حسنة وهاشم.. أو جوهرة في الأجهر
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
كان بودي أقول جديد… بس مش لاقي، الأحداث شغالة زي ما هي في تصاعد وتشابك شيق، مع استمرار نفس العيوب سالفة الذِكر، فماظنش إن إعادة حكي المتشاف على الشاشة مفيد في حاجة. فلحين حدوث معرفة مصير عطا وشركاته اللي كشفهم الأجهر، أو عودة المسلسل من سكة “كوميديا العبث” اللي راح فيها مع الحلقة الحداشر.. فأنا حابب أتكلم عن أهم كراكترين لفتوا نظري في العمل ككل لغاية دلوقتي.
المسلسل مليانة عوالم وكل عالم وفيه شخصياته، لكن يظل عالم الصاغة هو الأكبر من حيث مساحة الدراما أو من حيث عدد الشخصيات الفاعلة فيه.
العجوز مجهول المصدر
شخصية موجودة في كتير من المناطق الشعبية، وهي شخص صاحب الشغلانة البسيطة أو في طريقها للإنقراض، وأحيانا من غير شغلانة أصلا.
كبير في السِن لدرجة إن ماحدش يعرف سنه بالتحديد وبتوصل ساعات إن ماحدش عارف تحديدًا الشخص ده ظهر واستقر أمتى في المنطقة، لإنه غالبًا بيكون مقطوع من شجرة.
عواجيز المنطقة بس همه اللي بيظهر إنهم يمتلكوا معلومات عن الشخصية دي، لكن ماحدش منهم بيمررها للأجيال الأصغر.
حَسَنَة
صناع العمل رسموا الشخصية دي سِت بياعة فحم، بتنام في الدكان أو هو نفسه أوضة من شقتها اللي في الدور الأرضي، مظهرها يوحي إنها من أصول بدوية.. بسبب دقة وشم تقليدي على دقنها.
واخدة سكة العرافة على خفيف، أو زي ما بنقولها بالبلدي: منفوحة (دلالة على النفحة الإلهية)، وبما إن التنجيم بيصيب ويخيب بنسبة 50% فمافيش إجماع هي بتشوف فعلًا ولا بتقول أي كلام، خصوصًا إنها بتستغل الحالة دي إنها تطلب فلوس من بعض الأشخاص اللي بينها وبينهم عمار.
بس ماحدش يقدر ينكر إنها بتعرف سليم النية من سئ النية، ودايمًا منحازة لمعسكر الطيبين، زي ما أنا ماقدرش أنكر إحساسي إن حسنة هيكون ليها دور محوري في الأحداث.. ممكن يوصل لمستوى ظهور وش خفي ماحدش يعرفه عنها.
عارفة عبد الرسول
الممثلة القديرة والحكائة الرهيبة، عارفة عبد الرسول، لعبت شخصية “حسنة” ببساطة ومن غير أي حزء، شطارة في التمثيل تخلي اسم الشخصية يلزق في دماغ الإنسان.. ومايفضلش يقول عليها “الست اللي عاملاها عارفة عبد الرسول”.
وهي دي قمة النجاح لأي ممثل في أداء أي شخصية، فكل الشكر للسِت عارفة، اللي ليها عشرات السنين بترصد وتخزن جواها كل الكم ده من الشخصيات، من أيام ما كانت “بنت البقال” لحد ما بقت “الممثلة القديرة”، عشان تعرف النهارده تطلعهم وتنقي منهم.. أو تعمل كوكتيل من بعضهم، وتقدم لنا كل مرة شخصية جديدة نصدقها ونتفاعل معاها.
المواطن العشوائي
شاب فقير.. متدني التعليم.. منعدم الثقافة.. مدمن، أو ما يعرف إجمالًا بـ”سرسجي”، شخصية تم فحتها على مدار أكتر من 20 سنة، وكانت شخصية “اللمبي” في فيلم الناظر بمثابة إنطلاق نجومية الكراكتر ده، وكان صناع فيلم اللمبي بالذكاء إنهم يستغلوا نجاح الكراكتر، ويدوا الفرصة لمحمد سعد إنه يحصد نجومية الكراكتر في فيلم خاص باسم الشخصية.
ثم جت شخصية “توشكى” في كلمني شكرًا عشان تكون علامة فارقة في مسار الشخصية نفسها، والعالم اللي خارجة منه بأكمله، لدرجة إنها بقت حجر زاوية في تاريخ ممثل متميز زي “عمرو عبد الجليل”، اللي قبلها ماكنش واخد ما يستحقه من التقدير.
للآسف النجمين الكبار وقعوا في فخ القولبة، من باب الاستسهال أو اللعب في المضمون أو إن ماحدش عاقل يقول للشغل “غير المضمون” لأ.. ويرجع بأيده لمربع البحث عن عمل، وهو مربع لا بيمر عليه منتجين يدفعوا.. ولا نقاد يدوا جوايز.. ولا حتى جماهير تصقف.
وماننساش إن الأتنين موهوبين وشطار جدًا ونجوميتهم أتأخرت كتير، مقارنة بمستواهم الفني، كمان ماننساش إن ليهم محاولات بره قالب “المواطن العشوائي”، فشوفنا محمد سعد في الكنز زي ما كمان شايفين عمرو عبد الجليل دلوقتي بيلعب شخصية عصران في الأجهر.
هاشم
كتير بقى حاولوا يعزفوا على نفس الوتر، أو يعملوا تنويعات على نفس اللحن، بس دايمًا (في حال التوفيق أساسا في الأداء) كان بيظهر في الخلفية اللمبي أو توشكى.
وشخصية “هاشم السنوسي”، الأخ غير الشقيق لمصطفى الأجهر (يوسف)، هي من نفس جنس المواطن العشوائي، بالتالي سهل جدًا إن اللي يلعبها يتكعبل في فخ استنساخ أو تقليد النموذجين الأشهر (اللمبي) أو (توشكى).
مصطفى أبو سريع
دي أول مرة أشوف أبو سريع، وبهرني جدًا بأداءه.. خصوصًا مع أول ظهور للشخصية، لحظة فيها “هاشم” مسطول أو بالأوقع “مضَيَع” بفعل “الأستروكس”. أداء مظبوط بالمللي مع جُمل مكتوبة بمنتهى الدقة.. قدمولنا تليخص واقعي لأزمة متعاطي الأستروكس مع شارع الحياة، وأزاي إنه مش بيفقد بوصلة تحديد الاتجاهات… إنما بيفقد أصلًا القدرة على تحديد هو رايح ولا جاي؟ داخل ولا خارج؟.
هاشم السنوسي مش زي اللمبي بياكل الكلام، ولا زي توشكى سامع الألفاظ غلط فبيكررها غلط، إنما علقه بيهرب سياقات، فخلال الجملة ما هي شغالة في بؤه.. يكون عقله نسي سياق الحوار. ولأن أبو سريع لقط الخيط ده كويس.. عرف يلاقي لشخصية “هاشم” خط تمشي عليه ما بين أكبر كراكترين لعبوا في المساحة دي.
أتمنى إنه يكمل ع السكة دي لأخر المسلسل، وأتمنى أكتر إنه مايضطرش يقع في فخ التنميط. شكرًا مصطفى أبو سريع.. ومستنظر منك أكتر.
الكاتب
-
رامي يحيى
شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال