همتك نعدل الكفة
445   مشاهدة  

حسن العطار .. شيخ الأزهر المجدد الذي تقرب من السلطة دفاعًا عن مشروعه الفكري

الشيخ حسن العطار
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



الشيخ حسن العطار هو الإمام السادس عشر للأزهر الشريف، وهو أول إمام من أصول غير مصرية يتولى مشيخة الأزهر، كان الشيخ من النابهين المثقفين التربويين الذين أدركوا ضرورة مواكبة العصر واللحاق بركب النهضة الفكرية والثقافية الذي بدء يشكل العالم آن ذاك. .

مولده ونسبه

ولد الشيخ حسن محمد العطار المصري لأسرة من أصول مغربية تعيش بالقاهرة عام ١١٨٠ﻫ/١٧٦٦م، ونشأ بها في رعاية والده الذي كان يعمل عطارًا إلى جانب إلمامه بالعلم؛ الشيخ محمد كتن.

عمل الشيخ حسن العطار مع والده في سن صغيره، حيث أراد والده أن يعلمه البيع والشراء وأحوال السوق، وأثناء ذلك أردك والده ذكاء صغيره الحاد وفطنته التي كانت تميل إلى التعلم إلى جانب الغيره التي كان يراها في عينه عند رؤية رفاقه المترددين على الأزهر الشريف لحفظ القران الكريم .

ولمَّا رأى والدُه فيه هذه الرغبةَ إلى التعلُّم، ساعده حتى أتمَّ حفْظ القرآن في مدة يسيرة، ثم أقبل على طلب العلم، فدرس العقيدة والفلسفة والنحو والصرف والبلاغة والتاريخ وعلم الكلام ، ورغم نبوغه في العلوم النقلية إلا أن العلوم العقلية بلغت منه مبلغًا عظيم وأصبح شغوفًا بتعلمها ؛ فدرس الطب والرياضيات وعلم الفلك، وهو ما فتح له آفاق التجديد والحرص على الإبداع أمام تيار التخلف والجمود .

وأمام هذا النبوغ العلمي المبكر والمتفرد للشيخ بين أقرانه ترقى في الأزهر الشريف حتى صار له حلقة علم يقصدها المريدين وطلاب العلم وهو لا يزال شابًا لم يتجاوز الـ 30 عاما، ومع و مجئ الحملة الفرنسية والهزيمة التي لحقت بمماليك مصر، ومجازر الإسكندرية والدلتا التي خلفتها حملة نابليون فرّ الشيخ هاربًا من القاهرة إلى الصعيد حتى إذا استقر الأمر في مصر عاد مرة أخرى إلى القاهرة وإلى مباشرة حلقاته العلمية.

الحملة الفرنسية على مصر
الحملة الفرنسية على مصر

عاد الشيخ ” العطار” إبان الوجود الفرنسي في القاهرة واتصل بعلمائها فأفادهم واستفاد من علومهم حتى تشبع من علومهم فأصبح لديه الكثير والكثير من المعارف، التي بسببها امتلئت حلقاته العلمية بغزير الطلاب الذين انهالوا عليه للإفادة منه ومن معارفه .

الانفتاح الفكري

ولمّا كان للشيخ  حسن العطار يلتف حوله الكثير من المريدين وطلاب العلم عمل على بث روح التجديد والبعد عن التخلف والجمود في مجالسه ، فحرص على تلقين طلابه العلوم العقلية إلى جانب العلوم النقلية لاسيما وأن طلاب العلم آن ذاك قد شاهدو ما لدى الفرنسيين من وسائل حديثه وعلوم غزيرة .

حلقات الأزهر
حلقات الأزهر

بعد جلاء الحملة الفرنسية على مصر، سافر الشيخ ” العطار ” إلى بلدان عدة وقد استهوته فلسطين وبلاد الشام وتركيا وبلاد البلقان، ولما عرف الشاميون علومه ومعارفه أصروا عليه البقاء بينهم لينهالوا من علومه وقد تولى إمامة المساجد في دمشق وأقام بالمدرسة البدرية زمنا ومدحها قائلا :

بوادي دمشقِ الشام جُزْ بي أخا البَسْطِ

وعرِّجْ على باب السلام ولا تُخطي

ولا تبكِ ما يبكي امرؤُ القيس حوملًا

ولا منزلًا أودَى بمُنعَرج السِّقطِ

فإنَّ على باب السلام من البَها

ملابسَ حُسنٍ قد حُفِظْنَ من العَطِّ

هنالك تلْقَى ما يروقُكَ منظرًا

ويُسْلي عن الأخدانِ والصَّحبِ والرهطِ

ومنها:

وقِفْ بي بجسر الصالحيَّةِ وقفةً

لأقضِي لُبَاناتِ الهَوى فيه بالبَسطِ

وعرِّج على باب البريد تجِدْ به

مراصدَ للعشَّاق في ذلك الخطِّ

وحاذرْ سُوَيعاتِ العمارة إنها

مهالكُ للأموال تأخذُ لا تُعطي

إلى أن قال:

وعندي من التأليف شيءٌ وضعتُه

على شرح قانون الحفيد أخي السِّبطِ

ثلاثُ مقالاتٍ كبارٍ وضعتُها

لتعريف حال الكيِّ والفَصْد والبَطِّ

وجزءٌ على شرح المبرِّد كامل

أُبيِّنُ فيه غامضَ النصِّ بالقطِّ

وألَّفتُ في علم الجراحة نُبذةً

لتعريف أكل الفول بالقطع والخطِّ

مشيخة الأزهر والدفاع عن مشروعه الفكري

تولى الشيخ حسن العطار مشيخة الأزهر ( 1830ـ 1835 )، وفي هذه الفترة عمل الشيخ على ضرورة إحياء التراث العربي القديم بأساليب جديدة، وإعادة تدريس المواد الممنوعة، وقد أسهم بنفسه وبتلامذته في ذلك النشاط التجديدي ومن أشهر هؤلاء التلاميذ رفاعة الطهطاوي الذي سافر إلى فرنسا وتبنى مشروعات ثقافية عملت التطور المنشود إلى جانب نبوغه في  الترجمة وأصبح مسؤولا عن إنشاء أومدرسة للألسن في مصر، والطنطاوي الذي سافر إلى روسيا إلى أن أصبح أشهر المستشرقين الذين عكفوا على علومهم.

إقرأ أيضا
تاريخ الموريسكيون

الطب والتشريح 

ودلائل أخرى ذكرتها كتب التاريخ  حول الشيخ ومشروعه الفكري التجديدي أثناء توليه مشيخة الأزهر، فقد ذكرت المصادر أن أحد طلاب الأزهر حاول قتل ” كلوت بيك” الطبيب الفرنسي وهو يشرح جثة في مدرسة الطب بأبي زعبل لتعليم الطلاب المصريين وكان هذا الأمر من الأمور التي أول مرة تحدث في مصر وهذا ما استغربه الطلاب المصريون وثاروا عليه وهو ما دفع كلوت بك لطلب الفتوى من شيخ الأزهر حسن العطار وهو ما أجازه الشيخ وأوصى بضرورة تعلم الطب والتشريح ومدى استفادة لناس من مثل هذه العلم وأصبح علم التشريح على هذه النحو غير مستغرب بفضل نباهة الشيخ .

الشيخ العطار والسلطة

لَمَّا تول محمد باشا حكم مصر وثق الشيخ العطار علاقته به فلم بهاجم أسرة محمد علي مثلما فعل عبد الله الجبرتي وغيره من علماء الأزهر الذين اصطدموا بأسرة محمد علي ، فوثق العطار علاقته بالحاكم من أجل الإبقاء على مكتسبات  الأزهر، ولعل هذه العلاقة الوثيقة بين الشيخ العطار ومحمد علي هي ما دفعت الأخير إلى العمل في أول صحيفة في الشرق الأوسط كله  “الوقائع المصرية” سنة 1828م كأول محرر للقسم العربي فيها، وكانت تتكوّن من قسمين عربي وتركي.

محمد علي وعلماء الأزهر
محمد علي وعلماء الأزهر

الشيخ العطار والأدب

كان الشيخ حسن  العطار الإمام السادس عشر للأزهر محبا للأدب ذواقة له، قارئا نهما للشعر، كاتبا ومشاركا فيه، مصاحبا لكبار شعراء عصره، حتى إن العلامة الجبرتي يحكي أنه كان يجتمع مع بعض الأدباء والشعراء ومن شعره:

إني لأكرهُ في الزمان ثلاثةً

ما إن لها في عدِّها من زائدِ

قربَ البخيل وجاهلًا متفاضلًا

لا يستحي وتودُّدًا من حاسدِ

ومن الرزيَّةِ والبليَّةِ أن ترى

هذي الثلاثةَ جُمِّعَتْ في واحدِ

مؤلفات الشيخ

ذكر يوسف سركيس مي معجم المطبوعات العربية فيقول:

إنشاء العطار، في المراسلات والمخاطبات وكتابة الصكوك والشروط مما يحتاج إليه الخاص والعام، وقد طُبِع عدة طبعات، وهو مؤلَّف صغير الحجم كبير الفائدة، يشهد له بدقة الملاحظة وقوة الأسلوب، وفيه الكثير من أشعاره:

  1. حاشية العطار، على التذهيب للخبيصي، شرح التهذيب، وبهامشها الشرح المذكور وحاشية ابن سعد (منطق)، طُبع ببولاق سنة ١٢٩٦ﻫ.
  2. حاشية العطار، على شرح إيساغوجي لأثير الدين الأبهري، وبالهامش الشرح المذكور (منطق) طبع سنة ١٣١١ﻫ.
  3. حاشية العطار، على جمع الجوامع، ثلاثة أجزاء، طبع مصر.
  4. حاشيته على متن السمرقندية (بلاغة) طُبع بالدهينة سنة ١٢٨٨ﻫ.
  5. حاشيته على شرح الأزهرية للشيخ خالد الأزهري (نحو) طُبع عدة طبعات بمصر.
  6. حاشيته على شرح المقولات المسمَّى بالجواهر المنتظمات في عقود المقولات كلاهما للشيخ أحمد السجاعي، طُبع بمصر سنة ١٢٨٢ﻫ.
  7. منظومة العطار في علم النحو، في مجموع من مهمات الفنون، طبع سنة ١٢٨٠ﻫ.

الكاتب

  • حسن العطار مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان