حكاية سجن وكالة العنبريين .. أثر قديم مر بمراحل متعددة على مر الزمن
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد
يحكي علي باشا مبارك في كتابه الخطط التوفيقية عن وكالة العنبريين قائلا: ” تمتد وكالة العنبريين من مسجد السلطان الأشرف برسباى بشارع المعز لدين الله عند تلاقيه بشارع جوهر القائد والمبنى بتاريخ 1424م، وحتى مسجد الغورى بمنطقة الغورية، ويضم عددًا من الوكالات التجارية من بينها وكالة يعقوب بك التى تضم المئات من الدكاكين “الحوانيت” وحواصل معدة لبيع الأقمشة والحرير وبأعلاها مساكن، ونظارتها تحت يد خورشيد أفندى، ويضيف الوكالة لها بابان أحدهما بشارع الغورية والثانى بشارع التربيعة.
تاريخ إنشاء وكالة العنبريين
يرجع تاريخها إلى عام ١٢٧٣، وتعتبر وكالة العنبريين هى آخر وكالة بالقاهرة الفاطمية، وكذلك ترجع ملكيتها إلى يعقوب بك صبرى، وفق ما ورد فى كتاب “على باشا مبارك”، و توضح إحدى المخطوطات النادرة والتى تعود إحداها إلى عام ١٨٥٥ والمدونة بخط الريشة، بالإضافة إلى مخطوطة أخرى يعود تاريخها إلى عام ١٩٣١ والموجودة بدار المحفوظات المصرية والتى تعود لناظر الوقف مصطفى رشدى، يتحدث فيها عن تاريخ الوقف والمصارف التى ينفق عليه دخله.
سبب إنشاء الوكالة
فى عام ٥١٧ هجرية حينما أكمل الفاطميون إنشاء مدينتهم الملكية، وبالتحديد أى منذ أكثر من ٩٠٠ عام تقريبًا، وضعت اللبنة الأولى فى مبنى وكالة العنبريين، والتى تم بناؤها قبل عصر السلطان قلاوون بمائة وخمسين تحت مسمى “حبس المعونة” وهو ما يعرف حاليا بـ “السجن”، واستمر الحال بالمبنى حتى عصر الدولة العثمانية والتى قامت بتحويله إلى وكالة كبيرة لصناعة وبيع العطور، وكان أشهر تلك العطور هو “العنبر” ومن هنا جاء مسمى “وكالة العنبريين” نظرًا لانتشار محلات بيع العنبر.
حديث المقريزي
يقول المقريزي: إن “سوق العنبرين” كان في الدولة الفاطمية مكانه سجنا لأرباب الجرائم يعرف بحبس المعونة، و كان شنيع المنظر ضيقا لا يزال من يجتاز ه يجد منه رائحة منكرة،فلما كان في الدولة التركية و صار قلاوون من جملة الأمراء الظاهرية، صار يمر من داره الي قلعة الجبل علي حبس المعونة، فيشم منه رائحة رديئة ويسمع صراخ المسجونين وشكواهم الجوع والعري والقمل.
فتعهد علي نفسه إن جعل الله تعالي له من الأمر شيئا أن يستبدل مكان هذا الحبس بنشاط آخر ،فلما صار اليه ملك ديار مصر و الشام، هدم حبس المعونة وبناه سوقا أسكنه بياعي العنبر، وكان للعنبر إذ ذاك بديار مصر وجود و للناس فية رغبة زائدة،لا يكاد يوجد بأرض مصر إمرأة وإن سفلت إلا ولها قلادة من عنبر،وكان يتخذ منها المخاد والكلل والسطور وغيرها،وتجار العنبر يعدون من بياض الناس و لهم أموال جزيلة وفيهم رؤساء و أجلاء.
إقرأ أيضًا…الكرسي الرسولي في مصرقصة مراحل النقل من عام 61 حتى عام 2019
فلما صار الملك الي الناصر محمد بن قلاوون، جعل هذه السوق و ما فوقه من المساكن وقفا علي الجامع الذي أنشأه، إلا أن العنبر من بعد سنة سبعين وسبعمائة كثر فيه الغش، حتي صار إسما لا معني له وقلت رغبة الناس في إستعماله، فتلاشي أمر هذا السوق بالنسبة لما كان، ثم لما حدثت المحن بعد سنة ست وثمانمائة قل ترفة أهل مصر عن استعمال الكثير من العنبر فطرق هذا السوق ما طرق غيره من أسواق البلاد وبقيت فية بقية يسيرة الي ان خلع الخليفة المستعين بالله العباسي بن محمد في سنة خمسة عشرة وثمانمائة، وصار بعدها معطلا نحو سنتين ثم عاد اهل العنبر الي السوق علي عادتهم في سنة ثمان عشر وثمانمائة.
الكاتب
-
مصعب فرج
كاتب نجم جديد