همتك نعدل الكفة
1٬578   مشاهدة  

حسن عابدين .. الذي أفلت من الإعدام وقتله الاكتئاب

حسن عابدين
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



الهارب

هارب من حكم بالإعدام في عمر الـ17 عاماً بعد انضمامه إلى المقاومة في فلسطين عام 48 بعد قتل جنديين من الصهاينة، ولم يخرج من المحكمة إلا بعد تهديد فدائي آخر بتفجير نفسه داخل القاعة إن لم يتم الإفراج عنه وعن زملائه.

لم يكن الفتي الشاب الذي ولد وترعرع في بني سويف وعشق الشعر الجاهلي وكون جماعة للخطابة وانضم لفريق المسرح في قصر الثقافة في مدينته يحلم بغير الحرية، ورغم شدة الوالد الذي كان من كبار أعيان البلد، مارس التمثيل سراً دون أن يعرف أحد سوى والدته.

كان دائما خارج أي إطار سواء عند قتل الصهاينة خلال حرب 48 في فلسطين أو على المسرح قبل أن يتخرج ويحصل على البكالوريا.

المتطوع

تطوع حسن عابدين بعد ذلك في سن الـ21 في الجيش عقب ثورة يوليو52، كان الفدائي بداخله ما يزال حياً، ثم انضم إلى المسرح العسكري بصحبة حسن حسني ليلعب أول أدواره في مسرحية عن الاستعمار الفرنسي من تأليف جمال عبدالناصر نفسه، لكنها ألغيت ولم يكتب للنجم الشاب أن يلعب دور « كليبر» الذي كان مرشحاً له.

انضم بعدها لفرقة يوسف وهبي وقدم عدة مسرحيات لم تصور فنسيها الناس.

ما يقرب من 15 عاماً كاملة قدم فيها ما يزيد عن 10 مسرحيات هامة طواها التاريخ، لكن الفدائي المقاتل بداخله لم يهدأ ولم ييأس، كان يدرك أنه قد صار بعيداً عن ميدان المعركة وأن له معركة أخرى على خشبة المسرح وأمام شاشة التليفزيون.

الممثل

ومن على خشبة المسرح وفي مسرحية « نرجس» التي لعب فيها دور والد زميلته سهير البابلي تعرف الجمهور للمرة الأولى على حسن عابدين عام 75 وهو في سن الـ 44 وبعد ما يقارب ربع قرن من التمثيل بعيداً عن الأضواء.

كان المتطوع قد ترك الخدمة في الجيش وصار التمثيل ميدانه الوحيد، وعلى الرغم من هذا لم يحب السينما أبداً، قدم فيها ما يزيد عن 15 فيلماً مثل «الشيطان امرأة»، و« العذاب فوق شفاه تبتسم»، و«على من نطلق الرصاص»، «الأنثى والذئاب»، «المطلقات»، و«سنة أولى حب» و«فيفا زلاطا»، و«درب الهوى»، «عودة ريا وسكينة»، لكنه لم يعتبرها أبداً معركته الخاصة وترك فيلم «درب الهوى» تحديداً طعنة في روح الفنان الذي خدعه المخرج حسام الدين مصطفى وحذف الكثير من مشاهده ليقدم الشخصية كما يريدها وليس كما كانت في السيناريو وقدمها حسن عابدين، لدرجة أنه رفض بعد هذا مشاهدة الفيلم وكان يكسر أي شريط فيديو له.

ظل ارتباطه بالفنان عبدالرحيم الزرقاني مخرج مسرحية « نرجس» أقوى من أي رابط بالفن، والزرقاني كان يرى أن التمثيل هو المسرح.

النجم

صار حسن عابدين نجماً في منتصف السبعينيات، وصار صانع النجوم المسرحية الأول في مصر في تلك الفترة جلال الشرقاوي منتجاً له وقدم معه العديد من المسرحيات أمثال «افرض» و«قسمتي»، «على الرصيف»،«بلوتيكا».

لكنه كان دائماً أبداً يكره الخروج عن النص، ربما بحكم تربيته صغيراً في بيت يلتزم كثيراً بالقواعد وحتى مواعيد الطعام وفترة شبابه العسكرية المنضبطة، لدرجة أنه هدد يوماً بالانسحاب من مسرحية بسبب خروج حسين الشربيني ووحيد سيف عن النص، ولم يعد إلا عندما وعدا بعدم تكرار هذا الفعل.

وتُعتبر مسلسلات حسن عابدين، من أبرز ما أنتجه التلفزيون خلال حقبة الثمانينيات، ويأتي في مقدمتها مسلسل «فيه حاجة غلط»، الذي حقّق نجاحاً كبيراً، وكذلك مسلسل «أنا وانت وبابا في المشمش» و «أهلا بالسكان»، و«نهاية العالم ليست غدًا»، و«آه يا زمن»، و«أرض النفاق».

دخل حسن عابدين كل بيت مصري من خلال شاشة التليفزيون، وصار بـ « صلعته» الشهيرة وحاجبيه الأشيبين وعينيه الضيقتين وأنفه المفلطح وفمه العريض وهيبته وطبقة صوته الفخمة تحقيقاً لصورة الأب في المجتمع المصري.

كان يشبه آباءنا المنهكين خلال تلك الفترة في مصارعة الرزق وكسب العيش، كان يحمل مشاكلهم وصدماتهم أمام التحولات المجتمعية التي بدأت في مصر منذ منتصف السبعينيات، كان حقيقياً للغاية.

إقرأ أيضا
عمرو خالد

الراحل

في عام 1980 وأثناء تقديم المسرحية الشهيرة «عش المجانين» أمام محمد نجم وخلال إجازة قصيرة قضاها حسن عابدين في الحجاز من أجل العمرة تم طرده من أمام القبر النبوي الشريف بسبب عمله، طرده جندي غاضباً، فخرج باكياً ناوياً على الاعتزال، ولم يُعده إلى العمل إلا صديقه الفنان إبراهيم الشامي الذي اصطحبه للشيخ الشعراوي الذي أشاد بأعماله وطالبه بالعمل.

ثم رحل بعدها بـ9 سنوات مصاباً بسرطان الدم، رحل بعد أن أصيب بالاكتئاب مرة أخرى عقب الهجوم الشرس الذي تعرض له عقب حملة إعلانات «شويبس» والتي رفض بعدها عروض إعلانات كثيرة بسبب هذا الهجوم، رحل ولم يتصالح مع السينما التي قررت أن تصالحه للمرة الأولى بجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم «عنبر الموت» بعد وفاته بأيام قليلة.

رحل حسن عابدين وبقي جزء من تكويننا عن الأب الذي لا يرحل، الذي يحمل مبادئه أينما حل والذي يحارب الدنيا من أجلها، والذي يحلم دائماً بعالم سعيد حتى لو لم يأتِ.

اقرأ أيضا

ماذا قالت سناء جميل عن يوسف شاهين ؟ .. بجح وغير محترم

الكاتب

  • حسن عابدين أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
5
أحزنني
2
أعجبني
5
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان