حكاية آية (12) .. تحطيم الآلهة (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا)
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
دخل النبي مكة بجيش الإسلام المكون من 10 ألف مسلم في خمس فرق، فرقة من الأنصار والمهاجرين تحت قيادته، وفرقة بقيادة أبو عبيدة بن الجراح دخلت مكة من الشمال الغربي، وفرقة بقيادة خالد بن الوليد من الجنوب، وفرقة قيس بن سعد بن عبادة من الشمال، بينما دخل الرسول من الجنوب الغربي..
وتجنب الجيش الشرق تماماً وذلك لوجود قبيلة هوازن حيث كانت تستعد تلك القبيلة لغزو المدينة المنورة..
دخل النبي مكة على ناقته وهو ساجد على ظهرها حتى أن أنفه كانت تلاصق ظهر بعيره.. وأثناء دخوله للحرم صادفه رجل من أهل قريش يرتجف من الهلع، فقال له النبي: “يا رجل.. هون عليك.. أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد من مكة”.. والقديد هو اللحم المجفف الذي كان يتغذي عليه الفقراء بينما اللحم الطازج للأغنياء..
بعدها اغتسل الرسول وأتباعه وراحوا يطوفون 7 مرات حول الكعبة وهم يرددون الآية (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ).
وكان أهل قريش يتطلعون إلى الحدث بذهول وهم يرددون: “ما رآينا ملكاً قط.. ولا سمعنا به مثل هذا!”.
وكان النبي قد أصدر أوامره بعدم القتال. ولكن، بالجنوب حيث خالد بن الوليد وفرقته، وحيث عكرمة بن أبي جهل وأُمية بن صفوان وشباب قريش الذين قرروا القتال ودفاع عن مكة فبدأوا في شحن وتجميع أهل قريش بالجنوب وهي منطقة تُسمي الخندمة.. من ضمن سكانها مثلاً رجل يدعي حماس بن خالد بن قيس ، وحين سمع حماس بنداء عكرمة لمواجهة محمد أخذه الحماس، فراح يسن سيفه، فإذ بزوجته تدخل عليه مندهشة: “لمن تُعد هذا؟”.. بتسن السيف عشان مين؟!
فقال لها: “لمحمد وأصحابه.. فأرجو ما أرجو أن آخذ منهم خادم فأنتِ بحاجة إليه”.
فقالت الزوجة محذرة: “لن ينفعك السيف.. ويحك.. لا تفعل ولا تقاتل محمداً. إنك لم ترَ جيشه”.
فرد بإصرار: “سترين”.
وخرج قيس وانضم إلى عكرمة فقاتلهم خالد بن الوليد حتى قتل منهم 24 رجلاً من الخندمة..
وعاد قيس إلى بيته مهزوماً ومذعوراً وهو يستغيث بزوجته: “أغلقي الباب.. فـ محمد قال: ومن أغلق عليه بابه فـ هو آمن”.
فقالت له الزوجة بتهكم: “أين الخادم الذي وعدني به؟ ما زلت أنتظر!”.
ورد قيس وهو ينشد: “دعي عنك هذا.. أنتِ لو شهديني بالخندمة/ إذ فر صفوان وفر عكرمة/ وأبا يزيد كالعجوز المآتمة/ إن يلحقونا بالسيوف المسلمة/ يقطعن كل ساعد وجمجمة/ ضربت فلا يُسمع غير غمغمة/ لهم زائير خلفنا وهمهمة/ لا تنطقي واللوم أدني كلمة”.
ولام النبي على خالد بما فعله مع أهل الخندمة قائلاً: “ألم أنهِ عن القتال؟”.
فقال خالد بن الوليد: “أردت أمراً وأراد الله أمراً.. وكان أمر الله فوق أمرك”.
بعد طواف النبي بالكعبة بدأ في تحطيم الأصنام، 360 صنم مختلف لـ 360 إله مختلف.. ثم نقل مقام إبراهيم لموضعه الحالي.. ورغب في الدخول إلى الكعبة، وهنا كان عليه أن يأخذ المفتاح من بيت بني شيبة وهي العشيرة المسئولة عن مفتاح الكعبة، وكان الصحابي عثمان بن طلحة قد اسلم فآمره أن يحضر مفتاح الكعبة وكان وقتها بحوزة أم عثمان.. ولكن أم عثمان رفضت، ودست المفتاح في سروالها الداخلي..
وقالت: “أي رجل يدخل يده ها هنا”..
فجاءها عمر بن الخطاب فخافت منه وأخرجت المفتاح في هدوء… فأخذه عمر وعاد به إلى النبي، والنبي فتح الكعبة، ودخل فيها فإذ بصور للسيدة العذراء، وأخري لإبراهيم، وإسماعيل، وصور لقسم إسماعيل أمام إبراهيم وبينهما اللاتي والعزة.
فأمر النبي بإزالة تلك الصور وحرقها. وحين خرج من الكعبة استقبله ابن عباس وطلب منه أن تحتفظ هاشم بمفتاح الكعبة. ولكن النبي رفض وراح يتلو (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)..
وأعاد النبي مفتاح الكعبة لبني شيبة وهو يقول: “لا يأخذه منكم إلا ظالم”.
وصعد الزبير بن العوام إلى أعلى الكعبة وراح يحطم صنم هُبل وهو يصيح: “أعلو هُبل.. أتذكر يا أبا سفيان؟ الله أعلى وأجل.. لقد كُسر هُبل.. أما إنك كنت في غرور يوم أُحد”.
فرد أبو سفيان وهو يتابع المشهد من أسفل وسط الصحابة: “دعك عنك هذا يا أبا العوام.. لو كان مع إله غير محمد غيره لكان غير ما كان”..
وصعد بلال بدوره في الكعبة وراح يرفع الآذان عالياً.. لتحقق رؤيا النبي محمد بعد عامين منها.. وتتحقق كذلك رؤيا إبراهيم من قدم القدم؛ فـ من الآن سيأتي الناس إلى الكعبة من كل فج عميق للتعبد للإله الواحد.
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد