حكاية آية (13) تأسيـس الدولة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد
حكاية آية
بعد انتهاء حظر التجول بمكة وعقب الفتح بيوم واحد. اجتمع النبي بأهل قريش، وصاح بهم: “يا أهل مكة ماذا تظنون أنني فاعلاً بكم؟”.
فقالوا: “أخ كريم وابن أخ كريم”.
فقال: “لا تثريب عليكم اليوم.. غفر الله لكم.. فأنتم الطلقاء.. إلا عشرة تقطع أرقابهم ولو تعلقوا بستائر الكعبة”.
وكان العشرة من بينهم: عكرمة بن أبي جهل، عبد الله بن خطل، مقيس بن صبابة، عبد الله بن سعد بن أبي سرح، الحُويرث بن نُوفيل. ومن النساء هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان وهي من أكلت كبد حمزة بن عبدالمطلب، وسارة التي قُبض عليها بالخطاب قبل دخول مكة.
ثم بدأ النبي في وضع التشريع الجديد الذي سيحكم مكة…
أولاً: تحريم الربا في التعاملات المالية فقال لهم: “ألا أن كل ربا في الجاهلية أو دم أو مال أو مأثرة تحت قدميّ إلا سدانة البيت وسقاية الحاج”.
ثانياً: دية القتل الخطأ مُغلظة فأصبحت 100 ناقة من بينهم 40 ناقة حامل.
ثالثاً: وحدة الجنس البشري والقضاء على النزعة القبائلية.. ” يا معشر قريش إن الله قد اذهب عنكم نخو الجاهلية وتكبرها.. الناس من آدم وآدم من تراب” ثم راح يتلو عليهم قول الله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)..
رابعاً: إعلان حرمة مكة المكرمة.. “إن مكة حرمها الله عز وجل ولا يحلها الناس.. لا يحل لمرء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً أو بنزع عنها شجرة.. فإن أحداً ترخص. فقولوا إن الله آذن لرسوله ولم يئذن لكم وإنما أذن لي فيها ساعة. وها قد عادت حرمتها اليوم.. وقد عادت حرمتها بالأمس وقد حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس.. فليشهد الشاهد الغائب”.. والمقصود هنا ليلة الفتح الماضية، فقد أذن الله لرسوله فقط بفتح مكة مع عدم القتال فيها لحرمتها وقد فعل ساعتها ولا يجوز لأحد أن يفعل ما حرمه الله وهو القتال بالبيت الحرام..
خامساً: الأخوة الإسلامية وشيوع مصطلح الأخ في الله..”المسلم أخو المسلم.. والمسلمون أخوة.. والمسلمون يد واحدة على من سواهم”.
سادساً: البينة على من أدعي واليمين على من انكر.. أي من لديه إدعاء لا بد وأن يأتي بدليل يدعم اتهامه.. أما من تُلقي عليه التهم فـ يجب عليه أن يؤدي اليمين وهو القسم بالله..
سابعاً: لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها.. أي لا يجوز للمرأة أن تتزوج زوج عمتها أو خالتها وهو ما كان يحدث في الجاهلية..
ثامناً: النهي عن صيام يوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحي..
تاسعاً: لا صلاة بعد العصر ولا صلاة بعد المغرب.
عاشراً: لا وصية لوارث..
أحد عشر: الولد للفراش وللعاهر الحجر.. والمقصود هنا ابن الزنا فهو ابن لمن تنسبه الأم لمن وقعوا بها. غير أنه بلا حقوق شرعية..
ثم انتهي النبي من مبايعية الرجال، ووضع أسس الحكم الجديد للعهد القادم، واتجه إلى نساء مكة كي يبايعين أيضاً.. وكانت من بينهن هند بنت عتبة..
وقال النبي لهن: “ألا تشركن بالله شيئاً.. ولا تزنن”
فردت هند: ” أوتزني الحرة؟”.
فتجاهلها النبي وواصل: “ولا تسرقن”.
فردت هند: “أوتسرق الحرة؟”.
فتابع النبي: “ولا تقتلن أبناءكم خشية إملاق”.
فقالت هند: “ربناهم صغاراً وقتلتهم أنت يا محمد كباراً”.. تقصد ابنها الذي قُتل بـ بدر.
فصاح بها النبي: “هند!”.
فقالت: “اعفو يا رسول الله.. لقد اسلمت”.
في تلك الليلة، عادت هند بنت عتبة إلى دارها وهي مذهولة بما رأته بالحرم وما فعله أتباع النبي محمد حتى أنها قالت: “ما رأيت الله يعبد حق عبادته إلا تلك الليلة.. والله ما باتوا غير مُصلين وركوعاً وسجوداً”..
ثم دخلت بيتها وحطمت صنم هُبل وهي تقول: “لقد كنت معك في غرور”.
ثم ذبحت كبش وآخر وأرسلتهما هدية للنبي.. ولكن، لمَ غفر لها النبي بعد أن حل رقبتها؟ وما الذي جري مع العشرة المطلوبين للقتل.. هذا ما سنعرفه في الحكاية القادمة…
الكاتب
-
عمرو عاشور
روائي وكاتب مقال مصري.. صدر له اربع روايات بالإضافة لمسلسل إذاعي.. عاشور نشر مقالاته بعدة جرائد ومواقع عربية منها الحياة اللندنية ورصيف٢٢.. كما حصل على عدة جوائز عربية ومنها جائزة ساويرس عن رواية كيس اسود ثقيل...
كاتب نجم جديد