همتك نعدل الكفة
500   مشاهدة  

حكاية آية (10) .. الطريق إلى مـكة (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)

إنا فتحنا لك مبينا
  • روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد



بعد صلح الحديبية بعامين، وبعد نزول الوعد الإلهي بفتح مكة (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) وهي الآية الأولى من سورة الفتح الذي بدأ بالتحقق في السنة الثامنة من الهجرة حيث وقعت مذبحة ماء الوتير.. تلك المذبحة التي راحت ضحيتها 23 رجلا من قبيلة خزاعة على يد رجال قبيلة بني بكر..

وبين قبيلة خزاعة وبني بكر صراع عميق وضعت له حد فاصل معاهدة صلح الحديبية التي نصت على عدم القتال.. فقبيلة خزاعة دخلت الإسلام وشهدت المعاهدة كما أن بني كرم انضموا إلى قريش وبذلك أصبحت في ذمتها.. ومع ذلك نقضت قبيلة بني كرم المعاهدة وتربصوا بوفد من قبيلة خزاعة، وتحينوا وقت راحتهم فانقضوا عليهم وهم يشربون من مياه الوتير، فلجأ البعض منهم للفرار بمكة فلاحقوهم حتى وصلوا مكة، وراح بني جزاعة يستغيثون: “الحرم يا بني بكر.. يا نوفل إنه إلهك!”.

وكان نوفل بن معاوية وهو قائد كتيبة بني كرم يقاتلهم وهو يصيح: “اليوم لا إله لي”.

وكان من بين كتيبته عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أُمية وغيرهم من رجال قريش الذين تلثموا حتى لا يعرف النبي محمد بأمر اشتراكهم في تلك الواقعة.

غير أنه عرف عن طريق عمر بن سالم الخزيعي الذي تمكن من الفرار وجري على المدينة ليستغيث برسول الله: “النصرة يا رسول الله.. النصرة يا رسول الله”.

فاستقبله الرسول، وسمع منه، وعلم بشأن بني بكر وبما أحدثه في قبيلة خزاعة، فغضب غضباً شديداً.. وقال: “نُصرت يا عمرو يا بن سالم”.

ثم خرج من مجلسه وراح يصيح في عشيرته: “لا نصرة إلا ما انصرت بني خزاعة مما أنصر به نفسي”.

فجاء وفد من خزاعة في حينها مكون من أربعين رجلاً ليأكدوا على النبي خبر المذبحة التي جرت لرجالهم.. فطلب منهم الرسول أن يعودوا إلى مكة ولكن متفرقين حتى لا ينتبه لهم أحد من قريش..

عاد النبي إلى السيدة عائشة وهو في حيرة من أمره فتساءل: “قد حيرت في أمر خزاعة”.

فتساءلت السيدة عائشة بدورها: “أتري قريشاً تنقض العهد بعد أن أفناهم السيف”.

فقال النبي: “ينقضون العهد لأمر يريد الله بهم”.

فتساءلت متعجبة: “أهو خيراً أم شر”.

فقال النبي بيقين: “خير إن شاء الله”.

قريش وجدت نفسها في ورطة، فقد انهكتها الحروب المستمرة بينها وبين المسلمين وكان صلح الحديبية بمثابة هدنة مريحة.. اليوم ستعود الحروب مجدداً.. واجتمع سادة قريش للبحث عن مخرج من تلك الورطة، فاقترح عبد الله بن سعد أن يعرضوا فدية عوضاً لمن قُتل. ولكنهم رفضوا، فـ عرض الفدية يعني اعتراف ضمني بأنهم شاركوا في القتل.

لم يكن أحد منهم يعمل بما ينوى النبي فعله.. وهل علم أصلاً أم لا؟ فاقترح أحدهم أن يرسل أبي سفيان للنبي ويجدد معه البيعة، فـ أبي سفيان لم يشهد صلح الحديبية وتلك حجة يمكن بها أن يقابل النبي ويطلب منه أن يجدد معه البيعة..

وبالفعل رحل أبو سفيان إلى المدينة المنورة.

وهناك لجأ لأبي بكر كي يقدمه للنبي فقال له أبو بكر: “ما أنا بفاعل”.

فذهب إلى عمر بن الخطاب فصده، وكذلك علي الذي نهره.. في النهاية قرر أن يواجه مصيره، وأن يتقدم منفرداً لمقابلة النبي الذي قابله بفتور سائلاً: “لماذا جئت؟”

فقال أبو سفيان: “يا محمد إنني لم أكن شاهداً العهد فجئتُ أشهد وأشتد”.

فسأله النبي: “هل كان فيكم من حدث؟”.

فرد أبو سفيان: “ما عذا الله.. نحن على عهدنا ومدتنا”.

فقال النبي: “ونحن على عهدنا ومدتنا”.

ورجع أبو سفيان إلى أهله وهو لا يفهم شئ مما دار.. وحين سألته زوجته هند بنت عتبة حكي لها ما جرى فعلقت هازئة: “قبحت من رسول قوم”.

وخرج أبو سفيان إلى قومه، فسأله عن مقابلته مع النبي فحكي ما حدث.. فضربتهم خيبة الأمل الممزوجة بالحيرة فقالوا له: رضيت بغير رضا، وجئتنا بما لا يغني عنا ولا عنك شئ”.

فقال بيأس: “ما وجد غير ذلك”.

بعدما تأكد النبي بصحة واقعة ماء الوتير أرسل رُسل ليبلغوا القبائل المجاورة أن الرسول يخبرهم: “من يؤمن بالله واليوم والآخر فيحضر هنا – المدينة المنورة- في رمضان”.

ثم عاد النبي إلى بيته وطلب من عائشة أن تستعد للرحيل، فتساءلت: “إلى أين؟”.

فأخبرها بنيته في فتح مكة وأن يبقي الأمر سراً بينهما. فتعجبت: “أليس بيننا وبينهم عهداً؟!”.

قال: “أجل، ولكنهم نقضوا العهد”.

ودخل أبو بكر فوجد ابنته عائشة تجهز للترحال فسألها: “أهمُ الرسول بغزوة؟”.

فقالت: “لا أدري”.

فقال: “إذا كان هم بغزوة فأخبريني نتهيأ لها”.

فقالت: “لا أدري”.

فتساء: “يريد الأصفر؟ يريد نجد؟ لعله.. لعله يريد قريشاً!”.

فدخل الرسول عليه وقال: “نعم”.

فقال أبو بكر: “أأتجهز؟”.

فقال النبي: “نعم.. أني غزيهم.. فقد غدروا العهد، فأطوي ضلك يا أبا بكر.. فظن يظن الشام وظناً يظن ثقيفة وظناً يظن هوزاً”. أي أجعل من يظن يظن ولا تقل الحقيقة..

وعقد النبي اجتماع مع خلصاء القوم يشاروهم في أمر قريش، فقال أبو بكر: “هؤلاء قومك يا رسول”.

وقال عمر بن الخطاب: “هم رأس الكُفر يا رسول الله.. زعموا أنك ساحر، وزعموا أنك شاعر، وزعموا أنك كذاب.. والله لا تُذل العرب حتى تُذل قريش”.

فعلق النبي: “إن أبا بكر كـ إبراهيم وكان في الله ألين من اللين.. وإن عمر كـ نوح وكان نوح في الله أشد من الحجر.. وإن الأمر أمر عمر”.

وهكذا بدأت الرحلة نحو مكة.. الفتح المبين.. ولكن، كيف حدث ذلك؟ وكيف تعاملت قريش مع المعركة ضد النبي محمد وأتباعه؟ هذا ما سنعرفه في حكاية أخرى..

الكاتب

  • إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا عمرو عاشور

    روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...

    كاتب نجم جديد






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان