حكاية قملة تسببت في فوز “شارل نيكول هنري” بجائزة نوبل
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يمتلئ الكون من حولنا بالكائنات الدقيقة التي لا تُرى بالعين المجردة، والتي على الرغم من صغرها المتناهي، إلا أنها تفعل بالإنسان الأفاعيل، وقد تتسبب في إحداث آلام وأمراض رهيبة، مثل مرض التيفوس الذي يُعرف أيضًا باسم ”الحمى النمشية”، وهو واحد من مجموعة من الأمراض المعروفة التي تسببها كائنات الريكتسية، التي تشبه البكتريا لكنها تسلك سلوك الفيروسات، حيث تقوم بإتلاف جدران الأوعية الدموية في جسم الإنسان بمجرد دخولها إليه، مما يؤدي إلى النزف والطفح الجلدي، وينقسم التيفوس لعدة أنواع مثل التيفوس الوبائي، والتيفوس القرادي، وتنتقل عدوى التيفوس عن طريق القمل والبراغيث والسوس، كما يمكنها الانتقال من الحيوانات إلى البشر، وقد كرس العالم شارل نيكول هنري أبحاثه وعلمه للبحث عن العلاقة بين التيفوس والقمل.
نشأته
شارل نيكول هنري
وُلد ” شارل نيكول هنري ” يوم 21 سبتمبر عام 1866م، بمدينة ”روان” الفرنسية، وتلقى تعليمه الجامعي في معهد باستور بمدينة باريس، ثم عاد إلى مدينة روان مرة أخرى ليمارس مهنته بها، وفي عام 1896م، تم طلبه للعمل في معهد باستور بتونس، وذهب بالفعل وكان مديرًا للمعهد منذ عام 1903م، وحتى وفاته، وهناك أجرى أبحاثه حول مرض ”التيفوس”، حيث تمكن من اكتشاف العلاقة بين القمل و التيفوس، وحصل على جائزة نوبل في الطب بسببها، وقام نيكول بتأليف بعض الكتب الأدبية والفلسفية، أشهرها “معجنات بيلوني”، و”اللصان”، و”حكايات مارموز” وغيرها.
المخرج مصطفى العقاد وجمال عبدالناصر “كيف ساهم الإعلام الناصري في اكتشافه ؟”
تيفوس القمل
يُعد تيفوس القمل من أكثر الأنواع انتشارًا، وهو معروف بعدة أسماء أخرى مثل التيفوس الوبائي، أو التيفوس التقليدي، وينتقل ذلك النوع من التيفوس عن طريق القمل البشري، وقديمًا تم ربط التيفوس الوبائي بفترات الحروب والمجاعات عبر التاريخ، حيث تنتشر القذارة وقلة النظافة، والتجمعات الكثيفة، وبالتالي يسهل انتقال القمل الملوث من شخص لآخر، وغالبًا ما يموت الجنود من التيفوس بأعداد كبيرة أكثر من أولئك الذين يموتون في القتال، فقد قُدر عدد ضحاياه بثلاثة ملايين شخص في روسيا خلال الفترة الثورية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى والتي استمرت من عام 1914-1919م، وفي الوقت الحالي ينتشر التيفوس الوبائي في أفريقيا وآسيا ووسط وجنوب أمريكا.
أعراض الإصابة بالتيفوس
تظهر الأعراض الأولية للتيفوس على هيئة صداع، غثيان، طفح جلدي، ثم يتطور الأمر لحمى، وارتفاع درجة حرارة الجسم إلى ما فوق 39 درجة مئوية، مما يسبب الهذيان، والقشعريرة، ثم يتحول الغثيان لقيء، وآلام حادة في البطن، وضعف هزال عام في الجسد، ومن مضاعفات مرض التيفوس الاصابة بالتهاب رئوي، ومشاكل في القلب، والدورة الدموية، ويكون الشفاء بطيئًا في العادة، لكنه في بعض الحالات يعطي مناعة تامة، إلا أن بعض الذين يشفون من التيفوس يحملون الجراثيم الحية في أجسادهم، وبعد سنوات يمكن لهذه الجراثيم أن تحدث نوبة جديدة من المرض.
وفاته
توفي نيكول في تونس العاصمة في 28 فبراير 1936م ودُفن بها، على قبره يمكن مشاهدة صورة غُصْنَي شجرة تفاح رمزًا لمدينة روان، مسقط رأسه، وشجرة زيتون رمزًا لتونس، بلده بالتبني، سمي مستشفى شارل نيكول بتونس باسمه تخليدًا لذكراه.
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال