حماية الدولة العثمانية على يد أوروبا .. قصة قرون التراجع
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
علاقات متشابكة من أجل حماية الدولة العثمانية جمعت أوروبا مع الآستانة، فرغم توسعات الباب العالي داخل القارة الأوروبية لكن بقيت تعقيدات التحالفات بينهما قائمة في خطٍ بياني اتخذ الشكل السياسي تارة وشكل المصلحة تارةً أخرى.
سليمان القانوني .. أب التحالفات الأوروبية العثمانية
مَثَّل سليمان القانوني شرعنة التحالف مع أوروبا من أجل حماية الدولة العثمانية، فتعاون بشكل سياسيٍ مع فرنسا ضد النمسا، وساهم هذا الحلف على ترجيح كفة العثمانيين على الإسبان في صراعهما على غرب المتوسط، كذلك لعب السلطان سليمان القانوني على وتر الخلافات الداخلية في المجر فأعطى المساعدات اللوجيستية لمنافس الملك النمساوي.
قبل رحيل السلطان سليمان القانوني توصل الفرنسيون والإسبان إلى اتفاقية كاتو كمبريسيس التي انتهت بتحالفهما ضد البروتستانت، فقررت الدولة العثمانية التحالف مع بريطانية وانتهى اتفاقهما بعد رحيل سليمان القانوني بمعاهدة امتيازات موجهة إلى لندن عام 1581 م.
القرن السابع عشر .. الأسوأ على الدولة العثمانية
كان القرن السابع عشر الميلادي كارثيًا على الدولة العثمانية، فالعلاقات الأوروبية المتشابكة في تفاصيلها جعلت أيدولوجية حماية الدولة العثمانية تتغير من فكرة الحليف السياسي إلى فكرة الدفاع عن استمرار الإمبراطورية العثمانية، خاصة مع توقف التوسع داخل أوروبا وتفاوت القدرات بينهما مع خسارة القرم وتهديد الشرق.
اقرأ أيضًا
الماسونية والدولة العثمانية .. من التغاضي حتى الاتحاد والترقي
ألقت ظلال التراجع في القرن السابع عشر على الوضع الاقتصادي العثماني مع أوروبا الذي أدى إلى نظام الاندماج بعد 3 معاهداتي كارلوفيتز عام 1774 م وكينارجيا عام 1774 م.
ومثلت معاهدة كارلوفيتز أوج التحالفات العثمانية الأوروبية بطرفيها البريطاني والهولندي مع الهزائم العسكرية التي تلقتها السلطنة بعد تحالف روسيا والنمسا وبولندا، وظلت لعبة التحالفات بين العثمانيين وأوروبا ضد النمسا قائمة حتى تحالف العثمانيين مع النمساويين ضد الروس.
اقرأ أيضًا
تاريخ بربروس الحقيقي بعيدًا عن أسلمة التاريخ وأردوغنته
أما معاهدة كينارجيا فتمت بمباركة فرنسية بريطانية من أجل مصالحهما الاقتصادية التي تأثرت سلبًا من حرب العثمانيين والروس والنمساويين وبريطانيا، ساندتا خلال تلك الفترة العثمانيين ضد الروس والنمساويين، حتى اندلعت الثورة الفرنسية بالتزامن مع قوة بريطانيا في الهند فتقوت العلاقة بين العثمانيين والإنجليز.
أيدولوجية أوروبا بشأن حماية الدولة العثمانية لخصهتا نادية محمود مصطفى في كتابها «العصر العثماني من القوة والهيمنة إلى بداية المسألة الشرقية» حيث أن أوروبا اعتبرت الدولة العثمانية منطقة الصراع الحساس لا ينبغي الاقتراب منها أو تهديدها إلا في وقت معين، وبالتالي فإن الوضع العثماني مرتبط بموازين القوى الأوروبية.
اقرأ أيضًا
إبراهيم باشا منقذ تركيا ومذلها .. من بيلوبونيز إلى الآستانة
ويدلل على ذلك تحالف انجلترا مع العثمانيين ضد الاحتلال الفرنسي لمصر عام 1798، ثم قيام بريطانيا وفرنسا بعمليات حماية الدولة العثمانية 3 في أعوام 1822، و1878،و 1856 م، ومثلت قمة القوة بين الحلف العثماني الأوروبي زمن معاهدة لندن ضد محمد علي باشا حتى سقطت مصر لاحقًا في الاحتلال الإنجليزي بعد فرمان عبدالحميد الثاني.
فصول نهاية حماية الدولة العثمانية
استنزف الفرنسيون والإنجليز قوة العثمانيين بالتحالفات فقرر الباب العالي التحالف مع دولة أوروبية جديدة وهي ألمانيا وظل التحالف بينهما قائمًا حتى زمن الحرب العالمية الأولى التي انتهت بزوال الدولة العثمانية وحليفها الألماني.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال