقط في حفلات “الكاسيت” التي يظهر فيها والتي تستهدف إثارة حنين الجمهور بل في إطلالاته الإعلامية و في أعماله الجديدة تحديدًا أخر أغنياته “حد شافنا” مما يكشف عن أزمة فنية واضحة يعاني منها ، أشبه بالتاجر الذي أعلن إفلاسه فقرر البحث عن أي ربح راكد في دفاتره القديمة.
دعونا نؤكد في البداية على أن أخر نجاحات إيهاب توفيق الملموسة كانت في أغنية “الله عليك يا سيدي” أوائل الألفية ثم أعاد الجمهور اكتشاف بعض أغنياته مثل “يا سلام يا سلام، اه يا ناري” بعد ظهورهما في مشهد طريف في فيلم “سمير وشهير وبهير” ثم أعاد المطرب الشعبي الراحل “أحمد عامر” إحياء أغنية ” لا داعي” التي لم تلق نجاحًا جماهيريًا وقت صدورها، كل تلك الأمور لم تلفت انتباه إيهاب توفيق في شئ ولم تجعله يخطط بشكل مدروس كي يدشن عودة جديدة إلى الساحة الغنائية لكنها أضاع كل الفرص ولازال مصرًا على استدعاء الماضي،يظهر في مسلسل “عايشة الدور” في أغنية مستنسخة من فترة التسعينات ولم يدرك أن الظهور كان بمثابة إعلان أنه أصبح مطرب من الماضي يقتات منه ويعيش عليه.
الإعلانات والدراما: النوستالجيا كـ”وظيفة” جديدة
استمر إيهاب توفيق في اجترار الماضي بعد ظهوره مؤخرًا في حملة إعلانية لأحد البنوك، والتي اشترك فيها مع مطرب تسعيناتي آخر”محمد محي”، لم يقدم الإعلان إيهاب توفيق بصفته الفنان الحالي بل أيقونه من أيقونات الماضي بشكل فج رغم أنه رسميًا لم يعلن اعتزاله الغناء.
الإعلان اختزل إيهاب توفيق في أغانيه الشهيرة “تترجى فيا، سحراني” واستدعي مشهد اللابتوب الشهير في كليب “اكتر من كده إيه” في لقطة سريعة داخل الإعلان، لا أنكر أن الإعلان لاقى رواجًا على وسائل التواصل الإجتماعي لكنه يؤكد على أن لم يكن نجاحًا لإيهاب توفيق الحالي بل احتفاء بنوستالجيا التسعينات التي أصبح هو مجرد أداة لتجسيدها ، وتحول من مطرب لازال ينشط في سوق الغناء إلى أيقونه من الماضي يتم توظيفها لإثارة مشاعر جيل بأكمله ولم يعد ينظر إلى إيهاب توفيق كفنان قادر على تقديم الجديد بل رمز لحقبة زمنية انقضت.

حد شافنا: استنساخ باهت للذات
لم يكتف إيهاب توفيق باستدعاء الماضي في الإعلانات بل امتد الأمر إلى أحدث أغانيه “حد شافنا” التي كتب كلماتها الشاعر بهاء الدين محمد ولحنها عزيز الشافعي ، والتي تبدو كمحاولة متعمدة لاستنساخ نجاحات التسعينات بداية من البوستر الذي يحمل طابعًا قديمًا حيث يقف أمام ميكرفون كلاسيكي الطابع وقصة شعر قديمة وخلفه اسطوانة فينيل، مرورًا بكلمات بهاء أحد أبرز شركاء نجاحه في التسعينات وصولًا إلى اللحن الذي صاغه عزيز الشافعي على مقام الكرد أكثر المقامات المستخدمة في الأغنية المصرية الحديثة ، لحن عزيز الشافعي كان باهتًا جدًا في استسهال كبير ومراهنة على أن أذن المستمع لا تزال أسيرة تلك الجمل اللحنية البسيطة ، أما توزيع وسام عبد المنعم فقد أكمل الصورة النمطية باستخدام عناصر تسعينية بامتياز، صقفات وطبلة مع إيقاع مقسوم سريع وجملة فاصل تشبه أغاني التسعينات ، وهي تركيبة كانت تمثل العمود الفقري لأغاني تلك الحقبة ، الأغنية بأكملها تبدو وكأنها منتج تم تصنيعه خصيصًا لإرضاء محبي النوستالجيا وليس كمشروع فني يحمل أي تجديد.
إيهاب توفيق في مسلسل عايشة الدور:استعادة للماضي أم إعلان نهاية مسيرة
انتهاء الصلاحية الفنية
ما يفعله إيهاب توفيق اليوم ويمكن أن نفتح القوس لنضع بعض الأسماء الاخرى ، يثير تساؤلًا جادًا حول صلاحيته الفنية كمطرب معاصر، فبدلًا من أن يتطور ويحاول أن يقدم نفسه بشكل جديد ومختلف وبعد فشل محاولاته الأخيرة في أغنيات مثل “الاستاذ، أبوس قلبك، ليكي عندي” اختار الحل الأسهل، استغلال نجاحاته القديمة والاتكاء على حنين الجمهور هذا التوجه لا يعكس فقط أزمة إبداعيه بل يكشف عن عقلية فنان لم يعد يثق في قدرته على المنافسة في الساحة حاليًا فلجأ إلى أرشيفه كمنطقة اّمنة.
لقد أصبح أيهاب توفيق أشبه بالتاجر الذي أفلس فلم يجد أمامه سوى دفاتره القديمة يقلب فيها، عله يجد ما يسد به رمقه وقرر أن يبيع للجمهور بضاعة يعرفونها ويحبونها لكنه لم يدرك أنها بضاعة منتهية الصلاحية في سوق اليوم ، قد يضمن له هذا الاسلوب بعض الحضور المؤقت إلا أنه على المدى الطويل يؤكد على أن إيهاب توفيق الذي كان أغلى نجم في التسعينات قد انتهى بالفعل وما نراه اليوم إلا صدى باهتًا لماضيه الناجح.

الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
ما هو انطباعك؟









